حينما يسقط الاقتصاد العالمي في هاوية عميقة؛ كالتي سقط فيها خلال الفترة الراهنة، وتتحول الخيارات المتاحة أمام متخذي السياسات الاقتصادية حول العالم إلى ما يشبه حبات الخرز المتساقطة، إن لم تلتقطها في الوقت المناسب قبل أن تفقدها ويفوت وقتها، يبقى حظك المحدود جدا قائما مع ما يليها من حبات متساقطة بسرعة فائقة حتى تصل إلى الحبة الأخيرة، ومع كل حبة تسقط دون اقتناص في الوقت المناسب، تتعاظم التكلفة أو الخسارة على كاهلك، وقد تصل إلى الرقم الأعلى تكلفة في حال فات عليك جميع الفرص التي كانت متاحة؛ لتتحول ومصيرك حينئذ إلى ما يشبه جذع شجرة جرفها سيل جارف في مساره غير المعلوم النهاية.
في ظل الأوضاع الراهنة لعموم الاقتصادات حول العالم، بالغة الصعوبة بشكل لم يسبق له مثيل منذ الكساد الكبير خلال ثلاثينيات القرن الماضي، يدخل مخططو السياسات الاقتصادية في مختلف دول العالم في سباق محموم مع هدير الرياح العاصفة للأزمة الاقتصادية العالمية، وفوق أمواجها الهادرة بصورة شديدة جدا، ساعين بكل ما توافر لديهم من إمكانات وموارد إلى المحافظة قدر الإمكان على مقدرات اقتصاداتهم ومجتمعاتهم، وللخروج من معترك هذه المرحلة العاصفة للاقتصاد العالمي بأقل قدر من الخسائر المادية والاجتماعية، والبدء لاحقا بعد انجلاء الأزمة بعمليات واسعة جدا في إصلاح ومداوة جميع ما خلفته من خسائر وأضرار في جسد الاقتصاد والمجتمع، والخطوة الأخيرة تلك لا يمكن أن تتحقق إن لم يتبق لدى مخططي السياسات الاقتصادية الرصيد الاحتياطي اللازم والكافي من الموارد والإمكانات، الذي لا يمكن أن يتوافر إلا لمن أحسن اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة في وقتها سابقا، وإن اقترنت بمستويات معينة من الآلام والأوجاع الآنية، وكل ذلك هربا من الوقوع فريسة لما يمكن وصفه بالنهاية الصعبة فعليا لكل من هرب من تلك الآلام الآنية، وقبل أن يدرك الآثار الوخيمة جدا لمثل ذلك الهروب القاتل.
ذلك باختصار شديد جدا؛ التفسير السريع للمشهد العام الذي تتحرك في حدوده السياسات المالية والاقتصادية محليا منذ انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19"، بدءا من الزخم الضخم لحزمة إجراءات دعم ومساندة الاقتصاد الوطني عموما، والقطاع الخاص خصوصا بكلفة ناهزت الـ 180 مليار ريال، وصولا إلى التدابير القوية الأخيرة للترشيد المالي التي تم اتخاذها الأسبوع الجاري، وتستهدف توفير نحو 100 مليار ريال حتى ما قبل نهاية العام المالي الراهن، وقد ترتفع الحصيلة مع انتهاء أعمال اللجنة الوزارية المشكلة لأجل دراسة المزايا المالية لمن لا يخضعون إلى نظام الخدمة المدنية، وما قد يستجد من إجراءات وتدابير خلال ما تبقى من العام المالي الجاري، وخلال العام المالي المقبل؛ إن استمرت فصول الأزمة الاقتصادية الراهنة صعودا أو هبوطا في وتيرتها، وحسبما تؤول إليه من مستجدات غير معلومة حتى تاريخه.
