يجتمع أغلب المبادرات وحزم الدعم الحكومي التي تم إقرارها منذ بدء مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19»، حول محور إبقاء الاقتصاد والقطاع الخاص صامدا في وجه التداعيات السلبية والكبيرة الناتجة عن انتشار هذا الفيروس. وحسبما تم إعلانه سابقا سيستمر العمل بتلك المبادرات والدعم لثلاثة أشهر مقبلة من تاريخ إقرارها، وهو الموعد الأقرب لزوال المخاطر الأكبر من انتشار الفيروس، ومن المؤكد أن المبادرات قد تشهد استمرار العمل بها في حال استمرت الأوضاع الراهنة لأطول مما كان متوقعا لها، وهو ما يبعث بكثير من الاطمئنان على الثقة في الاقتصاد وبيئة الأعمال المحلية، سواء على مستوى استقرار المنشآت أو مستوى المحافظة على الوظائف بالنسبة للعاملين والعاملات.
العمل والجهد الأكبر يتركزان على ما بعد زوال مخاطر انتشار الفيروس حيث أثبتت التجربة الأخيرة محليا ودوليا الحاجة إلى سياسات وبرامج اقتصادية مختلفة إلى حد بعيد عما اعتادت عليه، وأن الاقتصاد الوطني وقطاع الأعمال لدينا في الوقت الذي تمكنا خلاله من البقاء والصمود في وجه تداعيات انتشار الفيروس، بفضل من الله، ثم بفضل مبادرات ودعم الدولة - أيدها الله -، إلا أنهما أيضا كشفا طوال فترة انتشار الفيروس ومحاربة آثاره وتداعياته اقتصاديا واجتماعيا وماليا عن كثير من التشوهات التي من الأهمية معالجتها، ومن تلك التشوهات: (1) الارتفاع المفرط لأعداد العمالة الفائضة عن حاجة سوق العمل والاقتصاد، عدا مئات الآلاف من العمالة المخالفة. (2) الارتفاع الكبير للانكشاف المهني محليا على كثير من الوظائف بالغة الأهمية لدينا (الصحة، التجارة،
الاتصالات، النقل، المصارف، أمن المعلومات.. إلخ)، ولعل أهم تلك الجوانب الاستراتيجية ما يتعلق بقطاع الصحة (أطباء، ممرضين، ممارسين.. إلخ)، التي كشفت عن الضعف الكبير لمعدلات التوطين في تلك المجالات، وكشفت أيضا ارتفاع انكشافها على قليل من الدول في تلك المجالات، كمهنة التمريض - على سبيل المثال - التي تعتمد بنسبة مرتفعة جدا على إحدى الدول شرق الآسيوية. (3) انتشار عديد من المنشآت المتورطة في آفات التستر والغش التجاري، إضافة إلى التلاعب والتدليس في الأسعار وكثير من الممارسات المخالفة في السوق المحلية، محاولة دنيئة من المتورطين في إدارة تلك المنشآت لانتهاز أكبر قدر ممكن للأوضاع الاستثنائية الراهنة التي تمر بها السوق المحلية.
(4) ارتفاع حجم المديونيات المصرفية على كثير من الأفراد العاملين، والمقصود هنا ارتفاع مستويات استقطاعاتها الشهرية لأعلى من 50 في المائة من إجمالي الأجر الشهري، لفترات تمتد لأكثر من 20 عاما مقبلا، وهو ما ترتب عليه كثير من التحديات الجسيمة اجتماعيا وماليا، لولا لطف الله ثم تدخل الدولة - أيدها الله - بمبادرات الدعم والتخفيف من آثار الأزمة. (5) تدني تنوع القاعدة الإنتاجية لأغلب منشآت القطاع الخاص، إضافة إلى ضعف مساهمتها في توفير بعض السلع والخدمات الأساسية وذات الأهمية الاستراتيجية في مثل هذه الأزمات الحادة.
كل تلك المعطيات وغيرها مما يضيق به المجال لذكره هنا، سيترتب عليه بالأهمية القصوى انتهاج وإقرار سياسات وبرامج طويلة الأجل، تختلف كثيرا عما سبق العمل به طوال الفترات الماضية، تأخذ في اعتبارها الأول جوانب النمو الاقتصادي، ورفع معدلات التوظيف بالنسبة للموارد البشرية الوطنية، وفي اعتبارها الثاني جوانب القضاء على التشوهات التي تسبب وجودها في نشوء وارتفاع درجات مخاطر مواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد. وعلى الرغم مما قطعه الاقتصاد الوطني من أشواط إصلاحية وجذرية طوال الأعوام الأربعة الماضية،
استهدفت تعزيز تنويع قاعدة الإنتاج المحلية، وتخفيف الاعتماد المفرط على النفط، ومعالجة كثير من التشوهات الهيكلية التي طالما عاناها الاقتصاد الوطني طوال عقود ماضية، وأسهم وجودها حتى تاريخه في ترسيخ أقدام الاقتصاد الوطني في مواجهة عديد من التحديات الاقتصادية خارجيا ومحليا،
يمكن القول: إن ما تحقق منها قد أسهم جزئيا في النأي بدرجات مختلفة بمقدرات الاقتصاد الوطني، ونشاطاته المحلية عن التأثر بالرياح العاتية للأزمة الاقتصادية الراهنة، والتأكيد أيضا أن التطورات العكسية التي ظهرت عبر مختلف مؤشرات أداء الاقتصاد خلال الأزمة الراهنة، تثبت الحاجة القصوى إلى أخذ تلك التداعيات بعين الاعتبار في كل ما يختص بتلك البرامج والسياسات الإصلاحية والتطويرية، وهو الأمر الذي تتمتع به قياسا على الديناميكية التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية القائمة عليها بدءا من تصميمها وانتهاء بتنفيذها على أرض الواقع.
