في الوقت الذي تتجدد خلاله صدمات الاقتصادات والأسواق يوما بعد يوم، وتتجدد معه مشاهدة أوجه الصدمة الظاهرة على وجوه الجميع مقابل شاشات الأسواق العالمية، والدهشة الكبيرة وهي تشاهد مستويات غير مألوفة للمؤشرات والأسعار لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية. ولا يقف الأمر عند مجرد تلك الصدمات الظاهرة على شاشات الأسواق، التي توشك على إنهاء شهرها الثالث من التقلبات الحادة جدا، بل تتجاوزه إلى ما هو أشد وطأة على الاقتصادات والمجتمعات، مع صدور مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي محملا بانكماشه الكبير، وتزايد أعداد العاطلين بمئات الملايين من العمال على مستوى أسواق العمل كافة، وتزايد أعداد الشركات والأفراد المتعثرين أمام المصارف والمؤسسات التمويلية، رغم سياسات الدعم الحكومية التي اتخذها أغلب حكومات العالم بتريليونات الدولارات، والممولة تقريبا بكاملها من سندات وديون حكومية جديدة على كاهل تلك الحكومات، ستضاف إلى الأرصدة المرتفعة السابقة على حكومات العالم التي تفوق 260 تريليون دولار.
قد يكون مبكرا جدا الحديث عن التكيف مع أشكال الكساد الاقتصادي العالمي، في وقت لم تنته حتى ساعته الفصول الدرامية التي تتهاوى معها كل أشكال وبنى الاقتصادات والأسواق حول العالم، ورغم التقديرات الأخيرة الأقرب للحدوث بانكماش الاقتصاد العالمي بأكثر من 3.0 في المائة، وانكماشه في الاقتصادات المتقدمة بأعلى من ضعف تلك النسبة، وتوقع ارتفاع معدلات البطالة بما لا يقل عن ثلاثة أضعاف مستوياتها الراهنة، إضافة إلى التوقعات بشطب أعلى من ثلث التجارة العالمية من المستويات التي وصلت إليها خلال العام الماضي، وما سيتزامن معه كل ذلك من صدمات ستضرب المؤسسات التمويلية والمصارف والشركات الاستثمارية، المؤكد أنه رغم كل تلك التوقعات المتحفظة وفقا للسيناريو الأساسي والأدنى من قبل صندوق النقد الدولي، إلا أن مجرد التفكير في تفاصيل آليات التكيف معها ينبئ عن آلام شديدة جدا على كاهل الاقتصادات والمجتمعات، قد يستغرق التعافي منها فترة تمتد من عامين إلى خمسة أعوام على أقل تقدير.
سيحمل هذا السيناريو الأدنى سوءا، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، كثيرا من الأثقال على كاهل الجميع حكومات، شركات، أفرادا، وبالتأكيد أن السيناريوهات الأخرى الأشد، ستحمل أثقالا أكبر و آلاما أشد مما هو محتمل وفقا للسيناريو الأول والأدنى، وليس الأمر هنا مثار دعوة للتشاؤم واليأس، بقدر ما أنه تفكير موضوعي في الخيارات المتاحة أمامنا جميعا في مواجهة التداعيات القاسية للأزمة العالمية الراهنة، وهي المسارات من التفكير والدراسة والبحث التي يجب الانعكاف عليها من قبل مختلف المختصين والمراقبين وجميع جهات اتخاذ القرار في مختلف المجتمعات والدول، والخروج منها بما يجب القيام به والعمل على تنفيذه في مواجهات تلك التطورات الجارية والمتوقعة، وهي المجالات من العمل والبحث والدراسة التي لا مكان فيها على الإطلاق لموضع قدم للعاطفة والأهواء، وأن تضع في مقدمة أولوياتها ضرورة المحافظة على التماسك الكلي للاقتصاد والمجتمع بأقل الخسائر والتكاليف، وألا تأتي خيارات الحلول والتدابير لمصلحة أقلية على حساب فئات وشرائح واسعة من الاقتصاد والمجتمع، وهي المبادئ اللازم الأخذ بها في جميع سيناريوهات مواجهة هذه الأزمة أو غيرها، التي رغم آلامها وأوجاعها الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها ستكفل تحقيق أنماط من التكيف رغم صعوبته مع آثار الكساد الاقتصادي العالمي.
كما سيكون من الأهمية بقدر عال لتجاوز أي تحديات محتملة، والتكيف بقدر أعلى من المرونة مع تلك المنعطفات القاسية للأوضاع الراهنة والمتوقعة مستقبلا، أن تقترن جميع السياسات والبرامج المعلنة التي ستتخذ بأعلى قدر ممكن من الشفافية والعدالة والمساواة، التي تأخذ في الحسبان المستويات المتباينة للدخل بين مختلف الأفراد، حيث يتم احتساب وتوزيع الأعباء والتكاليف بالنسبة والتناسب حسب مستوى الدخل، وتتركز الأعباء الكبرى على ذوي الدخول الأعلى، وتنخفض تدريجيا بانخفاض مستويات الدخل، بل يمكن العمل على تجنيب ذوي الدخل الأدنى والمحدود واستثناء تلك الشرائح من أي إجراءات سواء على مستوى خفض مستويات أجورها، أو مستوى زيادة الأعباء المعيشية عليها.
