يأتي انعقاد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار لعام 2018، الذي انطلقت جلساته أمس، وسط تفاؤل كبير بما استطاع الاقتصاد السعودي تحقيقه خلال أكثر من عامين مضيا، وفقا لمشروعه الإصلاحي العملاق، ممثلا في "رؤية المملكة 2030"، الذي حظي أخيرا بشهادة مستحقة صادرة من إحدى كبريات وكالات التصنيفات الائتمانية حول العالم "موديز"، تبلور التقاطعات الثلاثة: "مبادرة مستقبل الاستثمار، رؤية المملكة 2030، تقييم وكالة موديز" - التقدم الإيجابي، الذي أحرزه الاقتصاد السعودي حتى الآن، وتضيف كثيرا من المعالم المستقبلية المتفائلة المنتظر إحرازها على أغلب المستويات؛ تنمويا واقتصاديا وماليا واستثماريا.
استندت وكالة موديز في تصنيفها الإيجابي للاقتصاد السعودي، وتأكيدها على وضع تصنيفه الائتماني عند A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، إلى الاعتماد على مكتسباته الحقيقية من برامج الإصلاح عموما، ومن برنامج تحقيق التوازن المالي خصوصا، التي أتاحت مجتمعة له فرصة نيله تصنيفا أعلى، دفعها إلى التأكيد على قوته الائتمانية، وتمتعه بنظرة مستقرة ومتوازنة عموما من حيث المخاطر على التصنيف الائتماني.
بناء عليه، قامت الوكالة برفع توقعاتها تجاه النمو الحقيقي للاقتصاد من توقعاتها السابقة ضمن مستويات 1.3-1.5 في المائة، إلى 2.5-2.7 في المائة خلال الفترة 2018-2019، وترجيحها ارتفاع الإنتاج النفطي بما يعزز بدوره قوة الاقتصاد، والتأكيد على أن النشاط المتنامي للقطاع غير النفطي سيسهم بمزيد من القوة في النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، بفضل تقدم برامج تنويع قاعدة الإنتاج المحلية في الأجلين المتوسط والطويل.
وخفضت الوكالة توقعاتها المتعلقة بالعجز المالي الحكومي، من مستوياتها السابقة ضمن نطاق 5.2-5.8 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي، لتستقر وفق توقعاتها الأحدث ضمن نطاق متدنٍّ، بلغت مستوياته 3.5-3.6 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وأن يشهد اتجاه الدين العام تحسنا كبيرا خلال العامين المقبلين، واستقرار نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى أدنى من 25 في المائة، وذلك بفضل السياسة المالية المنضبطة، رغم ارتفاع الإيرادات النفطية أخيرا.
مهدت هذه النظرة المستقرة للاقتصاد السعودي عديدا من الفرص، وليس انعقاد مؤتمر مستقبل الاستثمار الأخير إلا إحداها، المتوقع أن يخرج بالنجاح في اجتذاب عشرات المليارات من الدولارات كاستثمارات أجنبية حول العالم؛ لتسهم في توسيع وتعظيم الاقتصاد السعودي، بالتركيز على ثلاثة محاور رئيسة: أولا، الاستثمار في التحول، الذي يدور حول الآليات الممكنة للتدفقات الاستثمارية الأجنبية للمساهمة في إيجاد مدن جديدة، وكيف لها أن تحدث التحولات المأمولة في الاقتصاد المحلي، وحول العالم. ثانيا، التقنية كمصدر للفرص، وبحث كيف لها أن تكون عامل تمكين وإسهام في إيجاد فرص اقتصادية جديدة، من خلال التخصيص والتصنيع على نطاق واسع. ثالثا، تطوير القدرات البشرية؛ سعيا إلى بناء عالم يتعاون فيه البشر والآلات معا؛ لتحسين نوعية الحياة، وزيادة معدلات الأمان والإنتاجية والسعادة.
الخلاصة؛ إن الاقتصاد السعودي يقف اليوم على أرض صلبة أقوى مما سبق له الوقوف عليها، مستفيدا بالدرجة الأولى من مبادرات وبرامج الإصلاح والتطوير التي بدأ العمل بها قبل منتصف 2016، تحت مظلة "رؤية المملكة 2030"، التي أسهمت في زيادة مناعته تجاه الانخفاض الكبير في أسعار النفط، ومكنته بصورة أفضل من التكيف سريعا مع الآثار العكسية لعمليات الإصلاح من جهة، وآثار انخفاض أسعار النفط من جهة أخرى. وعلى الرغم من التوقعات التي قدرتها الأجهزة ذات العلاقة بتنفيذ برامج "الرؤية" تجاه النمو الاقتصادي والعجز في المالية العامة، إضافة إلى بقية مؤشرات الأداء الاقتصادي عموما، التي كانت جميعها متحفظة جدا، إلا أن النتائج الفعلية للنمو الحقيقي للاقتصاد والعجز المالي والدين العام وبقية المؤشرات، جاءت على أرض الواقع أفضل بكثير مما كان متوقعا، بتوفيق من الله، ثم بفضل الالتزام التام بإجراءات تنفيذ مبادرات وبرامج "رؤية المملكة 2030".