نقلا عن الاقتصادية
العمل والجهد الأكبر يتركزان على ما بعد زوال مخاطر انتشار الفيروس حيث أثبتت التجربة الأخيرة محليا ودوليا الحاجة إلى سياسات وبرامج اقتصادية مختلفة إلى حد بعيد عما اعتادت عليه، وأن الاقتصاد الوطني وقطاع الأعمال لدينا في الوقت الذي تمكنا خلاله من البقاء والصمود في وجه تداعيات انتشار الفيروس، بفضل من الله، ثم بفضل مبادرات ودعم الدولة - أيدها الله -، إلا أنهما أيضا كشفا طوال فترة انتشار الفيروس ومحاربة آثاره وتداعياته اقتصاديا واجتماعيا وماليا عن كثير من التشوهات التي من الأهمية معالجتها، ومن تلك التشوهات: (1) الارتفاع المفرط لأعداد العمالة الفائضة عن حاجة سوق العمل والاقتصاد، عدا مئات الآلاف من العمالة المخالفة. (2) الارتفاع الكبير للانكشاف المهني محليا على كثير من الوظائف بالغة الأهمية لدينا (الصحة، التجارة،
الاتصالات، النقل، المصارف، أمن المعلومات.. إلخ)، ولعل أهم تلك الجوانب الاستراتيجية ما يتعلق بقطاع الصحة (أطباء، ممرضين، ممارسين.. إلخ)، التي كشفت عن الضعف الكبير لمعدلات التوطين في تلك المجالات، وكشفت أيضا ارتفاع انكشافها على قليل من الدول في تلك المجالات، كمهنة التمريض - على سبيل المثال - التي تعتمد بنسبة مرتفعة جدا على إحدى الدول شرق الآسيوية. (3) انتشار عديد من المنشآت المتورطة في آفات التستر والغش التجاري، إضافة إلى التلاعب والتدليس في الأسعار وكثير من الممارسات المخالفة في السوق المحلية، محاولة دنيئة من المتورطين في إدارة تلك المنشآت لانتهاز أكبر قدر ممكن للأوضاع الاستثنائية الراهنة التي تمر بها السوق المحلية.
(4) ارتفاع حجم المديونيات المصرفية على كثير من الأفراد العاملين، والمقصود هنا ارتفاع مستويات استقطاعاتها الشهرية لأعلى من 50 في المائة من إجمالي الأجر الشهري، لفترات تمتد لأكثر من 20 عاما مقبلا، وهو ما ترتب عليه كثير من التحديات الجسيمة اجتماعيا وماليا، لولا لطف الله ثم تدخل الدولة - أيدها الله - بمبادرات الدعم والتخفيف من آثار الأزمة. (5) تدني تنوع القاعدة الإنتاجية لأغلب منشآت القطاع الخاص، إضافة إلى ضعف مساهمتها في توفير بعض السلع والخدمات الأساسية وذات الأهمية الاستراتيجية في مثل هذه الأزمات الحادة.
كل تلك المعطيات وغيرها مما يضيق به المجال لذكره هنا، سيترتب عليه بالأهمية القصوى انتهاج وإقرار سياسات وبرامج طويلة الأجل، تختلف كثيرا عما سبق العمل به طوال الفترات الماضية، تأخذ في اعتبارها الأول جوانب النمو الاقتصادي، ورفع معدلات التوظيف بالنسبة للموارد البشرية الوطنية، وفي اعتبارها الثاني جوانب القضاء على التشوهات التي تسبب وجودها في نشوء وارتفاع درجات مخاطر مواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد. وعلى الرغم مما قطعه الاقتصاد الوطني من أشواط إصلاحية وجذرية طوال الأعوام الأربعة الماضية،
استهدفت تعزيز تنويع قاعدة الإنتاج المحلية، وتخفيف الاعتماد المفرط على النفط، ومعالجة كثير من التشوهات الهيكلية التي طالما عاناها الاقتصاد الوطني طوال عقود ماضية، وأسهم وجودها حتى تاريخه في ترسيخ أقدام الاقتصاد الوطني في مواجهة عديد من التحديات الاقتصادية خارجيا ومحليا،
يمكن القول: إن ما تحقق منها قد أسهم جزئيا في النأي بدرجات مختلفة بمقدرات الاقتصاد الوطني، ونشاطاته المحلية عن التأثر بالرياح العاتية للأزمة الاقتصادية الراهنة، والتأكيد أيضا أن التطورات العكسية التي ظهرت عبر مختلف مؤشرات أداء الاقتصاد خلال الأزمة الراهنة، تثبت الحاجة القصوى إلى أخذ تلك التداعيات بعين الاعتبار في كل ما يختص بتلك البرامج والسياسات الإصلاحية والتطويرية، وهو الأمر الذي تتمتع به قياسا على الديناميكية التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية القائمة عليها بدءا من تصميمها وانتهاء بتنفيذها على أرض الواقع.
نقلا عن الاقتصادية