إستهلاك الكهرباء والماء ورفع الدعم

06/11/2017 3
مصطفى الإبراهيم

ضجت وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة أخيراً بالأنباء المتواترة عن تأجيل رفع الدعم عن أسعار منتوجات الطاقة المختلفة. و تباينت الأراء ما بين مؤيداً ومعارضاً لهذا التأجيل. ولعل ابرز ما طرح هو ما ذكر على لسان معالي وزير المالية الأستاذ محمد الجدعان بأن الهدف من التأجيل هو دعم القوة الشرائية للمستهلك المحلي في خضم أرتفاع ايرادات الدولة أخيراً نظراً لتحسن اسعار النفط ولفعالية القرارات الأخرى المطبقة.

في الوقت الذي ساهم إنخفاض القوة الشرائية بتباطؤ سرعة النمو الأقتصادي محلياً حتى بلغت السالب في الربعين الأولين من العام 2017 حسب المعلومات الواردة عن البنك الدولي. ولعل الإنخفاض الحالي هو نتيجة مباشرة لعلاج الأقتصاد من تشوهات طال الدهر عليها وقد يساهم تأجيل رفع الدعم بدفع عجلة النمو قليلاً في الفترة المقبلة إلا أن رفع الدعم قادم لا محالة. وذلك من أجل خلق بيئة إقتصادية مستدامة بعيدة عن تقلبات اسعار النفط. ولهذا وجب على الجميع عدم الإرتخاء لتأجيل رفع الأسعار الحالي. ووجب على المستهلك إستغلال الوقت حتى ذلك الحين للتعديل من عاداته الأستهلاكية مما يساهم بشكل رئيس بخفض تكاليفه المهدورة.

فعلى حسب الأحصائيات المنسوبة لوزارة المياه والكهرباء سابقاً (وزارة الطاقة حالياً) بلغ متوسط إستهلاك الماء من قبل الفرد العادي في المملكة 256 لتر يومياً في 2015 في المركز الثاث عالمياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. يرتفع معدل الأستهلاك المحلي كثيراً عن مستويات الاستهلاك المريح للشخص الذي تم تحديده بنحو 83 لتراً في اليوم وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

في الوقت الذي بلغ نصيب الفرد من استهلاك الطاقة الكهربائية 9.4 كيلو وات في الساعة خلال عام 2015 وفقاً للهيئة العامة للإحصاء مقارنة بالمعدل العالمي الذي يبلغ  4.2 كيلو وات في الساعة للفرد تقريباً. ويقع المعدل الإستهلاكي السعودي في المرتبة الخامسة عشر عالماً بعد عدد من الدول الصناعية الكبرى ودولة الخليج. وتبلغ فاتورة الإستهلاك المحلية من النفط الخام ما يقارب الأربعة مليون برميل يومياً من النفط مكافئ لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في وقت الذروة. في الوقت الذي لو خفض هذا الأستهلاك بالربع فقط لساهم برفع إيرادات الدولة بما يقارب الخمسين مليار ريال سنوياً.

وعلى الرغم من المبررات البيئية والإجتماعية والصناعية العديدة التي قد تسهم في إرتفاع قيمة إستهلاك الماء والطاقة في المملكة إلا أنا ما زلنا نفتقر للكثير بعد من ثقافة الأقتصاد في الإستهلاك. كما أن المستهلك مطالب بعدم الركون لمثل هذه المبررات للأبتعاد عن تقنين الأستهلاك الخاطئ. فحتى توصيات الدين الحنيف تأمرنا دوماً بالترشيد في استهلاك الموارد الطبيعة كما ورد في سورة الإسراء (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا).

وسائل ترشيد الإستهلاك متعددة ومتفاوتة في التكلفة وحتى وإن ارتفعت قيمتها الأولية فالعائد على المدى الطويل دائماً ما يكون مُجدي. فالجميع مواطن ومقيم مطالب بدراسة إستهلاكه من الموارد الطبيعية وترشيدها وتقنين الهدر غير اللازم وذلك من واجب وطني وديني وقيمي في نفس الوقت.

خاص_الفابيتا