متى تكون الراحة نصف الرزق؟

06/03/2020 2
عبدالله الجعيثن

أعرف رجلين بينهما صداقة يتداولان في سوق الأسهم، الأول اختار، في توقيت مناسب، أسهم شركات استثمارية بعد دراسة وافية لمستقبل تلك الشركات بالكامل، ثم أغلق شاشة الأسهم نهائياً، وترك السوق تأخذ مجراها، واستمتع بحياته وهواياته، لا يُذكّره بسوق الأسهم إلّآ الرسائل التي تفيد بإيداع أرباحه في حسابه، فيشتري بتلك الأرباح المزيد من أسهم شركاته نفسها، وينسى السوق من جديد..

والآخر ركب أحصنة المضاربة وصار يراقب الشاشة بحرص، ويُحدِّق فيها تحديق قط في حجر فأر ينتظر خروجه لينقض عليه، لا يطرف له رمش ولا يهدأ له بال، وإذا أغلقت السوق قام بعمل رسومات مختلفة وأنواعاً من التحليلات الفنية، وتابع كل ما يستطيع من مواقع الأسهم والمنتديات، مُضحِّياً براحته وهوايته وحياته الأسرية والاجتماعية، يحس أنه يعمل بجد، وأنه يُحسن صنيعاً..

بعد مضي ثلاث سنوات فقط، أحسّ أخونا الذي اشغل نفسه بالمضاربة ليل نهار، بالتعب والإرهاق، والقلق وانعدام الراحة، فطلب من صديقه الذي اشترى بناء على دراسة جادة ثم نسي السوق وارتاح ومارس هواياته وعاش حياته، أن يرى الاثنان عائد المحفظتين، فإذا محفظة المضارب الحريص المتعب المضحي بوقته خسرانة ربع رأس المال، وإذا محفظة المستثمر الذي انتقى أسهمه بعناية ولم يشغل نفسه بها أبداً، قد حققت أرباحاً تزيد على الثلث، مع راحة الجسد والعقل والبال، وحسن الاستمتاع بالحياة..

الخلاصة أن (الراحة تكون نصف الرزق وأكثر) إذا أحسنّا اختيار أسهم الشركات، ثم لم نشغل أنفسنا بها، بل أسعدنا أنفسنا وأهلنا بالخلاص من التوتر والتعب والقلق، والاستمتاع براحة البال وجميل الهوايات .

المضاربة تشبه (لعبة القَرْش) (القِرْعة) صورة أو نقش، النتيجة 50 % في أفضل الأحوال، مع شدة التعب والإرهاق غير الأعصاب المشدودة، هذا إن كان المضارب بعيداً عن التسهيلات، أما إن اشتغل الطمع في نفسه واشتعل في خياله فقد يفقد - ليس راحته فقط - بل رأس ماله كله.

نقلا عن الرياض