من خلال مشاركاتي المتعددة في اجتماعات أوبك خلال الفترات الماضية، لم يمر على المنظمة ظروف ضبابية بشأن قراءتها لسوق النفط، وما يمكن اتخاذه من قرارات، مثل ما تمر به في اجتماعاتها الوزارية، نهاية هذا الأسبوع. فبعد أن كان الجميع مطمئناً نهاية العام الماضي إلى أنَّ أوضاع سوق النفط العالمية تسير نحو الأحسن، وأنّ أسعار النفط مستقرة، نجد أنه بحلول انتشار فايروس كورونا بدءاً من الصين، ومنها إلى العديد من الدول، وعدم معرفة الأسواق بتوقيت توقف هذا الانتشار، وبحجم الآثار المترتبة، على جميع الأسواق العالمية نتيجة كورونا، أخذت المخاوف تزداد؛ فالأسواق العالمية خسرت خلال الأسبوع الماضي وحده أكثر من ستة تريليونات دولار، ونزيفها لا يزال مستمراً، وسيظل ما استمر الفايروس يغرس أنيابه في مختلف أرجاء العالم. ثم رأينا كيف تنزف أسعار النفط، وبشكل كبير لتفقد خلال الأسبوع الماضي وحده أكثر من ثمانية دولارات للبرميل.
حساسية أسعار النفط بهذا الفايروس أتت من خلال تدهور الطلب العالمي على النفط، نتيجة إقفال العديد من أنشطة النمو الاقتصادي العالمي، والعزل الحدودي لكثير من الدول، وتوقف حركة السفر من وإلى الدول التي أصابها فايروس كورونا، وخاصة دول الأسواق التي تمثل معظم زيادات الطلب العالمي على نفطها، وهي التي تحرك الأسعار صعوداً وهبوطاً، وعلى رأسها الطلب العالمي من الصين وكوريا الجنوبية، والدول الصاعدة الأخرى.
كما أن حالة عدم اليقين التي تمر بها الأسواق وعدم معرفة مدة بقاء هذا الفايروس عالمياً، قد زادا من هلع الأسواق، وفاقما النزيف الذي تعاني منه ظنًّا بأنه لا مناص من تحوله وباءً عالمياً خلال الأيام القادمة.
وهذا الارتباك قد انتقل إلى وزراء الأوبك الذين تضررت دولهم بشكل مباشر وكبير، وهي الدول التي لا تزال تعتمد على الإيرادات النفطية بشكل شبه مطلق. لذا سيكون اجتماع الجمعة القادمة، اجتماعاً مصيرياً، خاصة في ظل وجود اختلاف في الآراء بين أعضاء تحالف «الأوبك بلس»، وهو أمر منطقي تعودنا عليه، لكن في ظل الهلع السائد، تحتد اللغة وقد يفسرها البعض أنها موجهة إلى هذه الدولة أو تلك.
فهناك من يرى أنه يجب خفض الإنتاج وبحجم كبير يصل إلى مليون برميل يومياً يوزع على جميع أعضاء التحالف، ليتم إنقاذ الأسعار من مزيد من التدهور، بينما ترى دول أخرى أن على تحالف أوبك الانتظار لحين محاصرة انتشار الفايروس وتراجعه عالمياً، وإلا فإن خطوة تخفيض الإنتاج النفطي لن تجدي إطلاقا في وقف نزيف الأسعار لدور المضاربات في استمرار نزيف الأسواق ومعه نزيف النفط وأسعاره.
وأنه قد نرى تحالف أوبك يعود بعد فترة ليطلب مزيداً من التخفيضات الإنتاجية، وسلسلة أخرى متتابعة نتيجة للهلع السائد. التخوف الآخر الذي يعيشه أعضاء التحالف هو أن استمرار خفض الإنتاج - والذي يفقد الدول التي تقوم به جزءاً من إيراداتها - قد يحسن الأسعار بنسبة أقل من الفقد الذي طرأ على الإيرادات؛ نتيجة خفض الإنتاج، فتكون النتيجة أن بقاءها دون خفض الإنتاج أفضل من الإقدام على قرار الخفض، وهذا ما يضيف حيرة إلى الحيرة المؤلمة لأعضاء التحالف.
وختاماً فوجهتا النظر المتعارضتان ستكونان على طاولة الوزراء، ولكل منها مبرراتها المنطقية، وفي رأيي المتواضع أنّ ما أوصت به اللجنة الفنية لدول التحالف قبل أكثر من أسبوعين بتعميق تخفيض تحالف «أوبك بلس» لإنتاجه النفطي بستمائة ألف برميل يومياً، قد يمثل القرار المناسب لهذا الاجتماع، تحسباً للحاجة إلى مزيد من التخفيض، وأيضاً مجاراة المضاربين الذين لا همّ لهم سوى تحقيق مزيد من الأرباح.
شكرا يا دكتور محمد. روسيا تتحجج بأن أي تخفيض يتبعه زيادة في الإنتاج الأمريكي وكأنك يابو زيد ما غزيت! طبعا هي وجهة نظر ولكنها كاذبة وروسيا تريد أن تطعن في اوبك في مقتل وبالذات السعودية ويهمها أن تنتقم منها بأي شكل بعد ما لقيه جيشها في أفغانستان حين دعمت السعودية الجهاد ضدها ومولته. عموما في الأوضاع العالمية الحالية حتى التخفيض سيكون والله أعلم ذا أثر وقتي قبل الهبوط الى العشرينات وربما أقل مع تهاوي الأسواق العالمية.