أدى كل ذلك بدوره إلى بروز كثير من الفرص الاستثمارية الهائلة، التي سيثمر اقتناصها وتوظيف الموارد والثروات المحلية ومن خارج الحدود في قنواتها المجدية - اندفاع الاقتصاد السعودي بخطوات أسرع وأكبر، تمكنه أولا من تجاوز تحدياته التنموية الراهنة، كتنويع قاعدة الإنتاج المحلية، وزيادة الاستقلال عن النفط كمورد وحيد للدخل، والتغلب على معدلات البطالة، وكثير من التحديات التنموية الأخرى، وثانيا تمكنه من اقتناص الفرص الواعدة لدينا، التي ستسهم بكل تأكيد في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، ونموه الحقيقي، مستندا إلى أكثر من قاعدة إنتاجية عملاقة بخلاف النفط، التي بدورها ستوفر مئات الآلاف سنويا من فرص العمل أمام الباحثين عنها من المواطنين والمواطنات، ودورها المتوقع في تحسين مستويات المعيشة لأفراد المجتمع، وكل ذلك لا شك أنه يعني ضمنيا الدفع بالقطاع الخاص لدينا تحديدا، وببيئة الاستثمار المحلية عموما نحو آفاق أكثر اتساعا، وأعلى كفاءة وربحية على رؤوس الأموال والاستثمارات.
ختاما، اتسم تحرك الاقتصاد السعودي خلال المرحلة الأخيرة بعديد من الإيجابيات، لعل من أهمها الشفافية ومحاربة الفساد، وهما العاملان الأهم لاجتذاب ثقة المستثمرين، سواء كانوا محليين أو من خارج الحدود، التي من شأنها أن تزيل أي غموض قد يؤدي إلى ارتفاع درجات المخاطرة، وهو ما تخشاه أي استثمارات عملاقة، خاصة حينما تكون مؤسساتية وخاضعة لمعايير حوكمة عالية في موطنها، ما يشير بوضوح إلى تفوق الاقتصاد السعودي مقارنة بغيره من الاقتصادات، خاصة الاقتصادات الناشئة، ويضعه في مرتبة أفضل تؤهله لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية اللازمة، واجتذاب أفضلها المقترن بوجود عنصر تقني متقدم، سيكون لوجوده محليا عوائد لا يمكن قياس آثارها الإيجابية بلغة أرقام اليوم. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
استندت وكالة موديز في تصنيفها الإيجابي للاقتصاد السعودي، وتأكيدها على وضع تصنيفه الائتماني عند A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، إلى الاعتماد على مكتسباته الحقيقية من برامج الإصلاح عموما، ومن برنامج تحقيق التوازن المالي خصوصا، التي أتاحت مجتمعة له فرصة نيله تصنيفا أعلى، دفعها إلى التأكيد على قوته الائتمانية، وتمتعه بنظرة مستقرة ومتوازنة عموما من حيث المخاطر على التصنيف الائتماني.
بناء عليه، قامت الوكالة برفع توقعاتها تجاه النمو الحقيقي للاقتصاد من توقعاتها السابقة ضمن مستويات 1.3-1.5 في المائة، إلى 2.5-2.7 في المائة خلال الفترة 2018-2019، وترجيحها ارتفاع الإنتاج النفطي بما يعزز بدوره قوة الاقتصاد، والتأكيد على أن النشاط المتنامي للقطاع غير النفطي سيسهم بمزيد من القوة في النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، بفضل تقدم برامج تنويع قاعدة الإنتاج المحلية في الأجلين المتوسط والطويل.
وخفضت الوكالة توقعاتها المتعلقة بالعجز المالي الحكومي، من مستوياتها السابقة ضمن نطاق 5.2-5.8 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي، لتستقر وفق توقعاتها الأحدث ضمن نطاق متدنٍّ، بلغت مستوياته 3.5-3.6 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وأن يشهد اتجاه الدين العام تحسنا كبيرا خلال العامين المقبلين، واستقرار نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى أدنى من 25 في المائة، وذلك بفضل السياسة المالية المنضبطة، رغم ارتفاع الإيرادات النفطية أخيرا.
