وزارة الأجيال القادمة

24/07/2019 0
د. عامر بن محمد الحسيني

مع التطور الذي تعيش فيه دول العالم، بعد ظهور الثورة الصناعية والازدهار الاقتصادي العالمي، بدأت الأصوات تتعالى للمحافظة على حقوق الأجيال القادمة وحماية الحياة؛ لتكون موردا طبيعيا يجدون فيها فرصة العيش. أصبح ذلك هاجس عديد من المنظمات، وأخذت الدول على عاتقها مهمة الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، وبدأت الدول تواكب احتياجات المجتمع الحالي والأجيال القادمة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تدعو إلى "التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة".

وبدأت منظمة الأمم المتحدة في تبني هذا المفهوم، وتنظيم المؤتمرات وبناء المؤشرات؛ لتحفيز الدول للعمل في هذا الاتجاه، وتوصلت بمشاركة دول العالم إلى بناء منظومة أهداف التنمية المستدامة Sustainable Development Goals SDGs التي اتفق عليها في قمة التنمية المستدامة المنعقدة عام 2016 للعمل من أجل مستقبل يحقق التنمية المتوازنة والمستدامة لدول وشعوب العالم بحلول عام 2030 متضمنة 17 هدفا تتمثل في، القضاء على الفقر، والجوع، وتحقيق الصحة الجيدة والرفاهية، وتوفير التعليم الجيد، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتوفير المياه النظيفة والنظافة الصحية، وتأمين الطاقة النظيفة بأسعار معقولة، وإيجاد فرص عمل لائقة لتحقيق النمو الاقتصادي، وتعزيز الصناعة والابتكار، والحد من أوجه عدم المساواة، وجعل المدن والمجتمعات المحلية تتواءم مع مستهدفات المجتمعات المستدامة، وإيجاد وعي للإنتاج والاستهلاك بمسؤولية، والمحافظة على المناخ، وحماية الحياة تحت الماء، والحياة في البراري، ونشر السلام والعدل والمؤسسات القوية، وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف.لذلك أصبحت الحكومات تعمل بجهد مضاعف؛ لتحقيق هذه الأهداف وتنشئة المجتمعات للالتزام بهذه المستهدفات. وأصبح كثير من حكومات العالم أكثر جرأة في ابتكار وتطوير نماذج إدارية للحكم المحلي لتصل إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال مشاركة مجتمعية، ولمقابلة الطوفان الرأسمالي الهادف إلى الربح على حساب مصلحة الإنسان والبيئة.

في هذا الاتجاه ذكرت صحيفة "ذا جارديان" The Guardian عن تعيين أول وزير في العالم للأجيال القادمة، حيث عينت حكومة ويلز في المملكة المتحدة أول وزير لتمثيل الأشخاص الذين لم يولدوا بعد. جاءت الفكرة لحماية حقوق الأجيال القادمة وتوفير بيئة مناسبة للعيش في العالم. إن كثيرا من قضايا التنمية المستدامة لا تهدد الحياة في الوقت الحاضر، إنما قد تشكل خطرا كبيرا على حياة الأجيال القادمة. ووفقا لنظريات أصحاب المصالح Stakeholder Theory يجب الأخذ في الحسبان باحتياجات هذا الجيل والمحافظة على فرص العيش لهم.

تعد فكرة المحافظة على حقوق أصحاب المصالح أحد أهم أركان نظام الحوكمة الفعال، الذي يستهدف تحقيق العدالة وتطبيق الشفافية، وهذا يدعو إلى تبني هذا المفهوم من خلال الحكومات والشركات للعمل بتوافق من خلال أهداف التنمية المستدامة، وتفعيل مفاهيم المسؤولية الاجتماعية ومنها مسؤولية الشركات الاجتماعية CSR لحماية الحياة على الكوكب من أجل الأجيال الحالية والقادمة.

فعليا نحتاج في بلادنا إلى اتخاذ هذا النهج والعمل من خلاله، ليتواءم مع العمل القائم في سبيل تحقيق "رؤية المملكة 2030" والنهج المتبع للتميز.

 

نقلا عن الاقتصادية