من قال إن المسرح غير موجود عندنا فهو غلطان! عندنا أكبر مسرح في العالم على الإطلاق! ولا يزال يتمَّدد ويكبر مع الأيام! ويكاد يشمل الخوّاص والعوّام! .. إنه (مسرح المظاهر) الذي نخاف أن يُغرق مجتمعَنا كما يُغرق الأرضَ الطوفان! على خشبة المجتمع كثيرون جداً يُمثّلون ويسرفون في البذخ وفي الصرف تنافساً على بطولةٍ زائفة في مسرح المظاهر! وحُبّاً مَرَضيًا للبروز والتفاخر! .. كثير من الأسر التي يكفيها منزل صغير أنيق يلم أفرادها بحنان تريد منزلاً كبيراً تفاخر به المعارف والإخوان! كثيراً مايدفع رب الأسرة دم قلبه في بناء منزل أكبر من حاجة أسرته بكثير فقط لأنه لا يريد أن يكون مجرد (كومبارس) في المسرح الاجتماعي الكبير! وإن رضي هو لم ترضَ أم العيال التي ليس لديها إلا ثلاثة أطفال! تريد صالات واسعة وحدائق وممرات يضيع فيها الأطفال! ولا تهتم لما يترتب على ذلك من زيادة النفقات الدائمة على الأثاث والنظافة والماء والكهرباء وكما تنافس كثير من النساء على شراء أشهر الماركات في الحقائب والفساتين والساعات والأثاث (والماركات التي تُعتبر أكبر استغلال تجاري في العالم) يتنافس كثيرٌ من الرجال في شراء أغلى السيارات والتي فيها تقنية لا يحتاجونها وربما لا يعرفون استخدامها وربما أزعجتهم بكثرة أزرتها ولكن مايهمهم هو التفاخر بها أمام الناس! في مدننا أغلى المساكن والسيارات والماركات على الإطلاق! إذا كانت مسارح الأمم تُبنى من الخشب فإن مسارحنا تُبنى من الذهب.. وما يهم كثيراً منا هو أن يلمع هذا الذهب في عيون الآخرين! ولا يهم كم يصرفون على صيانة هذه المظاهر الجوفاء التي تبلع المال والعقل معاً.. وفي الأسفار تتباهى كثير من الأسر بالسفر الى أمريكا وأوروبا ولو استدانوا..! ونصرف في السفر ضعف ما يصرف إخواننا البشر! إنه الإسراف الكريه المخيف الذي إذا عمّ وطم هدّم المسرح على رؤوس الممثلين والمتفرجين.
نقلا عن الرياض
عين الواقع والثقافة المرة والزيف الاجوف