توجد حقيقتان تواجه (وتُخيف) الدول المنتجة للبترول ولا يعرف الإنسان أيهما ستأتي أولاً. الحقيقة الأولى أن البترول بطبيعته مورد ناضب. وبالتالي سيأتي يوم -بالتأكيد- سيتوقف فيه إنتاج حقول البترول الحالية لصعوبة وارتفاع تكاليف استخراج البترول المتبقي فيها. والحقيقة الثانية أن العالم لأنه يعرف بأنه سيأتي يوم سيشح -حتماً- فيه البترول، فسيحاول الإنسان بكل قدراته الآن أن يوجد البديل للبترول قبل أن يتخلى البترول عن الإنسان.
الحقيقة الأولى: هي خارجة عن إرادة الإنسان، فالله وحده هو خالق الكمية الكلية من البترول الموجود في الحقول -وليس البترول سلعة يصنعها الإنسان- ولذا فإن هذه الحقيقة تعرفها حتى الدول المستهلكة للبترول. ولذا فإن هذه الحقيقة تُخيف ليس فقط الدول المنتجة للبترول. بل أيضا تُخيفُ الدول المستهلكة للبترول، وتدفعهم إلى إيجاد البديل للبترول بأسرع وقت ممكن حتى لو انخفض سعر البترول إلى الصفر فلن يتوقف الإنسان عن إيجاد البديل.
الحقيقة الثانية: لقد ميز الله الإنسان بالعقل والقُدرة على التخطيط للمستقبل. وهكذا بالتأكيد أن الإنسان لن ينتظر -كالنعامة- مستسلماً إلى أن ترتفع تكاليف استخراج البترول المتبقي في الأرض إلى مستويات لا يستطيع أن يتحملها دخل الإنسان. بل سيسعى الإنسان حثيثاً منذ الآن إلى إيجاد بديل للبترول لخفض الطلب تدريجياً على البترول. والاكتفاء باستخدام البترول في الأشياء الضرورية جداً التي لا يمكن للبدائل أن تغني الإنسان عن استهلاك البترول.
هكذا فإن حكومات الدول المنتجة للبترول. وكذلك حكومات الدول المستهلكة للبترول يحملون على عاتقهم المسؤولية لمواجهة المستقبل ببرامج وخطط واستراتيجبات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى تهدف إلى تحقيق أهداف محددة وفق جداول زمنية معينة.
حكومات الدول المستهكة للبترول سواء فرادى.. أو بالتنسيق مع بعضهم عن طريق المنظمات العالمية كوكالة الطاقة الدولية (IEA) يقومون بإجراء البحوث والدراسات ووضع السيناريوهات المختلفة التي يتوقعونها على مدى المستقبل المنظور. وبالتالي يتبنون سياسات مشتركة لتحقيق خفض الطلب على البترل كرفع كفاءة الطاقة. وفرض الضرائب على الأجهزة والمعدات المستخدمة للبترول. وتقديم المعونات للبدائل المنافسة. وسن القوانين والأنطمة التي تلزم المستهلك النهائي بالتحول -حباً أو كرهاً- إلى البدائل.
بينما حكومات الدول المنتجة للبترول فإن طبيعة المشكلة التي تواجههم تختلف عن طبيعة المشكلة التي تواجه الدول المستهلكة. وتتطلب أن تسعى كل دولة منها بمفردها لوضع خططها المستقبلية وفق ظروفها وإمكانياتها.
مقال زاوية الأسبوع القادم -إن شاء الله– سيتناول الموضوع الحيوي الذي يقوم بدراسته الآن مركز الملك عبدالله لبحوث البترول عن دور أوبك في الاقتصاد العالمي.
نقلا عن الرياض