سيولة المصارف السعودية

09/06/2020 4
أحمد القفاري

أعلنت مؤسسة النقد مؤخرا عن برنامج جديد لإيداع 50 مليار ريال في البنوك السعودية بلا فائدة لمدة سنه. وعلى أنه مامن شك بأهمية إستقرار النظام المصرفي إلا أن البرنامج جاء كمفاجئة للمراقبين بإعتبار أن مؤشرات السيولة في المصارف مازالت تشير إلا بقائها في مستوى جيد ( وإن كانت 3 من البنوك كما صرح بذلك المحافظ قد وصلت للحد الأعلى من نسبة القروض إلى الودائع، أي 90%). وربما أرادت مؤسسة النقد أن تستبق شحا بالسيولة ربما يحدث في الأشهر القادمة مع انكشاف البنوك على الشركات السعودية التي واجهت ومازالت تواجه مصاعب مالية بسبب جائحة كورونا وخصوصا تلك البنوك المنكشفة على شركات في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وإن كان الدافع من وراء هذا البرنامج هو إستباق أي تدهور مستقبلي فكان من الأحرى أيضا أن تضطلع البنوك بدورها في المحافظة على مستويات سيولة جيدة أو أن تدفعها مؤسسة النقد إلى ذلك تشريعيا بعد أن إتضح منذ أوائل مارس أنها جائحة وأن الإقتصاد سيتأثر. وقد كان هذا ظاهرا، حتى أن مؤسسة النقد أعلنت في 14 مارس أيضا عن برنامج مختلف لدعم القطاع الخاص بمبلغ يصل إلى 50 مليار ريال. وفي الوقت الذي أوعزت (أو ألزمت تشريعيا) فيه البنوك المركزية حول العالم (ومنهم بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي) إلى البنوك بعدم توزيع أرباح أو تجميد مستوياتها ، وزعت البنوك السعودية أكثر من 14 مليار ريال وسط الجائحة! وعلى الأقل فإن بنكا واحد وزع أرباح رغم وصوله وتجاوزه الحد الأعلى من نسبة القروض إلى الودائع. ويتضح هذا من خلال الجدول أدناه، فهناك بنكين فقط لم يوزعا أي أرباح نقدية بينما صرح محافظ مؤسسة النقد بأن 3 بنوك تجاوزت الحد الأعلى.

التوزيعات (مليون)

تاريخ التوزيع

تاريخ الاستحقاق

البنك

3750

07/04/2020

29/03/2020

الراجحي

3600

09/04/2020

31/03/2020

الأهلي

1650

08/04/2020

25/03/2020

الرياض

1394

13/04/2020

25/03/2020

سامبا

1234

05/05/2020

22/04/2020

ساب

1199.68

08/06/2020

13/05/2020

الفرنسي

750

13/04/2020

30/03/2020

العربي

375

04/05/2020

26/04/2020

البلاد

246

15/05/2020

15/04/2020

الجزيرة

-

-

-

الاسثتمار

-

-

-

الانماء

14198.68

-

-

المجموع


لطالما إعتمدت البنوك السعودية على مؤسسة النقد في دعم السيولة (من خلال عمليات الريبو وأذونات ساما)، وعلى أن البنك المركزي يجب أن يضطلع بدوره كممول الملاذ الأخير (lender of last resort) إلا أن البنوك يجب أن تنوع من مصادر تمويلها (لاتمثل المطلوبات بين المصارف سوى 1.6% من مجمل مطلوبات البنوك وهي أحد المؤشرات على صغر حجم هذا السوق كمصدر للتمويل والسيولة وهو أمر يمكن للبنوك تغييره) بدلا من الإعتماد بقدر كبير جدا على الودائع قصيرة الأجل ( تشكل هذه  64% من إجمالي الودائع) كما يجب أن تشارك في دورها في الإحتياط للمخاطر الجانبية (Tail risk). على أنه لايمكن بحال وصف جائحة كورونا بهذا ، فعلى الرغم من أنها جاءت مباغته إلا أن تواريخ الإستحقاق في التوزيعات أعلاه كلها في آخر شهر مارس أو بعد ذلك أي بعد إتضاح كل شيء. لكن مع ذلك قررت البنوك المضي في قرارات توزيع الأرباح ولم تفعل المؤسسة شيء  لإيقافها.

ولطالما أرادت المؤسسة أن يبقى السوق حرا، إلا أن المؤسسة لايجب أن تعتقد بأن هذا يعد تغولا في السوق فهاهي البنوك المركزية حول العالم اتخذت هذا الإجراء  بل أن بعضها طلب إيقاف التوزيعات لمعظم سنة 2020 وهاهي المؤسسة تعود لتتدخل على أية حال وتضخ 50 مليار ريال مجانية في النظام المصرفي. ربطت بعض البنوك المركزية والحكومات حزم الدعم بإلتزام الشركات بعدم توزيع أية أرباح وبعضها أيضا طلب عدم زيادة مكافات التنفذيين. وعلى أن مكافات التنفيذيين لن تشكل فارقا يذكر في مجمل السيولة في النظام المصرفي إلا أنه كان سيُظهر مدى إلتزام البنوك تجاه النظام. غير أن بعض البنوك السعودية أعلنت أيضا عن برنامج إعادة شراء الأسهم (Share buyback) لتمنح للتنفيذيين لاحقا كجزء من حزم المكافات.

تنويع البنوك السعودية لمصادر تمويلها والمشاركة في تعميق سيولة أدوات الدين الحكومية من صالح البنوك في المقام الأول. فهذا يعني أنها ستستطيع الحصول على تمويل بسرعه متى ما احتاجت إليه وكذلك ربما يخفف هذا من تذبذب الفائدة بين البنوك (SIBOR). هذا التطور يجب أن يحدث بسرعه وتمسك البنوك بهذا النموذج البنكي البسيط قد لايكون من مصلحتها على أية حال. فهاهي الخدمات البنكية البديلة من شركات أخرى تظهر تباعا، وعلى أن هذا لايعد خطرا آنيا على البنوك إلا أنه يجب عليها أن تقود التحول (وإن كان الحديث هنا يتعلق بجانب السيولة فقط). فالتحول من خلالها أسرع وأكثر كفاءة للجميع. وأخيرا يصبح تدبر أمر السيولة أكثر إلحاحا مع النمو العظيم للقروض العقارية (طويلة الأجل) وكذلك النمو المستمر للقروض الإستهلاكية. فعلى الرغم من أن القروض العقارية نمت بمعدل 15% سنويا لاخر عشر سنوات إلا أن الودائع لأجل لم تنمو أصلا فبعد أن كانت تشكل مانسبته 30% من مجموع الودائع عام 2009 أصبحت وفقا لنشرة مارس 2020 تشكل 25% ونصفها تقريبا حكومية. وهذا بدوره ينعكس على البنوك سلبيا من خلال المشكلة الكلاسيكة في عدم تماهي آجال الأصول والمطلوبات.

خاص_الفابيتا