مهدت هذه النظرة المستقرة للاقتصاد السعودي عديدا من الفرص، وليس انعقاد مؤتمر مستقبل الاستثمار الأخير إلا إحداها، المتوقع أن يخرج بالنجاح في اجتذاب عشرات المليارات من الدولارات كاستثمارات أجنبية حول العالم؛ لتسهم في توسيع وتعظيم الاقتصاد السعودي، بالتركيز على ثلاثة محاور رئيسة: أولا، الاستثمار في التحول، الذي يدور حول الآليات الممكنة للتدفقات الاستثمارية الأجنبية للمساهمة في إيجاد مدن جديدة، وكيف لها أن تحدث التحولات المأمولة في الاقتصاد المحلي، وحول العالم. ثانيا، التقنية كمصدر للفرص، وبحث كيف لها أن تكون عامل تمكين وإسهام في إيجاد فرص اقتصادية جديدة، من خلال التخصيص والتصنيع على نطاق واسع. ثالثا، تطوير القدرات البشرية؛ سعيا إلى بناء عالم يتعاون فيه البشر والآلات معا؛ لتحسين نوعية الحياة، وزيادة معدلات الأمان والإنتاجية والسعادة.
الخلاصة؛ إن الاقتصاد السعودي يقف اليوم على أرض صلبة أقوى مما سبق له الوقوف عليها، مستفيدا بالدرجة الأولى من مبادرات وبرامج الإصلاح والتطوير التي بدأ العمل بها قبل منتصف 2016، تحت مظلة "رؤية المملكة 2030"، التي أسهمت في زيادة مناعته تجاه الانخفاض الكبير في أسعار النفط، ومكنته بصورة أفضل من التكيف سريعا مع الآثار العكسية لعمليات الإصلاح من جهة، وآثار انخفاض أسعار النفط من جهة أخرى. وعلى الرغم من التوقعات التي قدرتها الأجهزة ذات العلاقة بتنفيذ برامج "الرؤية" تجاه النمو الاقتصادي والعجز في المالية العامة، إضافة إلى بقية مؤشرات الأداء الاقتصادي عموما، التي كانت جميعها متحفظة جدا، إلا أن النتائج الفعلية للنمو الحقيقي للاقتصاد والعجز المالي والدين العام وبقية المؤشرات، جاءت على أرض الواقع أفضل بكثير مما كان متوقعا، بتوفيق من الله، ثم بفضل الالتزام التام بإجراءات تنفيذ مبادرات وبرامج "رؤية المملكة 2030".
أدى كل ذلك بدوره إلى بروز كثير من الفرص الاستثمارية الهائلة، التي سيثمر اقتناصها وتوظيف الموارد والثروات المحلية ومن خارج الحدود في قنواتها المجدية - اندفاع الاقتصاد السعودي بخطوات أسرع وأكبر، تمكنه أولا من تجاوز تحدياته التنموية الراهنة، كتنويع قاعدة الإنتاج المحلية، وزيادة الاستقلال عن النفط كمورد وحيد للدخل، والتغلب على معدلات البطالة، وكثير من التحديات التنموية الأخرى، وثانيا تمكنه من اقتناص الفرص الواعدة لدينا، التي ستسهم بكل تأكيد في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، ونموه الحقيقي، مستندا إلى أكثر من قاعدة إنتاجية عملاقة بخلاف النفط، التي بدورها ستوفر مئات الآلاف سنويا من فرص العمل أمام الباحثين عنها من المواطنين والمواطنات، ودورها المتوقع في تحسين مستويات المعيشة لأفراد المجتمع، وكل ذلك لا شك أنه يعني ضمنيا الدفع بالقطاع الخاص لدينا تحديدا، وببيئة الاستثمار المحلية عموما نحو آفاق أكثر اتساعا، وأعلى كفاءة وربحية على رؤوس الأموال والاستثمارات.
ختاما، اتسم تحرك الاقتصاد السعودي خلال المرحلة الأخيرة بعديد من الإيجابيات، لعل من أهمها الشفافية ومحاربة الفساد، وهما العاملان الأهم لاجتذاب ثقة المستثمرين، سواء كانوا محليين أو من خارج الحدود، التي من شأنها أن تزيل أي غموض قد يؤدي إلى ارتفاع درجات المخاطرة، وهو ما تخشاه أي استثمارات عملاقة، خاصة حينما تكون مؤسساتية وخاضعة لمعايير حوكمة عالية في موطنها، ما يشير بوضوح إلى تفوق الاقتصاد السعودي مقارنة بغيره من الاقتصادات، خاصة الاقتصادات الناشئة، ويضعه في مرتبة أفضل تؤهله لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية اللازمة، واجتذاب أفضلها المقترن بوجود عنصر تقني متقدم، سيكون لوجوده محليا عوائد لا يمكن قياس آثارها الإيجابية بلغة أرقام اليوم. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية