التسوُّق الذكي

31/05/2019 3
عبدالله الجعيثن

يمتاز عصرنا بمغريات عجيبة لصرف مافي الجيب ومافي الغيب (الشراء بالديون والأقساط) ويضع (حاجات مُصطنعة) للمزيد من الشراء دون حاجة فعلية، عن طريق الإعلانات المغرية، والتخفيضات المشكوك في صحتها، وحتى لو كانت صحيحة فقد تغري بشراء مالانحتاجه، وهناك دعايات (السناب) المنفوخة بالتفاخر وحُبّ المظاهر، وكلها عوامل تضع كثيراً من أرباب الأسر تحت ضغوط مادية متواصلة، من الزوجة والأولاد، الذين يخطف أبصارهم بريق الإعلانات والسنابات، وتسابق كثير منهم نحو (الماركات) والتي تُعتبر أكبر أكاذيب ومخاطر التسويق في العصر الحديث، تأسر قلوب كثيراً من النساء والأولاد، وبعض الرجال، مع وجود بدائل جيدة لها بِعُشْر الثمن، ولكنّ مطارق الدعايات والتفاخر كثيراً ماتُلغى العقل وتُشعل الرغبة النهمة في الشراء دون حاجة في أكثر الحالات، وتَبْرَع الشركات العالمية في تجديد (موضة كل شيء) بإضافات بسيطة وإصدارات جديدة مع ارتفاعات كبيرة في الأسعار، تجعل كثيرين يزهدون في (سلعة الأمس) التي كانوا يتلهّفون عليها، من (جوالات وسيارات وأزياء نسائية وملابس أطفال وأحذية وشنط وعطور ومفروشات.. إلى آخره).. وهكذا يتم غسل الأدمغة وتحويل السلع المرغوبة قبل فترة قصيرة إلى مقتنيات عفا عليها الزمن، تشبه الخردة مع أنها شُبه جديدة، وكثير منها أفضل من (الشكل الجديد) وأقوى، ولكنها آلة التسويق الطاحنة التي تجعل كثيراً من أرباب الأسر على صفيحٍ ساخن، خاصةً إذا أُضيف إليها اعتياد السفر للخارج، والتفاخر حوله وبه.

إننا في حاجة ماسة لإدخال مادة (التسوُّق الذكي) في المدارس لتوعية النشء بأهمية الذكاء في التسوّق، وتعميم ثقافة التدبير والادخار، والبساطة والذوق، وكشف زيف (الماركات) الباهضة الثمن، وتوضيح بدائلها الأقل تكلفة وربما أفضل جودة، وهذا التصرف العقلاني يصبّ في صالح الأسرة والاقتصاد الوطني، ويُعيد العقل المُغيّب عن الرُّشْد في التسوق، ويحفظ للمجمتع ذوقه الراقي، وسلوكه الراشد، وبساطته المدروسة، والتي هي أفضل وأجمل من التكلُّف والتفاخر والإسراف، فإنّ الله لا يحب المسرفين.. وكل عام وأنتم جميعاً بألف خير وسعادة.


نقلا عن الرياض