في نوفمبر للعام 2015 (قبل أربع سنوات) نجحت الصين -وللمرة الأولى- في إقناع صندوق النقد أن يضم اليوان الصيني إلى سلة العملات لحقوق السحب الخاص (SDR) ليصبح اليوان في الترتيب الثالث بعد الدولار واليورو مُتخطياً الين الياباني والاسترليني البريطاني في وزن العملات الخمسة التي تتكون منها سلة حقوق السحب الخاص.
ثم في 26 مارس للعام 2018 (قبل سنة ونصف) نجحت الصين -بعد عدة محاولات سابقة لم تنجح- في افتتاح أول سوق للتداول في البترول الورق (Futures) في بورصة شنغهاي للتدول باليوان الصيني.
لكن من الواضح أن هذه الأهمية المتصاعدة لليوان الصيني غير كافية لتجعل اليوان منافسا للدولار في التعاملات الدولية.
في الوقت الحالي تستخدم الدول المصدرة للبترول إلى آسيا (بما فيهم إلى الصين) متوسط سعر بترول دبي وعمان كمؤشر لتسعير بترولهم الذي يتم تصديره إلى دول آسيا. بينما تؤمل الصين أن تجعل من سعر البترول في بورصة شنغهاي المتداول باليوان هو المؤشر بدلاً من متوسط دبي وعمان المتداول بالدولار، لذا فإن الصين تحتاج لوقت طويل لكي تنجح أولاً في إقناع دول أوبك وروسيا في التحول إلى مؤشر شنغهاي باليوان، ثم ثانياً (وهذا هو الأصعب كثيراً تحقيقه) إقناعهم بالتدريج لقبول اليوان (ولو جزئياً) ثمناً لبترولهم المصدر إلى الصين.
الجدير بالذكر أن سوق شنغهاي للبترول يختلف عن بورصة لندن ونيويورك ليس فقط في استخدامه لليوان بدلا من الدولار، بل يختلف أيضا في عدة جوانب أخرى كالتالي: أولا فهو يتعامل في سلة تتكون من سبعة أنواع من البترول المتوسط والثقيل (خام دبي، وخام عمان، وخام زقوم، وخام قطر، وخام ماسيلا، وخام البصرة، وخام شنقلي الصيني). أي بعكس البترول الخفيف والحلو المستخدم في بورصة لندن وبورصة نيويورك. وثانياً كذلك يحتلف في مواعيد فتحه، حيث توجد ثلاث فترات منها خمسة ساعات ونصف في الليل بين الساعة 21:00 و2:30 بتوقيت الصين. وثالثا تفرض الصين حدا أعلى بأن لا يتجاوز التغير في السعر 4 % في اليوم، ورابعاً الرسوم المفروضة على التداول في بورصة شنغهاي أعلى كثيراً من الرسوم في بورصتيْ لندن ونيويورك.
الخلاصة: يبقى السؤال هل تستطيع (أو هل لا تستطيع) الصين أن تُقنع الدول المصدرة للبترول بقبول اليوان ثمناً للبترول الذي تشتريه منهم؟
الذي يبدو لي (بناء على الوضع الحالي للنظام المالي العالمي) أنه من الصعب -بل من غير الممكن- أن تستطيع الصين أن تشتري كامل البترول الذي تستورده باليوان من أي دولة رئيسة (روسيا كمثال) باليوان حتى لو توفرت الرغبة لدى روسيا في قبول اليوان ثمناً لبترولها.
في مقال الأسبوع المقبل -إن شاء الله- سنوضح أسباب صعوبة قبول اليوان للتداول في سوق البترول.
نقلا عن الرياض