حوكمة الشركات إحدى أهم أدوات معالجة أوضاع الشركات التنظيمية والقانونية. تحدثنا في هذه الزاوية على مدى يزيد على عقد من الزمان عن المفاهيم، والأساليب، والأدوات التي تتيحها حوكمة الشركات من أجل إصلاح وضع الشركات تلبية لحقوق أصحاب المصالح بجميع فئاتهم. ذكرنا مستوى التشريع ومكانته بين الدول وحذرنا من كون هذه التشريعات قد لا تفي بالحد المطلوب لتحقيق مبادئ حوكمة الشركات، وبالتالي تحقيق المكاسب المستقبلية على النطاق البسيط للشركات والنطاق الواسع للاقتصاد الوطني وتنمية وجذب الاستثمارات. في هذا المقال سأتحدث عن مستوى تطبيق حوكمة الشركات، تطورها وإدارتها.
نتيجة لأحداث السوق المالية في عام 2006 تفاعلت هيئة السوق المالية بشكل سريع من أجل تبني مفاهيم حوكمة الشركات التي كانت مصدر إلهام في جميع أسواق العالم كأداة ستساعد على حل مشكلات الأسواق المالية، ومعالجة الانهيارات التي منيت بها أسواق الشرق والغرب وتحافظ على مصالح الأطراف المتعددة وتحقق العدالة في ذلك. حتى المنظمات الدولية في ذلك الوقت أخذت على عاتقها إبراز المفهوم وعقد حلقات النقاش والمؤتمرات وزيادة التركيز على البحث العلمي لتطوير مفاهيم حوكمة الشركات، وانتهى بعض منها باقتراح مبادئ استرشادية يمكن أن تكون أساسا للانطلاق في أغلب الدول التي تمثل مبادئ حوكمة الشركات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لعام 1999.
أخذت هيئة السوق المالية CMA في المملكة مبادئ حوكمة الشركات من المبادئ الصادرة عن OECD وأطلقتها على مراحل استرشادية، ثم إلزامية حتى وصلت إلى ما نحن عليه الآن. الحقيقة: إن الهيئة اجتهدت في استيراد وتطبيق تلك المعايير ونجحت جزئيا؛ كون مفهوم وتطبيقات "حوكمة الشركات" أصبحت عالميا تمثل طوق نجاة، ومصدر أمان للأسواق. في الدول ذات التطبيق العالي تكون السوق أكثر جذبا للاستثمار المؤسسي والأجنبي ومصدرا لفتح آفاق استثمارية جديدة. لكن أعتقد أن الهيئة لم توفق في إدارة موضوع التشريعات الخاصة بحوكمة الشركات من عدة اتجاهات تتداخل فيها مع قطاعات أخرى. وزارة التجارة مثلا تملك أدوات التنظيم والتشريع للشركات من خلال قانون الشركات، ومن خلال الإشراف على الشركات غير المدرجة في السوق المالية وكان من الواجب أن تتكامل الأنظمة والتشريعات والقوانين من أجل خدمة قطاع الشركات بجميع أحجامه وارتباطاته حتى لا يكون هناك خلل أو ثغرات يمكن أن تضر بحقوق أصحاب المصالح. أيضا فإن دعم الدراسات والبحوث والمؤتمرات ظل في نطاقه الضيق ولم تفتح آفاق مع مؤسسات التعليم أو الجهات البحثية لإعداد الدراسات وإقامة المؤتمرات والملتقيات التوعوية لذلك، وهذا بالتأكيد يؤثر في مستوى ومنحنى التعلم الذي تمر به ممارسة حوكمة الشركات في المملكة.
أصبح الإيمان بأهمية الحوكمة من المسلمات في هذا العصر. وأضحت الحوكمة هدفا استراتيجيا تسعى المملكة إلى تحقيقه في جميع القطاعات من أجل المساهمة في تحقيق "رؤية المملكة 2030" ومن أجل إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار. حتى يتحقق ذلك لا بد من زيادة الاهتمام بموضوع حوكمة الشركات كونها أحد عوامل الجذب للمستثمرين وتحقيق التكامل بين القطاعات كافة من أجل إيجاد إطار موحد يحكم جميع الأنشطة تحت نطاق الاستثمار والقطاع الخاص تحديدا.
