كماشة الصين

19/11/2018 3
محمد مهدى عبدالنبي

-1سادت حالات من التفاؤل الأقتصادى بمجرد أعلان فوز الديموقراطين بالأغلبية المطلقة فى مجلس النواب فى الأنتخابات النصفية الأمريكية - نوفمبر 2018 ... تفاؤل يرجع لأمكانية تعطيل خطط ترامب بشأن تصعيد الازمة التجارية مع الصين، وهو ما أكدته شاشات التداول مؤقتا بصعود المؤشرات الامريكية فوق مستوى 26100 نقطة ... لكن هل هذا التفاؤل حقيقى ام خادع ؟!

2 -يتزامن بدء عمل الكونجرس الجديد بمجلسية النواب والشيوخ مع دخول الرسوم الجمركية على الصين حيز التنفيذ وذلك فى يناير 2019 ... وربما يسبق ترامب إنعقاد الكونجرس بتعجيل تفعيل الرسوم الجمركية الأمريكية على سلع الصينية بقيمة 250 مليار $ إذا لم يحصل على ضمانات ديموقراطية بحرية الحركة فى ملف الصين ... وهو ما يفسر حاليا تراجع وتخفيف لهجة ترامب ضد الصين رغم أرتفاع الفائض التجارى للصين مع الولايات المتحدة الى 258.12 مليار $.

3 -ترامب يناور بتصريحات عن تهدئة تجارية مؤقتة مع الصين، وعن عزمه عقد لقاء إيجابى مع الرئيس الصينى فى أجتماعات مجموعة العشرين G20  بالأرجنتين نهاية الشهر الجارى، والصين على الجانب الأخر ترحب بدبلوماسيتها المعهودة وتواصل قفز صادراتها إلى مستويات قياسية زادت بنحو 15.6 % فى أكتوبر 2018 عنها قبل عام مضى ... مع تلويح مباشر بسلاح اليوان بخفضه إلى فوق مستوى 7 يوان أمام الدولار لتعزيز قوة صادراتها إلى العالم ولمحو التأثيرات السلبية لأزمة الرسوم الجمركية الأمريكية.

4 -كما أن صندوق النقد الدولى على لسان رئيستة كرستين لاجارد يتوقع تواصل انخفاض النمو الصينى إلى 6.2 % خلال عام 2019 من مستواه الحالى قرب 6.5 % فى 2018 ... لتعود نغمة تباطؤ النمو الصينى من جديد كمبرر لتصحيح الأسواق ، لكن إذا ما رجعنا لتأمل معدلات النمو فى الصين من عام 2010 نجدها فى دورة إنخفاض طبيعية بعد صعود هائل استمر قرابة 15 عاما متتالية ...

في عام 2010 بلغ معدل النمو 10.4 %

في عام 2011 بلغ معدل النمو 9.3 %

في عام 2014 بلغ معدل النمو 7.3%

في عام 2015 بلغ معدل النمو 7%

فى عام 2018 بلغ معدل النمو 6.5 %

اذن التراجع المتوقع فى عام 2019 لمعدل نمو 6.2 % سيكون احد الأنخفاضات السنوية الأقل وتيرة فى عقد كامل، وربما يمثل قاع التراجعات فى معدلات النمو للصين لتبدأ بعدها دورة صعودية جديدة ...

5 -واردات الصين من النفط بلغت مستوى تاريخيا عند 9.61 مليون برميل يوميا لتأتى كثانى أكبر مستهلك بعد الولايات المتحدة ... وربما ضغط ترامب للحصول على أسعار نفط منخفضة يخدم الصين ايضا فى خفض تكاليف أزمتها التجارية مع امريكا ، فالصادرات الصينية التى زادت بنحو 15.6 % خلال اكتوبر قابلتها زيادة قياسية فى واردات النفط الصينية بنحو 32 % فى اكتوبر ايضا لكن مع فارق بالزيادة 10 $ فى سعر برميل برنت و5 $ فى سعر الخام عن نفس التوقيت من العام الماضى.

6 -اوضح ترجمة للأزمة التجارية بين قطبى الأقتصاد العالمى تجلت مؤخرا فى مؤتمر شنغهاى للواردات المنعقد حاليا بالصين حيث تراجعت طلبات التصدير للولايات المتحدة بنحو 30.3 % بسبب ازمة الرسوم الجمركية الأمريكية فى حين زادت طلبات التصدير الى اليابان بنسبة 74.4 % ... اذن الصين تجهز بالفعل اسواقا بديلة لتجارتها تحسبا لتأزم موقفها أكثر فى السوق الامريكى.

ولتجنب تصفير صادرات النفط الايرانى للعالم خلال النصف الثانى من 2019 بفعل العقوبات الامريكية وقعت شركة نفط الصين " سينوبك " تعاقدا سنوياً مع مؤسسة البترول الكويتية لتغطية واردات الصين من النفط خلال 2019 ... وذلك خلال مؤتمر شنغهاى الذى ينتهى فى 10 نوفمبر الجارى ليعقبة عيد العزاب فى 11 نوفمبر حيث المبيعات المليارية لشركة على بابا الصينية.

اخيرا ... يبدو مما سبق أن كماشة الصين تستعد لمستقبل تنقض فيه على رأس الاقتصاد الامريكى بصادرات تاريخية وبدورة نمو جديدة وبأستهلاك قياسى لمصادر الطاقة وبتأمين واسع لسطوع صادراتها الى العالم .... ويبدو أن التفاؤل الخادع بفوز الديموقراطين ما هو الا لحظة كيد سياسى قد يفيق منها الجميع على أتحاد الديموقراطين والجمهوريين على العمل معا ضد الصين بخطوات أكثر أنتقامية تنقل الأزمة التجارية من طورها الراهن إلى حالة حرب تجارية حقيقية تتبادل فيها الولايات المتحدة والصين لكمات المنع الكامل لسلع معينة وتكوين تحالفات للأسواق البديلة وتوسيع الأستغناء عن التعامل بالدولار بين دول محور الصين التجارى ... 

خاص_الفابيتا