بتاريخ 25 / أكتوبر (قبل عشرة أيام) صدر تقرير جديد لوكالة الطاقة (IEA) بعنوان: نظرة مستقبلية على اقتصادات الدول المنتجة للبترول (Outlook for Producer Economies) يتضمن التقرير تحذير ست دول.. منها ثلاث دول عربية (المملكة، والإمارات، والعراق). والثلاث دول الأخرى هي روسيا، ونيجيريا، وفنزويلا.
تقرير وكالة الطاقة الدولية يسير على نفس الطريق الذي سبق أن سار فيه تقرير صندوق النقد الدولي (الذي ناقشناه في هذه الزاوية بتاريخ 7 /يناير/ 2018). وكذلك نفس الطريق الذي سار فيه تقرير مركز بحوث الكربون (الذي ناقشناه أيضا هُنا بتاريخ 23 / سبتمبر/ 2018).
هذه التقارير الثلاثة جميعها تنطلق من قاعدة واحدة. فتعدد أربعة دوافع أساسية تدفع العالم إلى التحول السريع من استخدام البترول والغاز إلى إحلال المصادر البديلة المتجددة. لقد صيغت هذه الدوافع الأربعة بعبارات مشتركة -كأنها مكتوبة بكاتب واحد- نصها (كما أنقلها أنا هنا بتصرف بسيط من تقرير وكالة الطاقة الدولية الجديد) كالتالي:
أولاً: السعي الجماعي العالمي الحثيث إلى تحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة. وثانياً: الاتفاقيات العالمية على الالتزام بتلبية متطلبات سلامة تغيرات المناخ. وثالثاً: الابتكارات التكنولوجية المتسارعة في مجال الطاقة. ورابعاً: ثورة إنتاج البترول الصخري الأميركي. كل هذه العوامل الأربعة مُجتمعة أصبحت وسائل ضغط دائم على اقتصادات الدول التي تعتمد على إيرادات البترول والغاز بشكل كبير.
ثم يمضي تقرير وكالة الطاقة الدولية فيقول إن هذه العوامل الأربعة (المذكورة أعلاه) جميعها بالتضافر تعمل سوياً لرسم نظرتنا المستقبلية المتوقعة لاقتصادات الست دول الرئيسة المنتجة للبترول والغاز: العراق، نيجيريا، روسيا، السعودية، الإمارات، فنزويلا. (ترتيب هذه الدول الست كما وردت بالتحديد في تقرير وكالة الطاقة الدولية).
لقد نشر صندوق النقد التقرير الأول في سلسلة هذه التقارير الثلاثة التي اتفقت جميعها على تحذير الدول المنتجة للبترول والغاز (مع تجاهل الفحم). لقد افتتح صندوق النقد تقريره بمقولة معالي الشيخ أحمد زكي يماني بنهاية عصر البترول كنهاية عصر الحجر. وختم تقريره بتوجيه تحذيره إلى الدول المنتجة للبترول عامة من غير تحديد أسماء دول معينة.
بينما تقرير مركز بحوث الكربون (Carbon Tracker) حدد اثنتى عشرة دولة بالاسم وفق الترتيب التالي: الكويت، والعراق، والمملكة، وعمان، وقطر، وأذربيجان، وتركمستان، وإيران، والإمارات، والجزائر، وكازخستان، وروسيا.
الخلاصة: لا شك أن هذه التقارير الثلاثة صادقة في توجيهها النصيحة إلى الدول المنتجة والمصدرة للبترول بضرورة تنويع مصادر دخلهم والتخلص من الاعتماد الكلي الآن (بالنسبة لدول الخليج) على البترول والغاز كمصدر دخل شبه الوحيد بأسرع وقت ممكن. لكن لا شك أيضاً أن هذه التقارير الثلاثة لم تتوفق إلى التشخيص الصحيح فحذرت من خطر الاستغناء عن البترول بينما الخطر الحقيقي هو النضوب.
نقلا عن الرياض