في المقال المقبل سأتحدث عن الحوكمة في القطاعات الأخرى.
نقلا عن الاقتصادية
نتيجة لأحداث السوق المالية في عام 2006 تفاعلت هيئة السوق المالية بشكل سريع من أجل تبني مفاهيم حوكمة الشركات التي كانت مصدر إلهام في جميع أسواق العالم كأداة ستساعد على حل مشكلات الأسواق المالية، ومعالجة الانهيارات التي منيت بها أسواق الشرق والغرب وتحافظ على مصالح الأطراف المتعددة وتحقق العدالة في ذلك. حتى المنظمات الدولية في ذلك الوقت أخذت على عاتقها إبراز المفهوم وعقد حلقات النقاش والمؤتمرات وزيادة التركيز على البحث العلمي لتطوير مفاهيم حوكمة الشركات، وانتهى بعض منها باقتراح مبادئ استرشادية يمكن أن تكون أساسا للانطلاق في أغلب الدول التي تمثل مبادئ حوكمة الشركات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لعام 1999.
أخذت هيئة السوق المالية CMA في المملكة مبادئ حوكمة الشركات من المبادئ الصادرة عن OECD وأطلقتها على مراحل استرشادية، ثم إلزامية حتى وصلت إلى ما نحن عليه الآن. الحقيقة: إن الهيئة اجتهدت في استيراد وتطبيق تلك المعايير ونجحت جزئيا؛ كون مفهوم وتطبيقات "حوكمة الشركات" أصبحت عالميا تمثل طوق نجاة، ومصدر أمان للأسواق. في الدول ذات التطبيق العالي تكون السوق أكثر جذبا للاستثمار المؤسسي والأجنبي ومصدرا لفتح آفاق استثمارية جديدة. لكن أعتقد أن الهيئة لم توفق في إدارة موضوع التشريعات الخاصة بحوكمة الشركات من عدة اتجاهات تتداخل فيها مع قطاعات أخرى. وزارة التجارة مثلا تملك أدوات التنظيم والتشريع للشركات من خلال قانون الشركات، ومن خلال الإشراف على الشركات غير المدرجة في السوق المالية وكان من الواجب أن تتكامل الأنظمة والتشريعات والقوانين من أجل خدمة قطاع الشركات بجميع أحجامه وارتباطاته حتى لا يكون هناك خلل أو ثغرات يمكن أن تضر بحقوق أصحاب المصالح. أيضا فإن دعم الدراسات والبحوث والمؤتمرات ظل في نطاقه الضيق ولم تفتح آفاق مع مؤسسات التعليم أو الجهات البحثية لإعداد الدراسات وإقامة المؤتمرات والملتقيات التوعوية لذلك، وهذا بالتأكيد يؤثر في مستوى ومنحنى التعلم الذي تمر به ممارسة حوكمة الشركات في المملكة.
أصبح الإيمان بأهمية الحوكمة من المسلمات في هذا العصر. وأضحت الحوكمة هدفا استراتيجيا تسعى المملكة إلى تحقيقه في جميع القطاعات من أجل المساهمة في تحقيق "رؤية المملكة 2030" ومن أجل إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار. حتى يتحقق ذلك لا بد من زيادة الاهتمام بموضوع حوكمة الشركات كونها أحد عوامل الجذب للمستثمرين وتحقيق التكامل بين القطاعات كافة من أجل إيجاد إطار موحد يحكم جميع الأنشطة تحت نطاق الاستثمار والقطاع الخاص تحديدا.
في المقال المقبل سأتحدث عن الحوكمة في القطاعات الأخرى.
نقلا عن الاقتصادية