يحتل قطاع العقارات موقعاً متقدما في المبادرات الحكومية لما يمثله من أهمية اقتصادية بالغة ولما له من تأثير كبير في مؤشر التضخم، والمراقب للجهود التي تبذلها حكومة المملكة يرى نية واضحة وتعامل جدي مع المشكلات والفوضى والعشوائية التي كانت تسود السوق العقاري لفترة طويلة بسبب غياب الرقابة ودخول غير المختصين رغبة في الربح السريع على حساب المصداقية والمعلومات التي تقدم بأسلوب هزيل حتى أصبح من المتعارف عليه مهنة الوساطة العقارية هي مهنة من لا مهنة له، فضلا عن سيطرة العمالة غير المرخصة على حصة كبيرة من هذا القطاع.
في ديسمبر الماضي أطلقت الهيئة العامة للعقار مشروع تصنيف منشآت الوساطة العقارية؛ بهدف رفع مستوى أداء المكاتب العقارية وبناء قدرات العاملين فيها وإيجاد فرص عمل نوعية وتحسين جودة خدمات الوساطة العقارية من خلال التزام المكاتب المصنفة بالتدريب وبمعايير الهيئة لتأهيل العاملين لديهم واستخدام نماذج عقود التسويق المعتمدة من الهيئة لتحسين كفاءة الخدمات المقدمة والحد من الخلافات العقارية وخاصة في تحديد السعي وخدمات تسويق العقار، وسينعكس أثر ذلك على زيادة الموثوقية والقضاء على العشوائية كما سيسهم في زيادة توطين هذا القطاع بإيجاد فرص عمل نوعية للشباب والشابات السعوديين.
هذا التصنيف خطوة في الاتجاه الصحيح للوصول إلى قطاع عقاري أكثر نشاطاً وانضباطاً في السنوات المقبلة، ومن المؤمل أيضاً أن يتضاءل حجم البلاغات المسجلة على منشآت شركات الوساطة، التي تجاوزت 800 بلاغ خلال 6 أشهر، حين تتوفر قاعدة بيانات صحيحة عن المنشآت العقارية وتصحيح أنشطتها من خلال التحول الرقمي لإنجاز العمليات، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة وتطوير الأنظمة الإلكترونية.
التصنيف سيسهم بشكل كبير في تحقيق الحماية لمكاتب الوساطة المعتمدة وإبعاد المتلاعبين عن قطاع الوساطة العقارية، ما يضمن حماية حقوق جميع الأطراف ويلبي احتياجات المستفيدين من وجود قطاع موثوق ومنظم.
وأتاحت هيئة العقار للمنشآت الحصول على التصنيف عبر منصة التصنيف الإلكترونية بعد تطبيق معايير التصنيف التي من أهمها الالتزام بالعقود الموحدة، وهي تعني بوضوح ضبط العلاقة بين الأطراف المتعاملة لحفظ الحقوق، كما توفر الهيئة من خلال هذه المنصة خدمات لمنشآت الوساطة العقارية ومن ضمنها الحصول على تصنيف الهيئة وإمكانية البحث عن الشركات المصنفة حسب خدمات المنشآت المصنفة، بالإضافة إلى خدمة أتمتة العقود الموحدة (عقد التسويق الحصري، عقد الرغبة بالشراء) بشكل إلكتروني يلغي التعاملات الورقية، ويضمن حقوق كافة الأطراف، كما تصدر شهادة أو "وثيقة" التصنيف عبر المنصة بشكل آلي؛ لإثبات التزام منشأة الوساطة العقارية بالمعايير والاشتراطات المحددة.
إن تطبيق منشآت الوساطة للمعايير والاشتراطات التي حددتها الهيئة هي خطوة تمضي نحو تصحيح نشاط الوساطة العقارية برفع مستوى المهنية وضبط الأداء الذي يرجع لهذا القطاع العملاق كونه عنصراً اقتصادياً مهماً يعتمد عليه شريحة كبيرة من المتعاملين كمصدر دخل رئيسي، وحاجة المستفيدين إلى خدماتهم أيضاً بالطريقة التي تكفل للجميع حفظ الحقوق والالتزام بالمعايير التي تضمن تأهيل جيل جديد واعٍ من الوسطاء العقاريين يقدم خدماته بمهارة ومسؤولية.
وفي الختام يشكر للهيئة جهودها الرامية لتنظيم الأنشطة العقارية في المملكة، ومن ضمنها تصنيف منشآت الوساطة العقارية ورفع جودتها وكفاءتها وحفظ اقتصاد الوطن من المتلاعبين لمصلحة بائع أو مشتر أو للتأثير على اتجاه السوق.
خاص_الفابيتا