عشنا العام الماضي 2019 في ظل سيناريوهات محتملة لركود اقتصادي عالمي يطال جميع الدول ويستغرق فترة أطول مما كان عليه الوضع في ركود عام 2008. وكان التخوف الرئيسي هو من تباطؤ اقتصادات كثير من دول العالم، إضافة إلى سلسلة من حروب تجارية بدأت بين الاقتصادات الرئيسية، وبالذات تلك التي بين الولايات المتحدة والصين، ناهيك عن تعطل دور منظمة التجارة العالمية في الفصل بين مختلف النزاعات.
واستبشرت مختلف الأوساط الاقتصادية خيرا بتوقيع كل من الولايات المتحدة والصين المرحلة الأولى من اتفاق التجارة بينهما، وبالتالي تجميد أي تصعيد في فرض رسوم جمركية المتبادل بين البلدين، والاستمرار في مفاوضاتهما، لإبرام الاتفاق النهائي، والذي تم تأجيل التوصل إليه إلى مرحلة ما بعد الانتخابات الأمريكية نهاية العام.
ومنذ مجيء الرئيس ترمب، وهو يعيد بعثرة الملفات التجارية مع مختلف شركائه الرئيسين من دول العالم، والذين حسب اعتقاده لم تفلح الإدارات الأمريكية السابقة في التفاوض بشكل جيد يقلل من عدم التوازن في حسابات التكلفة والعائد، وأنها جميعا قد جاءت لصالح الأطراف الأخرى على حساب المصالح الأمريكية.
ودلل على ذلك بتفاقم عجز الميزان التجاري الأمريكي لسنوات عديدة، وعدم الالتزام بحقوق الملكية، بصورة بعيدة عن التنافس الاقتصادي، وأظهرت استدامة لصالح دول كبرى اقتصاديا مثل الصين وغيرها. والعجز التجاري وإن لم يمثل في جزء منه الخلل التجاري بين الصين وأمريكا، إلا أنه ضمنيا يعكس تزايدا كبيرا في واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية على حساب ما يمكن تصديره من السلع الأمريكية إلى الصين.
وكان أن شمر الرئيس ترمب - وهو رجل الأعمال والعالم بدقائق الأمور الاقتصادية - عن ساعديه ليكشف ويطالب بإعادة التفاوض على مختلف الاتفاقيات التجارية الدولية، وبالفعل تم إلغاء اتفاق التجارة بين دول أمريكا الشمالية (أمريكا، المكسيك، وكندا)، واستُبدل باتفاق آخر، وألغي اتفاق التجارة لدول المحيط الهادي، وهدد دول الاتحاد الأوروبي برسوم جمركية ما لم تدخل معه في مفاوضات تجارية جادة.
وترمب وإن استخدم «الجزرة والعصا» في كل علاقاته منذ أن جاء إلى الرئاسة، إلا أن خطواته هذه وغيرها قد أحدثت ردود فعل عنيفة في الاقتصاد العالمي، اعتقادا أن أية إعادة تفاوض لهذه الاتفاقيات ستستغرق زمنا طويلا تدور خلالها حرب تجارية ضروس، ويدفع الاقتصاد العالمي ثمن ذلك. ناهيك عن دخوله في دوامة ركود قد يكون تاريخيا. لذا جاء اتفاق المرحلة الأولى مع الصين بمثابة اختراق حمل معه نظرة تفاؤلية، وقلل من أعداد المتنبئين بركود اقتصادي عالمي.
وبالنسبة لنا كدول معتمدة على تصدير النفط الخام، فإن توقيع هذا الاتفاق قد جاء لنا بأنباء سارة، فكلنا يعرف أن عدم الدخول في ركود عالمي، يعني استمرار انتعاش الطلب العالمي على النفط، نظرا للعلاقة الطردية بينهما - وإن ضعفت مؤخرا، مصحوبا بالالتزام الجدي الذي فرضه تحالف «الأوبك بلس» على نفسه بالتخفيضات الإنتاجية.
يتزامن ذلك مع استمرار إصلاحاتنا الاقتصادية في ظل تطبيق رؤية 2030، الأمر الذي سيحسن الكثير من المؤشرات الاقتصادية نتيجة زيادة الإيرادات النفطية وتقليل عجز الميزانية. وتجاوز الصعوبات الاقتصادية الأخرى بإذن الله.
للأسف يا دكتور محمد تفاؤلك غير مبرر. الأوضاع الإقتصادية العالمية كلمالها تسوء ولا تتحسن وهناك هروب للأمام في الأسواق المالية ينذر بإنهيارات في وجود مكررات ربحية عالية غير منطقية أو مقبولة كما أن أسعار البترول في قمة والقاع ربما لا يكون قريبا في ظل تلميع الإقتصاد العالمي الهش.
;كيف يمكن وجود التفاؤل مع ما ذكره العديد من الاقتصاديين ان العالم سيقابل ازمة اقتصادية عالمية مثل الازمة فى 2008 او اكثر ....؟!!