بدأت تداعيات الانتشار العالمي لفيروس كورونا "كوفيد-19" المستجد، تطال كافة القطاعات الحيوية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة على السواء، في حين تتعالى التحذيرات الدولية من التبعات السلبية لهذا الوباء على الاقتصاد العالمي بشكل عام. وبحسب التوقعات الأخيرة الصادرة عن "المعهد الدولي للتمويل"، إن الاقتصاد العالمي سيشهد انكماشاً خلال العام الجاري تصل نسبته إلى 2.8%، في وقتٍ لا تزال دول العالم عاجزة حتى الآن عن احتواء الفيروس ومجابهة تأثيراته الصحية والاقتصادية السلبية.
وبعد أن كان المعهد قد توقع في وقت سابق أن يشهد عام 2020 نمواً مقداره 2.6%، قبل أن يعود ويرجح أن تشهد الأسواق الناشئة انكماشاً حاداً في النمو الاقتصادي هذا العام نتيجة تداعيات الأزمة الصحية الحالية، تبدو المرحلة المقبلة صعبة للغاية بالنسبة للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة. ويرى محللون اقتصاديون بأن هذه الشركات قد تكون المتضرر الأكبر من فيروس "كورونا"، في ضوء تباطؤ الحركة التجارية والاستثمارية العالمية التي تضع تحديات جمة على صعيد تحقيق التوازن بين العرض والطلب وتوافر السيولة المالية لسداد التكاليف التشغيلية وضمان استمرارية العمل.
ومع تنامي التحديات التي تعيق نمو واستمرارية الشركات الناشئة في الوقت الراهن، وفي ظل انخفاض أسعار النفط التي تؤثر بشكل مباشر على أداء قطاعات الأعمال، يبقى التحدي الأبرز نقص التمويل اللازم لمواصلة العمليات التشغيلية، في وقتٍ تشهد فيه الاقتصاديات كافة تراجعاً في معدلات الاستهلاك وتعطل سلاسل الإمداد وتباطؤ النشاط الاقتصادي.
ووفرت دولة الإمارات أطر داعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث أطلق "المصرف المركزي" خطة دعم اقتصادي شاملة بتكلفة 100 مليار درهم موجّهة للعملاء من الأفراد والشركات المتضررة من وباء "كورونا"، حيث خصصت حكومة أبوظبي 3 مليار درهم لبرنامج الضمانات الائتمانية لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في ظل تفشي الوباء العالمي، فضلاً عن إصدار قرار بإيقاف العمل بكفالات العطاء لتخفيف الأعباء المالية على الشركات وإعفاء الشركات الناشئة من كفالة حسن التنفيذ للمشاريع التي تصل قيمتها إلى 50 مليون درهم.
أما في السعودية، تقوم مؤسسة النقد العربي السعودي حالياً بإعداد برنامج بقيمة 50 مليار ريال تمكين القطاع الخاص في خضم انتشار فيروس كورونا المستجد، مع التركيز على دعم تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، وفق تسهيلات عدة تشمل تأجيل الدفعات وتمويل الإقراض ودعم ضمانات التمويل.
من جهتها، أقرّت الكويت أيضاً حزمة متكاملة من الإجراءات الداعمة للاقتصاد الوطني، حيث أعلن "بنك الكويت المركزي" عن إنشاء صندوق مالي بقيمة 10 مليون دينار كويتي تموله المصارف الكويتية من أجل تعزيز الاستجابة للحالات الطارئة ذات الصلة بـ "كوفيد-19". كما تم تبني قرارات جديدة لدعم الشركات الناشئة في مواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن انتشار فيروس "كورونا" عالمياً، حيث اتخذ "اتحاد المصارف" قراراً بتأجيل تسديد أقساط القروض والتسهيلات الائتمانية لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة لمدة 6 شهور، مع إلغاء الفوائد والأرباح المترتبة على التأجيل. كما أقرّ مجلس الوزراء حزمة دعم اقتصادي للتخفيف من وطأة التداعيات، بما فيها منح قروض بشروط ميسرة وطويلة الأجل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن تقديم إعفاءات حكومية للشركات المتضررة في القطاعات الاقتصادية الحيوية والمنتجة.
وبدأت سلطنة عُمان بتطبيق سلسلة من التدابير التحفيزية والاحترازية التي يُتوقع أن توفر سيولة إضافية تقدر بـ 8 مليار ريال عُماني، حيث وجّه "البنك المركزي العُماني" بتأجيل أقساط قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المستحقة خلال الأشهر الست القادمة، مع إعفاء الشركات من رسوم تجديد السجلات التجارية لمدة 3 أشهر، إلى جانب توفير تسهيلات الإقراض للقطاعات المتأثرة، لا سيّما السفر والسياحة والرعاية الصحية.
وخطت البحرين خطوات مماثلة في تطبيق إجراءات تنظيمية للحد من التداعيات الاقتصادية لفيروس "كورونا"، حيث أعلن "مصرف البحرين المركزي" عن تأجيل الأقساط لمدة 6 شهور للجهات المتأثرة بالأزمة الراهنة، دون فرض أي رسوم أو فوائد إضافية.
وعلى الصعيد الدولي، سارعت دول وهيئات عدة حول العالم إلى اتخاذ إجراءات استباقية تدعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، باعتباره رافداً حيوياً من روافد الاقتصاد العالمي، حيث كشفت شركة "جوجل" عزمها على تقديم مساعدات بقيمة تتجاوز 800 مليون دولار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنظمات الصحية المتضررة جراء تفشي "كورونا"، وذلك على شكل تمويلات نقدية وأرصدة إعلانية مجانية على منصة إعلانات جوجل، كما اتخذت شركة "فيسبوك" من جهتها خطوة مماثلة مع إطلاق برنامج بقيمة 100 مليون دولار لمساعدة الشركات الصغيرة على تخطي العقبات الاقتصادية الحالية.
وفي ضوء الإجراءات المساعدة والداعمة التي تقوم بها الحكومات والشركات حول العالم لدعم هذا القطاع، يتطلب تجاوز الأزمة الحالية من الشركات الناشئة والصغيرة أن تتبنى بدورها إجراءات إنقاذية وفورية، لضمان الحفاظ على أكبر قدر ممكن من السيولة النقدية، مع التركيز على تعزيز مرونة التكاليف وتوجيه النفقات نحو المجالات ذات الأولوية وتأجيل تنفيذ أية خطط توسعية. وينبغي أيضاً الاستثمار بصورة أساسية في العمليات التي تحقق أكبر عائد على الاستثمار، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إعادة النظر في منهجيات العمل، مع التوجه نحو تبني نماذج "العمل عن بعد" و"العمل الحر" و"العمل بدوام جزئي"، والتي أثبتت كفاءة عالية في تخفيف العبء المالي والتشغيلي خلال مرحلة "كورونا".
خاص_الفابيتا
تصمد... دا عشم ابليس بالجنة ...اذا االثيران تتساقط صرعى فما بالك بالجديان والارانب