شهدت مبيعات السيارات الجديدة خلال السنتين الماضيتين تراجعاً حاداً في المبيعات نظراً للظروف الاقتصادية التي صاحبت تراجع أسعار النفط، ولكن المبيعات تحسنت قليلاً خلال النصف الأول من العام الحالي ربما يكون بسبب السماح للمرأة بقيادة السيارة حيث وصل إجمالي مبيعات السيارات في النصف الأول من العام الحالي 190,892 سيارة، وفي الحقيقة ليس هذا النمو كافياً للتخفيف من الضغط على وكلاء السيارات حيث إن الشركات المصنعة للسيارات تطلب حداً معيناً للنمو السنوي وإلا فإن الوكالة سوف تنتقل إلى وكيل جديد يستطيع تسويقها بشكل أفضل وقد يضطر بعض الوكلاء إلى البيع بسعر التكلفة حفاظاً على الوكالة أو لسداد الأعباء التمويلية من البنوك، ومع رفع أسعار الطاقة توجه الكثير من المشترين إلى السيارات الاقتصادية وخصوصاً الكورية والصينية لتوفير تكلفة أسعار الطاقة وأيضاً الاستفادة من أسعارها المنخفضة والتطور والتحسين المستمر فيها والذي يواكب التطور في السيارات الفارهة وخصوصاً ما يتعلق في التقنية التي عادة يحبذها الشباب.
البيع بالتقسيط أو التأجير الذي ساهم خلال السنوات الماضية في تضخيم مبيعات السيارات هو الآخر من الممكن أن يتأثر بسبب تطبيق مؤسسة النقد السعودي لمعايير جديدة في تمويل الأفراد فيما يسمى بالتمويل المسؤول للأفراد الذي قد يخفض مبلغ التمويل الممكن الحصول عليه وهو أيضاً سوف يوجه المشترى إلى السيارات الأقل كلفة، أيضاً ساهم نظام المخالفات المرورية الجديد والجدية في تطبيقه إلى خفض معدلات حوادث السيارات كما أن هنالك توجهاً في وزارة النقل إلى إعادة الدراسة لسلامة الطرق مع إحدى الشركات العالمية المتخصصة مع أجل معالجة الأخطاء في تصاميم الطرق وهذا بدوره سوف يخفض أيضاً الحوادث وبالتالي مبيعات السيارات، ومع كل هذا التراجع الحاد في مبيعات السيارات الجديدة إلا أن المستقبل قد يكون أكثر إشراقاً مع النمو الاقتصادي المتوقع خلال السنوات المقبلة والزيادة في عدد السكان والتوجه إلى المزيد من فتح الفرص الوظيفية للمواطنين ولا يوجد أي تأثير قوي من تناقص أعداد الوافدين مع تطبيق السعودة خلال السنوات القادمة.
مع أن انخفاض مبيعات السيارات الجديدة له آثار سلبية على وكلاء السيارات إلا أن أمامهم العديد من الفرص التي قد تساهم في تطوير مبيعاتهم من خلال فتح المجال لمبيعات السيارات المستعملة وخصوصاً أنهم يمتلكون مراكز صيانة تعيد السيارات المستعملة إلى الحالة الجيدة التي تجذب المشتري، ولكن لابد أن تكون الأسعار منافسة للوصول إلى شريحة كبيرة من العملاء مع منح ضمان على الأقل لمدة 6 أشهر والاستفادة من مبيعات قطع الغيار والتوسع في مراكز الخدمة، وتخفيض أسعار الصيانة وقطع الغيار قد تساعد أيضاً في جلب عملاء جدد وخصوصاً أن ورش الصيانة التقليدية تفتقد للمهنية العالية وقد تلحق أضراراً بالسيارات، ومراكز الصيانة المتخصصة تحت مظلة وكلاء السيارات قد تساهم في زيادة العمر الافتراضي للسيارات والذي يعد الأقل على مستوى العالم بسبب عدم انتشار ثقافة الصيانة الدورية وأيضاً ارتفاع تكاليفها، وإن كان هذا لا يرضي الشركات المصنعة إلا أن النجاح في تسويق قطع غيار السيارات الأصلية من خلال الانتشار الواسع قد يزيد من مبيعات قطع الغيار والتي يزيد هامش أرباحها عن هوامش مبيعات السيارات.
مواقع البيع الإلكتروني للسيارات المستعملة شهدت رواجاً خلال السنوات الماضية وذلك بسبب سهولة البحث والوصول إلى الاختيار الأمثل بأقصر الطرق والتواصل المباشر بين البائع والمشتري، ومع ذلك أعتقد أن مزيداً من التطوير والتنظيم الرسمي لهذه التقنية والمحافظة على حقوق جميع الأطراف سوف يجعلها المنفذ الأكثر مبيعاً للسيارات المستعملة وخصوصاً مع انتشار الغش والتدليس في مبيعات السيارات بالطرق التقليدية.
استيراد قطع غيار السيارات في السعودية هو الأعلى على مستوى الشرق الأوسط إذ تتجاوز القيمة السنوية حوالي 10 مليارات ريال وقد ألغت مؤخراً هيئة المواصفات والمقاييس طلب شهادة المطابقة على قطع غيار السيارات شريطة وجود إقرار من الشركة المصنعة مما سمح باستيراد قطع غيار من مصانع أخرى تلتزم بمطابقة قطع الغيار للأصلية مع الحصول على إقرار من شركات معتمدة من الهيئة تمنح شهادة المطابقة لقطع الغيار التي لا تحمل إقراراً من المصنع الرئيس وهو ما يفسح المجال للحد من قطع الغيار المقلدة التي تسببت في أضرار وحوادث كثيرة للسيارات، والأمل في فرض نسبة لا تقل عن 25 % من قطع الغيار المستوردة من أجل تصنيعها في السعودية ورفع نسبة الإنتاج المحلي وخلق فرص وظيفية للسعوديين، وأيضاً هي تمهد لإنشاء صناعات متقدمة للسيارات.
نقلا عن الرياض