رأيت في قصر الخليفة العثماني بإسطنبول، والذي تحوّل إلى متحف عدداً من (القدور) الكبيرة نسبياً يدور حولها الغربيون مدهوشين من ضخامتها، ولم تُصبني الدهشة لأنّ (قدور) الطباخين عندنا في المملكة هائلة الحجم، بعضها ثلاثة أضعاف حجم القدور العثمانية، يوضع في الواحد منها (البعير) كاملاً فلا تراه العين كأنما وضع في (مسبح أولمبي).. وهذا من الإسراف الذي لا تُحمد عقباه.. خاصة حين يقدم الطعام في صحون كبيرة جدا أو (صواني) هائلة ويشترك الضيوف في الأكل ونهش اللحم فما يبقى منه - وهو أكثر مما يؤكل - لا يعود صالحاً للأكل ولا للجمعيات الخيرية لأنه قد تناوشته الأيدي من كل جانب، واليد من الفم إلى اللحم..
الأفضل تقديم موائد الضيافة على شكل (بوفيه) يأخذ منه كل ضيف بالملعقة الكبيرة مايحتاجه فعلاً، ويقطع من اللحم بالسكين ما يكفيه، وباستطاعته العودة لأخذ المزيد إن لم يشبع، وبهذا فإن ما يتبقّى من الطعام يظل نظيفاً صحياً لم تمسسه يدٌ قط، فيصلح للأكل، وللجمعيات الخيرية، أما التزاحم على (التباسي) الكبيرة بالأيدي ونثر ماتبقى من الأرز واللحم على الأكل والآكلين فإنه يسد النفس ويفسد النعمة..
ومن قديم والعرب يفخرون بالإسراف، وبِعَظَم القدور وسعتها وعمقها.. قال شاعرهم:
(وَقِدْرٍ كجوفِ الليل أحمشتُ غَلْيَها ... ترى الفيلَ فيها طافياً لم يُفَصَّلِ
لو أنّ بني حواء حولَ رمادِها ... لما كان منهم واحدٌ غير مُصْطَلِ )
وثقافة الاعتدال في الطعام وصرف المال ضعيفة جدا في مجتمعنا، مع أنها من أرقى الصفات ومن توجيهات ديننا الحنيف:
(وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا)
إنه الدستور القرآني العظيم.
نقلا عن الرياض
بصراحة هذه الطريقة في الولائم مقرفة شكلاً و موضوعاً وعلامة من علامات التخلف و قلة العقل.في الماضي البعيد كانت مبررة لإسباب موضوعية عديدة ولكن اليوم يجب ان تختفي. على الدولة ان تتدخل في الموضوع باقفال المطابخ الشعبية.
مازاد الكلسترول والسكر والسمنة في مجتمعنا الا بسبب الضرب في هالمفاطيح واذا خلص قال نبي شي يهضمه ! توعية الناس تحتاج وقت والظروف الاقتصادية بتسرع بها . شكرا استاذ عبدالله على المقال التوعوي والمفيد
الطب الوقائي والتوعوي معدوم لدينا وان وجدت له جهات الا انها غير فاعلة ولاتقوم بعمل صحيح في مجالها كما ان البلديات يجب ان يكون لها دور في وضع مواصفات للتباسي والمكاوير التي يهدر الطعام من خلالها في منظر سئ ومسرف لايمت للكرم بصلة الا انها عادات وتقاليد بائدة وقديمة لها مسبباتها في وقت الجوع الذي مضى والخوف كل الخوف من عودته والامثلة كثيرة وعلى رأسها العراق بلاد النهرين والنخيل ومصدر الاغنام حيث تقوم الحكومة حاليا بتقنيين توزيع العدس الذي لايأكله سابقا الا الفقراء ومانحن عليه اليوم من اسراف وتخمة في الاكل امره خطير ويحتاج لعمل كبير جدا نفتقده تماما
ينقص كثير منا ثقافة التعامل مع النعم دينيا وصحيا للأسف ، نسأل الله اللطف بِنَا .