لم يعُد هناك زحام، الصمتُ يُخيم على الشوارع فلا تسمع إلا همسا، حركة الحياة شبه متوقفة في شتى أنحاء العالم، امتثالأ للإجراءات والتدابير الاحترازية التي فرضتها الدول لمواجهة وباء فيروس "كورونا" المستجد، الذي انطلق من مدينة ووهان الصينية في ديسمبر الماضي، وينتشر في العالم كالنار في الهشيم دون استثناء.
أصابت لعنة عدوى "كورونا" حتى كتابة هذا المقال أكتر من 1.4 مليون شخص وحصدت أرواح ما يتجاوز عن 80 ألف شخص على وجه الأرض، ومازال موسم الحصاد مستمراً، وترتفع أعداد الضحايا يوماً بعد آخر، مما قد تصبح أكبر كارثة صحية في التاريخ، إن لم يتم التوصل إلى لقاح للفيروس في أقرب وقت ممكن.
العالم يخوض حرباً فعلية مع "كورونا"، رصد المليارات من الدولارات لمواجهة تداعايتها، لكنها ليست حرباً تقليدية فالعدو غير مرئي ولا حاجة هنا للدبابات أوالصواريخ أوالطائرات، فالمعركة يقودها جنود أبطال من الأطباء والممرضين والعاملين في القطاع الصحي، سيذكر التاريخ جهودهم بحروف من نور، وستبقى تضحياتهم عالقة في الأذهان، ومستمرة حتى تنتهي هذه الحرب التي انهارت أمامها نظم التأمين الصحي في دول أوروبية، والتي لا يعرف أحد كيف ومتى تضع أوزارها إلا الله.
لا شك أن أزمة "كورونا" ستدفع الجميع لإعادة التفكير في ترتيب الأولويات، فالأمور لن تعود كسابق عهدها، بعد انتهاء الأزمة، وسيتغير العديد من المفاهيم وعلى رأسها مفهوم الأمن القومي، وقد يكون التركيز في المستقبل على اللقاحات أكثر منه على الأسلحة والقنابل النووية، فـ"كورونا" لن يكون آخر وباء يهدد البشرية (وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة).
فهل سيُعاد النظر في خصخصة المستشفيات الحكومية، ورؤيتها من منظور آخر بعيد عن حسابات الرأسمالية وعقلية التاجر التي لا تعرف سوى منطق الربح والخسارة، حتى لا نجد أنفُسنا أمام كيانات احتكارية تتاجر بآلام الناس وباحتياجاتهم في مثل هذه الأوقات العصيبة، مما يمثل تهديداً للأمن القومي.. ولنا في أزمة "كورونا" عبرة.
دُمتم سالمين..
خاص_الفابيتا
جزاكم الله خيراً على هذا المقال الجميل , ورمضان كريم عليكم وعلى الجميع , وفقكم العزيز ,
أعتقد بأن الخصخصة للقطاع الصحي الحكومي لن تكون عائقا من تقديم خدمات طبية للجميع ودون تفرقة، حتى في ظل الأوضاع "الصعبة" سواء كانت هنالك ممارسات إحتكارية أو محاولات تكسب وما إلى ذلك، في رأيي هنالك مبادئ تحكم تقديم الخدمات الصحية قبل المادة، ويعتمد هذا بطبيعة الحال على أسلوب المشرّع (وزارات الصحة) في إدارة العلاقة بين المستشفيات بأنواعها والمجتمع، وأيضا هنالك حالات خاصة تحكم طريقة تقديم الخدمة في أوقات وظروف معينة مثل الجوائح والكوارث والحروب لا قدر الله.