في كتابه الثمين جداً (حياة في الإدارة) ذكر القصيبي - تغمده الله برحمته- صعوبة بالغة في إدارة وزارة الصحة (كون المراجعون مرضى والمرافقون قلقين حريصين على أسرة لمرضاهم بسرعة فائقة..) كما قال تقريباً.. وأضاف هذه السطور التي تختصر معاناة وزارة الصحة في العالم كله:
(.. تصدر شهادة الميلاد والوفاة من وزارة الصحة التي تقوم - فوق ذلك - بمرافقة الإنسان عبر حياته، فيا لشقاء هذه الوزارة! ويا لعناء زبائنها! ويا لسوء حظ أولئك الذين شاء القدر أن يكونوا وزراء صحة!..).
وأقول رداً على هذا الأسلوب الموجز البليغ، بل يا لسعادة وزراء الصحة إذا أخلصوا وأبدعوا، فمن يعمل في وزارة الصحة - أيّا كان موقعه - بأمانة وإخلاص من أكثر الناس تقديراً في الدنيا وأجراً في الآخرة بإذن الله، لأن العمل في هذه الوزارة كبير المسؤولية شديد العناء، والأجر على قدر العناء، إذا استقصى العامل في تلك الوزارة أو غيرها من الجهات، جهده بإتقان وإبداع وإخلاص.
تمتاز وزارة الصحة عن غيرها بأنها تُعنى بأهم ما يحتاجه الناس - بعد الإسلام - وهو صحتهم، وشفاء مرافقيهم خاصةً الآباء والأبناء، ويزيد العبء والأجر إذا كان كثير من المراجعين قليلي الوعي - كما هي الحال في المجتمعات النامية - حيث لا يعتني كثيرون بصحتهم، ولا يلتزمون بالعادات الصحية، ولا يُجرون فحوصات دورية، ولا يراجعون المشافي - في كثير من الأحيان - إلا بعد استفحال المرض، هذا كله يجعل الأعباء تزداد ثقلاً على وزارة الصحة والعاملين فيها، والتحديات تصبح مضاعفة، وعلى قدر التحدي تكون الاستجابة لدى الأُمناء الممتازين بالاتقان والإبداع والإخلاص، الحريصين على نشر التوعية في المجتمع كله انتشار الشمس في الأرض، فريال من وقاية أفضل من ألف علاج، وهذا ما لمسناه في مكافحة مرض (كورونا) الذي وفد إلينا من جار السوء (إيران) فقد ضربت وزارة الصحة والجهات المعنية الأخرى مثلاً رقماً قياسياً قوياً في مكافحة هذا المرض بكل شفافية، والمأمول من المواطنين والإخوة الوافدين أن يكونوا على قدر تحدي الحدث وقاية وخاصة في النظافة التامة.
وللحق فإن وزارة الصحة لدينا شهدت تقدماً كبيراً في توعية الناس، وترغيبهم في السلوك الصحي، وأبدعت في نشر (مراكز الخدمة الأولية) المتواجدة في أنحاء المملكة ، فهي تُقدِّم الرعاية والعلاج للجميع بشكل عادل ، وتمثل سداًّ منيعاً - بإذن الله - يحمي المشافي المتخصصة من طوفان المراجعين ، لأنها تُعالج . جميع الحالات السهلة والتي كان أصحابها يزحمون المستشفيات المتقدمة، فلا يُحال لهذه المستشفيات إلّا من يحتاج لها بالفعل، يضاف إلى ذلك سهولة الحجز السريع عن طريق الهاتف (997) مع تقديم المشورة على مدى (24) ساعة هاتفيا، والتحوّل الرقمي لخدمات الوزارة وفق رؤية المملكة (2030) التي لا يقف أمام طموحها أي تحديات بإذن الله ..
الأعباء على وزارة الصحة في المملكة أكثر من الوزارات المماثلة في العالم تقريباً ، لوجود الحشود أثناء الحج والعمرة ، وضعف الوعي الصحي لدى الكثيرين ، وقاية وانتظاماً في العلاج والتزاماً بالعادات الصحية في السلوك والتريض والتغذية.ومساحة المملكة التي تشبه قارة، يُقابل ذلك دعم كبير لميزانية الوزارة، نأمل أن يزيد، وقلة في أعداد الأطباء والممرضين ، ينبغي مواجهته بتسهيل قبول السعوديين في كليات الطب، وتقديم حوافز للمواطنين من الممرضين والممرضات وتجنيس الكفاءات الطبية العاملة في المملكة ،وتقديم المزيد من الحوافز لإنشاء المشافي الخاصة.
متعنا الله وإياكم بالعافية ، وأعان الله وزارة الصحة ومنسوبيها على مواجهة التحديات.
نقلا عن الرياض