تعيش المملكة العربية السعودية في هذا الوقت في أفضل حالاتها من حيث الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية، التي تهدف إلى تحقيق مستوى عال من الحوكمة والشفافية وتهيئة بيئة الاستثمار المحلية لاستقطاب رؤوس الأموال الدولية للاستثمار في المملكة. بدأت المملكة هذه الإصلاحات من خلال العمل على رسم رؤية لها تسير في طريق التحول الاقتصادي، من الاعتماد على مورد واحد إلى تنويع مصادر الدخل، وتوسيع قاعدة العمل؛ للقضاء على البطالة. وتحقق ذلك من خلال "رؤية المملكة 2030"، التي بدأنا جميعا نلمس نتائجها العملية، لكن تفاجئنا بعض المؤشرات الدولية بنتائج لم تكن ضمن التوقعات أو الطموحات التي نسير فيها، منها مؤشر سهولة الأعمال Ease of doing business index، الذي صدر حتى تاريخ يونيو 2017 (2018). التقرير يصدر عن مؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي منذ عام 2004.
في هذا المؤشر يتم تصنيف اقتصاد الدول في سهولة ممارسة أنشطة الأعمال على مؤشر من 1 إلى 190. وكلما نقص الترتيب دل على مرتبة عالية في سهولة القيام بأنشطة الأعمال، وأن البيئة التنظيمية أكثر مواتاة لبدء وإدارة شركة محلية. ويتم تحديد الترتيب عبر قياس المسافة الإجمالية للوصول إلى الحد الأعلى للأداء في عشرة مواضيع، يتألف كل منها من عدة مؤشرات، مع إعطاء وزن متساو لكل موضوع، تشمل بدء النشاط التجاري "تأسيس الشركات"، واستخراج تراخيص البناء، وتوظيف العاملين، وتسجيل الملكية، والحصول على الائتمان، وحماية المستثمرين، ودفع الضرائب، والتجارة عبر الحدود، وإنفاذ العقود، وتصفية النشاط التجاري.
أداء المملكة في هذا المؤشر غير مستقر؛ حيث كانت نتيجتها عام 2006 في المرتبة الـ 38 عالميا، ثم تقدمت للمرتبة 11 عام 2011، وعادت للتراجع إلى المراتب 49، ثم 82، ثم 94 حتى عام 2017. في العام 2018، تحسنت مرتبة المملكة قليلا للمرتبة الـ92، لكن لا تعكس الطموحات، ولا تمثل مقدار الجهد الذي يبذل في الإصلاحات الاقتصادية والتطويرية، التي بدأتها المملكة في الأعوام الثلاثة الماضية.
مؤشر سهولة الأعمال في حقيقته مؤشر يعتمد على مستوى الحوكمة، الذي يصل إليه الاقتصاد في سبيل دعم وتسهيل ممارسة الأعمال، وإيجاد بيئة تتسم بالعدالة والشفافية في تأسيس وبدء المشاريع، وتحقيق الحماية المطلوبة لضمان نجاحها. كما أنها تسعى إلى ضمان توثيق إجراءات العمل في المجالات العشرة، التي تمثل حافزا لرواد الأعمال والمبتكرين للبدء في ممارسة الأنشطة التجارية.
في هذا المجال، ونحن ما زلنا نعيش في غمرة السعادة بنتائج مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في نسخته الثانية، وبعدما تم إعلانه من ولي العهد في مجالات الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، والاستمرار في تنفيذ رؤية اقتصادية للمملكة، ستحقق مزيدا من الرخاء والاستدامة واستمرار العمل الإصلاحي الداخلي؛ لتحسين بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي داخليا، نطمح أن تعكس هذه المؤشرات نتائج هذا العمل الكبير، الذي يتم في المملكة. وهنا أؤكد ضرورة توفير مصادر البيانات التي يمكن أن تسهم في تحسين مكانة المملكة في المؤشرات الدولية؛ لتعكس المكانة الحقيقية، من خلال قرار يضمن إبراز نجاحات المملكة، ويساعد على تحقيق أهدافها.
نقلا عن الاقتصادية