الوجه الآخر من الطاقة الشمسية

13/11/2018 4
د. هيثم باحيدرة

تعد الألواح الشمسية التي تلمع تحت ضوء الشمس رمزا لجميع التقنيات الخضراء. فهي فعالة وموثوق بها وغير مزعجة بصريا، كما أنها مصدر غير كربوني للطاقة يمنحنا الأمل في عالم خالٍ من التلوث الناتج من حرق الوقود الأحفوري. ومع ذلك، عندما تبدأ في فحص التفاصيل الدقيقة لعملية إنتاج الطاقة الشمسية، تجد -مع الأسف- عددا من الآثار الجانبية الضارة المرتبطة بها. أولا، هل تدرك أن عديدا من الألواح الشمسية المركبة على أسطح المنازل في أوروبا والولايات المتحدة خلفت وراءها تركة من التلوث السام في ريف الصين؟ ويحدث هذا الأمر لأن عددا من المصانع التي تصنع البولي سيليكون لا يقوم بتركيب معدات فعالة للتحكم في التلوث؛ بل يقوم ببساطة بالتخلص من النفايات السامة مباشرة في الريف. والبولي سيليكون مكوّن أساس في مواد التقاط أشعة الشمس المستخدمة في الخلايا الشمسية الكهروضوئية PV وفي ألواح الطاقة الشمسية في نهاية المطاف، ولا شك أن الصين هي واحدة من الدول ذات الريادة العالمية في تصنيع الألواح الضوئية الشمسية.

وعلى الرغم من أن عملية تصنيع الخلايا الشمسية الكهروضوئية تمثل الجانب السلبي الأكثر شيوعا في مجال الطاقة الشمسية "بسبب المواد الخطرة اللازمة للتصنيع والحاجة إلى التعدين السطحي"، إلا أن هناك تأثيرا جانبيا آخر غير معلوم لعملية إنتاج الطاقة الشمسية يعمل مشغلو الطاقة الشمسية على إخفائه دوما عن العيون، ألا وهو عملية استخدام المياه. وهذا الأمر يضر بشكل خاص بسمعة صناعة الطاقة الشمسية، وما تمثله من المعتقدات الصديقة للبيئة. يجب أن تمثل الطاقة التي يتم الحصول عليها من الشمس مصدر الطاقة الأكثر استدامة للجميع. ولكن لأن معظم مزارع الطاقة الشمسية ذات النطاق الصناعي تقع في المناخات الحارة والقاحلة، فإن هذه المصفوفات من الألواح الشمسية تحتاج إلى البقاء نظيفة دوما لتحقيق أفضل أداء.

وهذا الأمر يحتاج إلى ملايين الجالونات من المياه التي يتم سكبها فوق الألواح الشمسية؛ ما يترك للناس الذين يعيشون في هذه المناخات مياها محدودة للغاية ويؤثر بشكل كبير في وجودهم. لو تناولنا الهند، على سبيل المثال، سنجد أن سوق الطاقة الشمسية تزدهر هناك، وتمتلك الحكومة خططا طموحة لتنمية قدرات الطاقة المتجددة؛ لتصل إلى أكثر من 175 جيجاواط على مدى السنوات الخمس المقبلة. ومع ذلك، يوجد في الهند أكبر عدد من الناس في المناطق الريفية وبما هو أكثر من أي بلد آخر على مستوى العالم (63.4 مليون نسمة)، يعيشون دون مياه نظيفة. ولا يحصل سوى 16 في المائة من سكان الهند بالكامل على المياه المنقولة بالأنابيب. وفي مفارقة، نجد أن محطات الطاقة الشمسية التشغيلية في الهند تستهلك ما يزيد على 2.7 مليار لتر من الماء سنويا. "المصدر: شركة TWI".

تواجه المنشآت الكهروضوئية واسعة النطاق في صحراء نيفادا وكاليفورنيا أيضا عددا من التحديات المائية، ويبدو أن عديدا من المطورين يتلاعبون بالحقائق عندما يتعلق الأمر باستهلاك المياه، حيث يدعون أن المنشآت الكهروضوئية الشمسية تستهلك كمية أقل من المياه مقارنة بالتركيبات الحرارية الشمسية المبردة بالمياه "نحو 16 ألف جالون لكل ميجاواط مقابل 2.6 مليون جالون لكل ميجاواط". ومع ذلك لا يزال بإمكان مجموعة كبيرة من ألواح الخلايا الكهروضوئية أن تستهلك سنويا من المياه ما يزيد على استهلاك كتلة سكنية كاملة، ولا شك أن كلا النوعين من المنشآت يستنزفان المورد الطبيعي الأكثر أهمية في المنطقة. لكي تكون الطاقة الشمسية مستدامة حقا، فإننا نحتاج إلى التخلص من الحاجة إلى تنظيف الوحدات الكهروضوئية الشمسية أو تقليلها بشكل كبير في المقام الأول. وهذا الأمر لا يعد خيارا متاحا حاليا؛ لأن الوحدات غير النظيفة لن تكون فعالة، ويمكن أن تتسبب في خفض إنتاج الطاقة بنسبة تصل إلى 20 في المائة؛ ما يجعل إنتاج الطاقة الشمسية أقل فاعلية من الوقود الأحفوري من الناحية الاقتصادية "نعم إلى هذه الدرجة من المفارقة".

وقد يكون هناك حل يلوح في الأفق لمشكلة استهلاك المياه في الطاقة الشمسية، وذلك بفضل جهود ريادية في البحث والتطوير تقوم بها شركة Opus البريطانية. حيث حصلت الشركة على ما يزيد على أربعة ملايين جنيه استرليني، تمويلا من الاتحاد الأوروبي، وتعمل مع اتحاد من الشركات والأكاديميين والعلماء لتطوير طلاء طارد للأوساخ Solar Sharc يعتمد على تقنية النانو للتخلص من الاحتياجات الهائلة لاستهلاك المياه في مزارع الطاقة الشمسية الكبيرة. وينص نظام شهادات كفاءة الطاقة EPC في المملكة المتحدة على أنه يجب صيانة الوحدات الشمسية بشكل منتظم، وتقترح الأبحاث وجوب تنظيفها مرتين على الأقل في العام.

ويمكن في حال استخدام طلاء طارد الأوساخ، التقليل بشكل كبير أو حتى محو هذه الحاجة إلى التنظيف.

وبالنسبة للتركيبات المنزلية "بوحدات أربعة كيلو واط ذروة أو أقل"، تبلغ تكاليف التنظيف نحو ستة جنيهات استرلينية للمتر المربع. أما بالنسبة للتركيبات واسعة النطاق لأنظمة 50 كيلو واط ذروة فتبلغ تكلفة التنظيف 200 جنيه استرليني للمتر المربع "بما يعادل 3.15 جنيه استرليني لكل لوح"، وذلك بخلاف تكاليف العمالة وإمكانية الوصول إلى معدات التنظيف المتخصصة وغيرها من تكاليف التشغيل والصيانة الخفية. هذا وتجري تجارب ميدانية واسعة النطاق على مستوى العالم، وبمجرد الانتهاء من ذلك يمكن للطلاء الطارد للأوساخ Solar Sharc تغيير وجه عملية إنتاج الطاقة الشمسية كما نعرفها، ويمكن أن يصبح تنظيف الوحدات الشمسية أمرا من الماضي.

نقلا عن الاقتصادية