أعضاء مجالس الإدارات في الشركات العائلية

24/03/2021 1
د. عامر بن محمد الحسيني

لا تختلف الشركات العائلية في هذا العصر عن الشركات المساهمة من حيث حاجتها إلى تطبيق قواعد حوكمة الشركات، وإن كانت المتطلبات أقل نظرا لاختلاف التركيبة المؤسسية لهذا النوع من الشركات، وللروابط العائلية التي تجمع ملاكها. لكن هذا العصر حتم على هذه الشركات أن تتطور مقارنة بالشركات ذات الملكية العامة أو الشركات المساهمة ذات المساءلة العامة، من حيث أهمية الفصل بين الإدارة والملكية، ومن حيث تطبيق أدوات الرقابة التي تقدم توكيدا مستقلا عن سلامة الإجراءات والقرارات في مصلحة استدامة هذه المشاريع، وبعيدا عن تضارب المصالح والخدمة المحدودة.

من خلال المقال السابق يمكن أن تتضح لنا أهمية وخطورة تكوين مجالس الإدارات في الشركات العائلية، وضعف الاحترافية في العمل والفصل بين المناصب التنفيذية والملكية والرقابة وغيرها من الأسباب التي تشكل خطرا عاليا على استمرارية الشركات العائلية وبقائها في السوق.

في الشركات المساهمة، ونتيجة لفصل الملكية عن الإدارة التنفيذية، نشأت الحاجة إلى وجود مجالس الإدارات المستقلة عن العمل التنفيذي، التي تهتم بالتوجهات الاستراتيجية للشركات، والرقابة على أداء الإدارة التنفيذية، وتمثيل المساهمين والملاك والتقرير لهم من خلال قنوات محددة للتواصل مع الملاك والمستفيدين كافة. لذلك نشأ ما يعرف بمجلس الإدارة Board of directors يتم انتخاب أعضائه من قبل المساهمين في اجتماع الجمعية العمومية للشركة، ويجب أن يمتلك أعضاء المجلس درجة عالية من الدراية والتمكن في إنشاء الخطط الاستراتيجية للشركة، وتوجيه ومراقبة أعمال الإدارة التنفيذية، إضافة إلى القدرة على التعامل مع الأمور ذات العلاقة بالنشاط الرئيس للشركة والأمور المالية لها. ولهذا فعلى أعضاء المجلس مسؤوليات جسيمة في النيابة عن بقية الملاك Shareholders والمستفيدين Stakeholders لضمان استدامة المشروع وتطوره، وبالتالي هم عرضة للمساءلة وتحمل المسؤوليات التي أنيطت بهم.

أشكال مجالس الإدارات متعددة ويمكن مواءمة شكل يتناسب مع مكونات الملكية والثقافة السائدة. هناك شكلان لمجلس الإدارة في الأدبيات العلمية، الأول نظام المجلس الموحد The Unitary-Boards System ويأتي من خلال إنشاء مجلس واحد يضم التنفيذيين وغيرهم. والآخر نظام المجلس الثنائي The Two-Board System ويعتمد على الفصل بين مجلس التنفيذيين ومجلس المستشارين. وهذا النموذج يمكن أن يطبق في الشركات العائلية التي ترى أن مستوى بعض أعضائها لا يمكنهم من قيادة الشركة أو التدخل في قراراتها بشكل مباشر. ستظل الشركات العائلية جزءا مهما من اقتصادات العالم، وشكلا من أشكال نشوء الشركات وتطورها، لكن هذا النموذج بحاجة إلى تحديث وتطوير ليتناسب مع احتياجات هذا العصر وتسهم هذه الشركات في النمو الاقتصادي والاستدامة. وفي المملكة يمكن أن توجه الجهود نحو تطوير هذا النوع من الشركات ووضع مراحل انتقالية لها لتطوير نماذجها وقيادة التحول فيها نحو شركات كبيرة وذات ملكية عامة تسهم في تحقيق الأهداف الاقتصادية لرؤية المملكة 2030.

 

 

 

نقلا عن الاقتصادية