تواجه هيئات التقاعد في بلادنا وفي عموم دول العالم مشكلة أساسية تتلخص في وجود عجز في مواردها على المدى البعيد والبعيد جدا. عجز يصعب عليها الوفاء بالتزاماتها مع مرور السنين. ومن ثم تتجه باستمرار المطالبات لإدخال إصلاحات. ويسهل على البعض طرح مقترح تركيز هيئات التقاعد على استثمارات تتصف بتحقيق عائد مرتفع بلا مخاطر تقريبا. وهذا مقترح عجيب، فهو يجمع بين أمرين لم يحققهما مستثمرون هم أصحاب المال، فكيف بمن يدير مال غيره؟
هناك عدة عناصر تعد شروطا مسبقة لنجاح برامج إصلاح التقاعد.
أولا، يتطلب إصلاح نظام الضمان الاجتماعي مراجعة متأنية وفحصا متعمقا للهياكل القائمة، إلى جانب تصور للتأثيرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المحتملة للهياكل التي يجري إصلاحها.
ثانيا، يعتبر بناء ما يشبه الإجماع عنصرا بالغ الأهمية لتصميم برنامج إصلاح يمكن تطبيقه بنجاح.
ثالثا، إتاحة وقت كاف لتبادل الآراء فيما بين صناع القرار، وأساتذة الجامعات، والأطراف المعنية حول التصميم والتنفيذ المرحلي الملائم لعناصر إصلاح نظام التقاعد.
رابعا، تعد المسائل القانونية، بما في ذلك صياغة وسن قوانين الإصلاح لكل من الضمان الاجتماعي والنظام التقاعدي والتأمين، متطلبات أساسية حاسمة لنجاح إصلاح نظام التقاعد. وإذا ما تمت الاستعانة بخبراء ملمين بتجارب الدول جنبا إلى جنب مع المتخصصين المحليين فسوف تكون عملية صياغة القوانين أكثر فاعلية.
خامسا، يتعين عدم الاستهانة بالوقت الذي يتطلبه إعداد وصياغة قوانين جيدة.
وأخيرا، يتعين عدم إغفال أهمية مرور التشريع المقترح من خلال هيئات مؤهلة ومقبولة مجتمعيا. وتكشف مراجعة تجارب الدول عن التأكيد على تدريب الكوادر المهنية وإجراء توعية إعلامية للجمهور حول الإصلاح.
أظهرت أدبيات الإصلاح التقاعدي عددا من الإرشادات الأخرى:
1 - الحاجة إلى التكيف مع الظروف المحلية المحددة لكل دولة.
2 - إبقاء نظام الضمان الاجتماعي كشبكة أمان يعتبر أمرا مرغوبا في معظم الحالات.
3 - الحاجة الماسة إلى وجود قطاع مصرفي يعمل بشكل جيد، وإلى أسواق رأسمال تكون على الأقل في الحد الأدنى من مرحلة التطوير.
4 - الحاجة إلى تخطيط مرحلة التحول بعناية فائقة مع استنباط الانعكاسات المالية القصيرة وطويلة الأجل.
ومن الواضح أنه يتعين على صانعي القرار تحديد وذكر الأهداف والمكاسب المتوقعة من الإصلاح. ولعل من أهم المكاسب التي تنتج عن إصلاح نظام قائم، القدرة على تفادي الإفلاس المالي لنظام الضمان الاجتماعي، والاستمرار في توفير المعاشات والمزايا الأخرى طويلة الأجل.
والمكسب الاحتمالي الآخر لإصلاح معاشات التقاعد والضمان الاجتماعي هـو زيادة معدل الادخار الذي يمكن أن يصاحب الانتقال من نظام غير ممول إلى آخر ممول بشكل كبير. ومن حيث المبدأ، يتوقع أن يؤدي تمويل المعاشات "مثلا عبر الاستقطاعات الحالية من الموظفين وأصحاب العمل" إلى ارتفاع معدل الادخار. ولكن من الناحية العملية، تبدو علاقة الارتباط بين مستويات التمويل ومعدلات الادخار ضعيفة. ففي ما يسمى الدول الأنجلو ــ أمريكية "الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا" وكذلك الدول الاسكندنافية، مستوى التمويل مرتفع، لكن معدلات الادخار فيها متدنية. في حين أن لدى سويسرا وماليزيا وسنغافورة مستويات مرتفعة لكل من التمويل ومعدلات الادخار. وهناك فئة ثالثة، تتمثل في عدة دول في أوروبا الغربية وشرق آسيا، لديها برامج غير ممولة، ولفترات طويلة، لكن لديها معدلات ادخار مرتفعة. ويحدد معدل الادخار عديد من العوامل، مثل النمو الاقتصادي.
وخلاف العناصر والنقاط السابقة، هناك جانب المخاطر. موضوعه طويل، لكنني سأتطرق إليه باختصار.
على مصممي إصلاح معاشات التقاعد أن يكونوا على معرفة بأنواع المخاطر التي تواجه المشتركين في أنظمة التقاعد، ووضع إصلاحات يمكنها معالجة نوعين من المخاطر التي تواجه الأشخاص المسنين وهي المخاطر الفردية، ومخاطر نظام التقاعد.
فيما يخص الأول، يواجه المتقاعدون، مثلا، مع الوقت خطر انخفاض المستوى المعيشي مع التضخم. ويمكن لتحسين إمكانات دخل دورة الحياة أن تخفف من وطأة المخاطر الفردية. وقد وجد أن الجهود المبذولة للتوعية بأنظمة التقاعد التي يقوم بها رب العمل في الولايات المتحدة أدت إلى تحسن جوهري في معدلات ادخار العمال الطوعية للتقاعد.
ويظهر الثاني عندما يدار نظام التقاعد بشكل سيئ. مثلا، يكون للمشاركين المتقاعدين مصلحة في المحافظة على تدفق المزايا، بينما قد يكون مديرو برامج التقاعد أكثر اهتماما بجعل صاحب البرنامج مكتفيا ذاتيا. ولذلك، يتعين تصميم آليات للتقليص من احتمالات تضارب المصالح.
نقلا عن الاقتصادية
مع الاسف ان كل ماذكرته هو جانب نظري ولم تطرح حلول عمليه وواقعيه لحل معضلة العجوزات الاكتواريه المتوقعه لبرامج التقاعد الحكومي ومؤسسة التأمينات . ولكن بعجاله هناك مسؤوليه على المؤسستين لمحاولة رفع العائد على الاستثمارات الخاصه بهما لان الاشتراكات سيأتي وقت لن تستطيع معه تغطية المطالبات سواءا للتقاعد النظامي او المبكر ... الامر الاخر لعل الدوله ايدها الله تتحسب للعجز المتوقع وتخصص بندا في الميزانيه لدعم هاتين المؤسستين بشكل سنوي ... والله المستعان اولا واخيرا.