برنارد شو وجائزة نوبل

18/12/2020 1
عبدالله الجعيثن

عاش الأديب الإيرلندي المشهور (برنارد شو) ساخراً طوال حياته تقريباً..

عانى الفقر المدقع أول عمره بسبب احترافه الأدب ولكنه كان بسيطاً متقشفاً كعادة كثير من الايرلنديين..

يروي مترجم حياته (اندريه موروا) أن برناردشو ظل محترفاً للكتابة عشر سنوات لم يكسب خلالها سوى ستة جنيهات، منها أربعة جنيهات من صياغة الإعلانات التجارية، ويُفَصِّل (موروا) المكافآت التي حصل عليها ذلك الكاتب المبدع - في السنوات العشر الأولى من بداياته - كالتالي:

(٥) شلنات عن قصيدة طويلة نشرت له.

(١٥) شلناً عن مقال.

(١) جنيه واحد مقابل حقوق النشر لرواية طويلة.

(٤) جنيهات عن صياغة إعلانات تجارية..!

وبعدها اشتهر ذلك الكاتب وانتشرت مسرحياته ومقالاته وقصصه وعادت عليه بأموال طائلة.. ومع ذلك ظل على بساطته وتقشفه وسخريته..

وكان لاذع الجواب..

قال له مرة كاتب مغرور وهم في حفل:

أنا أفضل منك (يا شو) فأنا أكتب بحثاً عن الشرف وأنت تكتب بحثاً عن المال..

فرد فوراً..

صدقت كُلٌّ يبحث عما ينقصه!

فضج الحاضرون بالضحك وخرس ذلك الكاتب (ألقمه حجراً) كما تقول العرب..

وقال له مرة رجل ثري سمين أكول وهم أيضاً في حفل:

ما الفائدة من الشِّعر؟ إنَّ أي طباخ أفضل من كل الشعراء..

فقال (برنارد شو) فوراً:

هذا ما يفهمه أيُّ كلب في المدينة!..

ومع أن وقع كلمة (كلب) على أذن الغربي تختلف كثيراً عن وقعها على أذن العربي إلا أنها في هذا السياق تظل موجعة، فالحيوانات وحدها هي التي تهتم ببطونها فقط..

وفي إحدى الحفلات جلست بجانب كاتبنا امرأة جميلة جداً وقالت له:

ليتنا نتزوج يا (شو) فنأتي بولد في ذكائك وجمالي.

فقال:أخشى أن يأتي في جمالي وذكائك يا سيدتي!

وقد حصل (برنارد شو) على جائزة نوبل بعد أن جاوز الستين فرفضها وأبى أن يتسلم مكافأتها الكبيرة وقال:

(لا حاجة لي بها الآن فهي طوق نجاة يُقَدّم لي بعدأن وصلت بر الأمان، أين هي حين كنت أُصارع الأمواج؟!).

وكان يزدري المادة كلها، عاش أعزب زاهداً عاشقاً للكتابة والقراءة والسخرية، يقول في مذكراته وهو مليونير في السبعين من عمره: «.. لدي أموال كثيرة ولكن ما الذي أعمله بها؟.. لا أدخِّن ولا أشرب ولا آكل اللحم ولا أحب القصور وأثقل ما على نفسي دعوة أهل القصور لي وحفلات البذخ.. إنني حين كنتُ فقيراً كنتُ غنياً لأن المكتبات العمومية مفتوحة لي والمتاحف العامة ترحب بي والقلم والورق متاح لي، إن مصدر سعادتي حين أصبحت غنياً هي مصدر سعادتي حين كنت فقيراً وهي أن أقرأ في كتاب وأن أستجيب لرغبة الكتابة إذا هزَّتْ نفسي».


نقلا عن الرياض