إنها المرحلة الزمنية بالغة الصعوبة على جميع اقتصادات ومجتمعات العالم المعاصر، وصلت ويلاتها الهائلة إلى إفلاس كبرى الشركات والمصارف وفقدان الملايين من البشر وظائفهم، وخضوع أجزاء عديدة وواسعة من المجتمعات حول العالم في قبضة المجاعات والفقر، إلى آخر فصول الآثار القوية اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وبيئيا لهذه الأزمة العالمية الأعنف منذ الكساد الكبير. واقع كهذا فرضته هذه الجائحة للفيروس رغم الجميع على أصقاع العالم كافة، لا بد أن تقترن بأي خيارات أو حلول للنجاة من آثارها الوخيمة درجات معينة من الآلام والانعكاسات الموجعة، التي رغم قساوة وقعها اقتصاديا واجتماعيا وفق تلك المسارات؛ إلا أن الأغلب يدرك تماما أنها تظل أدنى بكثير من الأوضاع النهائية المدمرة فيما لو تم السماح للأزمة العالمية تلك ببلوغها غايتها القصوى دون أي تدخل أو ردع، يؤكد هذا الوعي المجتمعي العالي جدا محليا ودوليا، الارتفاع الذي وصلت إليه درجة الالتزام المسؤول من جميع المجتمعات حول العالم، بجميع الإجراءات الصحية الاحترازية التي اتخذتها الحكومات.
ختاما؛ تمثل جوهر النجاح الذي تحقق لبلادنا حتى تاريخه - بحمد الله -، في إطار المواجهة الحاسمة ضد انتشار الجائحة العالمية "كوفيد - 19"، في انطلاقه من الإنسان أولا وآخرا، وأنه العامل الأساس لنجاح أي جهود تستهدف حماية مقدرات البلاد والعباد، وهو الأمر الذي أدركه قليل من دول العالم المعاصر، وهو أيضا أساس الفوارق الكبيرة جدا التي شهدها ويشهدها المجتمع الدولي خلال الفترة الراهنة، حال النظر إلى أوضاع الدول والمجتمعات التي نجحت في تخفيف حدة آثار وتبعات انتشار الوباء، وأخرى شهد العالم كله سقوطها المروع في كوارث إنسانية ومجتمعية هائلة قبل الآثار الاقتصادية والمالية الوخيمة، وهو ما ترسخت حقيقته الجلية في وعي جميع الأفراد من مواطنين ومقيمين على حد سواء، الذي يشد بدوره من أزر القائمين على تلك الجهود والإجراءات، وأن نعبر جميعا جسر النجاة فوق مسار هذه الأزمة العالمية بسلام تام، وبأقل قدر ممكن من الخسائر والتكاليف، متأهبين إلى ما بعد انجلائها بإيمان راسخ كجبال السراة إلى مستقبل أفضل لبلادنا وأهلها، تحت قيادة رشيدة من لدن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - أيدهما الله -.
نقلا عن الاقتصادية
في ظل الأوضاع الراهنة لعموم الاقتصادات حول العالم، بالغة الصعوبة بشكل لم يسبق له مثيل منذ الكساد الكبير خلال ثلاثينيات القرن الماضي، يدخل مخططو السياسات الاقتصادية في مختلف دول العالم في سباق محموم مع هدير الرياح العاصفة للأزمة الاقتصادية العالمية، وفوق أمواجها الهادرة بصورة شديدة جدا، ساعين بكل ما توافر لديهم من إمكانات وموارد إلى المحافظة قدر الإمكان على مقدرات اقتصاداتهم ومجتمعاتهم، وللخروج من معترك هذه المرحلة العاصفة للاقتصاد العالمي بأقل قدر من الخسائر المادية والاجتماعية، والبدء لاحقا بعد انجلاء الأزمة بعمليات واسعة جدا في إصلاح ومداوة جميع ما خلفته من خسائر وأضرار في جسد الاقتصاد والمجتمع، والخطوة الأخيرة تلك لا يمكن أن تتحقق إن لم يتبق لدى مخططي السياسات الاقتصادية الرصيد الاحتياطي اللازم والكافي من الموارد والإمكانات، الذي لا يمكن أن يتوافر إلا لمن أحسن اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة في وقتها سابقا، وإن اقترنت بمستويات معينة من الآلام والأوجاع الآنية، وكل ذلك هربا من الوقوع فريسة لما يمكن وصفه بالنهاية الصعبة فعليا لكل من هرب من تلك الآلام الآنية، وقبل أن يدرك الآثار الوخيمة جدا لمثل ذلك الهروب القاتل.