ختاما؛ يجب التأكيد أن أي إجراءات للتكيف مع مثل هذه الأوضاع الصعبة، هي إجراءات مهما جاهدت في مسعاها نحو التخفيف من حدتها وآثارها، ستظل مؤلمة على الجميع في جميع مساراتها، وستكون محصورة بعمر زمني لن يطول - بمشيئة الله - تعالى، ولا بد أن تعود الأوضاع عموما إلى طبيعتها المستقرة والمعتادة.
نقلا عن الاقتصادية
قد يكون مبكرا جدا الحديث عن التكيف مع أشكال الكساد الاقتصادي العالمي، في وقت لم تنته حتى ساعته الفصول الدرامية التي تتهاوى معها كل أشكال وبنى الاقتصادات والأسواق حول العالم، ورغم التقديرات الأخيرة الأقرب للحدوث بانكماش الاقتصاد العالمي بأكثر من 3.0 في المائة، وانكماشه في الاقتصادات المتقدمة بأعلى من ضعف تلك النسبة، وتوقع ارتفاع معدلات البطالة بما لا يقل عن ثلاثة أضعاف مستوياتها الراهنة، إضافة إلى التوقعات بشطب أعلى من ثلث التجارة العالمية من المستويات التي وصلت إليها خلال العام الماضي، وما سيتزامن معه كل ذلك من صدمات ستضرب المؤسسات التمويلية والمصارف والشركات الاستثمارية، المؤكد أنه رغم كل تلك التوقعات المتحفظة وفقا للسيناريو الأساسي والأدنى من قبل صندوق النقد الدولي، إلا أن مجرد التفكير في تفاصيل آليات التكيف معها ينبئ عن آلام شديدة جدا على كاهل الاقتصادات والمجتمعات، قد يستغرق التعافي منها فترة تمتد من عامين إلى خمسة أعوام على أقل تقدير.
سيحمل هذا السيناريو الأدنى سوءا، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، كثيرا من الأثقال على كاهل الجميع حكومات، شركات، أفرادا، وبالتأكيد أن السيناريوهات الأخرى الأشد، ستحمل أثقالا أكبر و آلاما أشد مما هو محتمل وفقا للسيناريو الأول والأدنى، وليس الأمر هنا مثار دعوة للتشاؤم واليأس، بقدر ما أنه تفكير موضوعي في الخيارات المتاحة أمامنا جميعا في مواجهة التداعيات القاسية للأزمة العالمية الراهنة، وهي المسارات من التفكير والدراسة والبحث التي يجب الانعكاف عليها من قبل مختلف المختصين والمراقبين وجميع جهات اتخاذ القرار في مختلف المجتمعات والدول، والخروج منها بما يجب القيام به والعمل على تنفيذه في مواجهات تلك التطورات الجارية والمتوقعة، وهي المجالات من العمل والبحث والدراسة التي لا مكان فيها على الإطلاق لموضع قدم للعاطفة والأهواء، وأن تضع في مقدمة أولوياتها ضرورة المحافظة على التماسك الكلي للاقتصاد والمجتمع بأقل الخسائر والتكاليف، وألا تأتي خيارات الحلول والتدابير لمصلحة أقلية على حساب فئات وشرائح واسعة من الاقتصاد والمجتمع، وهي المبادئ اللازم الأخذ بها في جميع سيناريوهات مواجهة هذه الأزمة أو غيرها، التي رغم آلامها وأوجاعها الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها ستكفل تحقيق أنماط من التكيف رغم صعوبته مع آثار الكساد الاقتصادي العالمي.
كما سيكون من الأهمية بقدر عال لتجاوز أي تحديات محتملة، والتكيف بقدر أعلى من المرونة مع تلك المنعطفات القاسية للأوضاع الراهنة والمتوقعة مستقبلا، أن تقترن جميع السياسات والبرامج المعلنة التي ستتخذ بأعلى قدر ممكن من الشفافية والعدالة والمساواة، التي تأخذ في الحسبان المستويات المتباينة للدخل بين مختلف الأفراد، حيث يتم احتساب وتوزيع الأعباء والتكاليف بالنسبة والتناسب حسب مستوى الدخل، وتتركز الأعباء الكبرى على ذوي الدخول الأعلى، وتنخفض تدريجيا بانخفاض مستويات الدخل، بل يمكن العمل على تجنيب ذوي الدخل الأدنى والمحدود واستثناء تلك الشرائح من أي إجراءات سواء على مستوى خفض مستويات أجورها، أو مستوى زيادة الأعباء المعيشية عليها.
ختاما؛ يجب التأكيد أن أي إجراءات للتكيف مع مثل هذه الأوضاع الصعبة، هي إجراءات مهما جاهدت في مسعاها نحو التخفيف من حدتها وآثارها، ستظل مؤلمة على الجميع في جميع مساراتها، وستكون محصورة بعمر زمني لن يطول - بمشيئة الله - تعالى، ولا بد أن تعود الأوضاع عموما إلى طبيعتها المستقرة والمعتادة.
نقلا عن الاقتصادية