تحرص أنظمة الشركات بشكل عام أن تفصل بين إدارات الشركات وملاكها، بحيث توجد شيئا من الاستقلال الذي يعطي الإدارة المساحة الكافية لقيادة الشركة نحو أهدافها دون تدخل الملاك المساهمين في إدارتها. وهذا بدا واضحا في نظام الشركات (1437هـ) ولائحة حوكمة الشركة (1438هـ) فيما يتعلق بالشركات المساهمة المدرجة. لذلك، ونتيجة الاستقلال في إدارة الشركة والفصل بين الملكية والإدارة التي سعت الأنظمة إلى تقريره، جاءت الأنظمة صارمة في معاقبة المديرين وأعضاء مجالس إدارات الشركات في حالة إهمالهم، والسؤال يكمن في متى يكون المديرون أو أعضاء مجالس الإدارات مسؤولين؟ أحاول أن أناقش مسألة الأخطاء والإهمال من خلال نص نظام الشركات.
تناولت المادتان (78) و(165) من نظام الشركات مسؤولية أعضاء مجالس الإدارات أو المديرين بالتضامن عن الأخطاء التي تصدر عنهم، ولكل مادة تفصيلها وحيثياتها، لكن في هذه المقالة أركز على مسألة المسؤولية والتعويض عن الخطأ الذي ينتج عن مجالس الإدارات أو المديرين. فإدارة الشركة، سواء كانت من خلال مجلس إدارة بالنسبة للشركات المساهمة أو مجلس المديرين بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة، تقوم على أساس أن تبذل الإدارة العناية والجهد المعقولين في إدارة الشركة ومراعاة مصالحها والسعي نحو نجاحها.
الإشكال في عبارة "الخطأ" الذي يصدر عن الإدارة وفي مسألة إلى أي مدى تعاقب عليه الإدارة. إن ذكر عبارة الخطأ بصيغة عامة يوجد مجموعة من الإشكالات، أحدها هو أن الخطأ مفهوم عام، وقد ينتج عن تحميل الإدارة مسؤولية الأخطاء بشكل عام، إحجام وتضييق النطاق على الإدارة في قرارتها خوفا من الوقوع في الخطأ، ومنها كذلك أن عبارة الخطأ ينشأ عنها ضبابية في حدود مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة للجمهور بشكل عام وللوسط القانوني بشكل خاص.
قد يكون من الأنسب الاقتصار على مسؤولية أعضاء مجالس الإدارات عند إهمالهم أو عدم قيامهم بالحد الأدنى من العناية التي تتطلبها، وفق معايير يمكن رسمها بشكل أكثر وضوحا. فمثلا، عند موافقة أعضاء مجلس إدارة شركة ما على صفقة ما أو استثمار معين ثم لا ينجح هذا الاستثمار بسبب ظروف اقتصادية لا يمكن التنبؤ بها، ويكون المجلس قد قام مثلا بالفحص اللازم لذلك قانونيا وماليا، وقام بالدراسات التي يحتاج إليها، فهل من المنطقي أو من العوامل المحفزة أن يعاقب المجلس طالما لم يثبت تقصير منه. حتى مسألة الإهمال أو مخالفة الأنظمة عند ربطها بمسؤولية مجلس الإدارة، ينبغي أن تكون هذه المخالفات تشتمل على الحد الأدنى من الوضوح في المعنى والوصف، بحيث يمكن أن يقلل تفاوت التفسير القضائي.
نقلا عن الاقتصادية