ذلك باختصار شديد جدا؛ التفسير السريع للمشهد العام الذي تتحرك في حدوده السياسات المالية والاقتصادية محليا منذ انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19"، بدءا من الزخم الضخم لحزمة إجراءات دعم ومساندة الاقتصاد الوطني عموما، والقطاع الخاص خصوصا بكلفة ناهزت الـ 180 مليار ريال، وصولا إلى التدابير القوية الأخيرة للترشيد المالي التي تم اتخاذها الأسبوع الجاري، وتستهدف توفير نحو 100 مليار ريال حتى ما قبل نهاية العام المالي الراهن، وقد ترتفع الحصيلة مع انتهاء أعمال اللجنة الوزارية المشكلة لأجل دراسة المزايا المالية لمن لا يخضعون إلى نظام الخدمة المدنية، وما قد يستجد من إجراءات وتدابير خلال ما تبقى من العام المالي الجاري، وخلال العام المالي المقبل؛ إن استمرت فصول الأزمة الاقتصادية الراهنة صعودا أو هبوطا في وتيرتها، وحسبما تؤول إليه من مستجدات غير معلومة حتى تاريخه.
إنها المرحلة الزمنية بالغة الصعوبة على جميع اقتصادات ومجتمعات العالم المعاصر، وصلت ويلاتها الهائلة إلى إفلاس كبرى الشركات والمصارف وفقدان الملايين من البشر وظائفهم، وخضوع أجزاء عديدة وواسعة من المجتمعات حول العالم في قبضة المجاعات والفقر، إلى آخر فصول الآثار القوية اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وبيئيا لهذه الأزمة العالمية الأعنف منذ الكساد الكبير. واقع كهذا فرضته هذه الجائحة للفيروس رغم الجميع على أصقاع العالم كافة، لا بد أن تقترن بأي خيارات أو حلول للنجاة من آثارها الوخيمة درجات معينة من الآلام والانعكاسات الموجعة، التي رغم قساوة وقعها اقتصاديا واجتماعيا وفق تلك المسارات؛ إلا أن الأغلب يدرك تماما أنها تظل أدنى بكثير من الأوضاع النهائية المدمرة فيما لو تم السماح للأزمة العالمية تلك ببلوغها غايتها القصوى دون أي تدخل أو ردع، يؤكد هذا الوعي المجتمعي العالي جدا محليا ودوليا، الارتفاع الذي وصلت إليه درجة الالتزام المسؤول من جميع المجتمعات حول العالم، بجميع الإجراءات الصحية الاحترازية التي اتخذتها الحكومات.
ختاما؛ تمثل جوهر النجاح الذي تحقق لبلادنا حتى تاريخه - بحمد الله -، في إطار المواجهة الحاسمة ضد انتشار الجائحة العالمية "كوفيد - 19"، في انطلاقه من الإنسان أولا وآخرا، وأنه العامل الأساس لنجاح أي جهود تستهدف حماية مقدرات البلاد والعباد، وهو الأمر الذي أدركه قليل من دول العالم المعاصر، وهو أيضا أساس الفوارق الكبيرة جدا التي شهدها ويشهدها المجتمع الدولي خلال الفترة الراهنة، حال النظر إلى أوضاع الدول والمجتمعات التي نجحت في تخفيف حدة آثار وتبعات انتشار الوباء، وأخرى شهد العالم كله سقوطها المروع في كوارث إنسانية ومجتمعية هائلة قبل الآثار الاقتصادية والمالية الوخيمة، وهو ما ترسخت حقيقته الجلية في وعي جميع الأفراد من مواطنين ومقيمين على حد سواء، الذي يشد بدوره من أزر القائمين على تلك الجهود والإجراءات، وأن نعبر جميعا جسر النجاة فوق مسار هذه الأزمة العالمية بسلام تام، وبأقل قدر ممكن من الخسائر والتكاليف، متأهبين إلى ما بعد انجلائها بإيمان راسخ كجبال السراة إلى مستقبل أفضل لبلادنا وأهلها، تحت قيادة رشيدة من لدن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - أيدهما الله -.
نقلا عن الاقتصادية