لقد انخفض الطلب العالمي على البترول الخام من أكثر من 100 مليون برميل في اليوم إلى أقل من 75 مليون برميل في اليوم في أبريل. وبالتالي انخفض سعر البترول الخام من أكثر من 65 دولاراً للبرميل في يناير إلى أقل من 25 دولاراً في أبريل.
هذه الانخفاضات كانت - رغم معرفة سببها - مثار للجدل بين الناس. فالبعض يرى فيها البداية لنهاية العصر الذهبي للبترول. والبعض الآخر يرى فيها مجرد كبوة عابرة سيعود البترول بعدها لمواصلة سيره للعودة - أكثر قوة - إلى العصر الذهبي للبترول.
لا يوجد جهة مختصة مشهورة لم تُبدِ توقعاتها لسوق البترول بعد الجائحة. لكن لو رجعنا لتوقعات الوكالة الدولية للطاقة IEA (وهي من أشهر الجهات المختصة) نجد أن توقعاتها غير واضحة (بل متضاربة) ففي بعض تصريحاتها تقول بأن الطلب على البترول سيعود لطبيعته ويواصل نموه وسيتأخر وصوله ذروته (peaked) إلى زمنٍ غير منظور. ولذا تحذر وكالة الطاقة الدولية بأن العرض قد لا يتجاوب مع نمو الطلب على البترول بسبب عدم قُدرة شركات البترول الحصول على التمويل الكافي للاستثمار في البترول والغاز.
لكنها من جهة أخرى تقول وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على البترول قد ينخفض بمقدار تسعة ملايين برميل في اليوم العام 2025 عن الطلب لعام 2019.
بصرف النظر عن الذي تتوقعه مختلف الجهات المختصة. فلكل جهة طرقها البحثية الخاصة بناء على المعطيات المتوفرة لديها. لكن توجد المعطيات العامة المتاحة لجميع الباحثين. وتنقسم هذه المعطيات المتاحة للجميع إلى معطيات العرض ومعطيات الطلب.
مُعْطيات عرض البترول: جميع شركات البترول لكي تحافظ على استقرار احتياطياتها من الهيدروكربونات وعدم تآكلها المستمر. وبالتالي المحافظة على طاقتها الإنتاجية المستدامة على المدى الطول. ينبغي أن تقوم هذه الشركات بعملية مستمرة لتمويل تكاليف التنقيب والتطوير وثبات رأس المال. هذا قد يستغرق وقتاً طويلاً - قد يمتد إلى العام 2025 - كي تستطيع هذه الشركات تعويض الذي فقدته خلال الجائحة.
مُعْطيات الطلب على البترول: مُعْطيات الطلب العالمي على البترول أكثر تعقيداً من مُعطيات عرض البترول. ففي الوقت الذي تتركز معطيات العرض على العوامل الطبيعية. لكن معطيات الطلب متشابكة ويكتنفها الكثير من الغموض. سياسات الدول المستهلكة للتحول إلى المصادر المتجددة بالقدر الذي تستطيع أن تحققه التكنولوجيا والعوامل الاقتصادية. ناهيك عن النشاط المتصاعد لأنصار المناخ ومطالبتهم بالتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري الذي يلاقي التأييد الكامل من الدول الأوروبية لافتقادهم للبترول والغاز.
لكن المزايا التي يتفوق فيها البترول على المصادر الأخرى للطاقة (ليس فقط المواصلات بل وأيضاً الكيميائيات) وفارق التكاليف للحصول على برميل البترول والحصول على البرميل المكافئ من المصادر الأخرى يضمن للبترول عودته إلى عصره الذهبي.
نقلا عن الرياض