بعد استعراض النهج الاستثماري العام ودوره المباشر وغير المباشر في أمريكا، من خلال تنظيمات حكومية معينة، أسهمت في الإبداع والنمو والتكامل مع القطاع الخاص، يقدم الكتاب توضيحا أكثر دقة، من خلال تجربة شركة أبل، التي أصبحت حديثا أول شركة تتخطى قيمتها السوقية تريليون دولار. لا أحد ينكر عبقرية ستيف جوبز وقدرات فريقه على تجميع وإخراج التقنيات المناسبة والقرارات الحصيفة لإيجاد سوق استهلاكية جديدة. كل هذه التقنيات الأساسية كانت نتيجة أبحاث نظرية، وتطبيقاتها تمت بجهود في مراكز بحثية وجامعات حكومية. يتتبع الكتاب تطور تقنيات لمس الشاشة وGPS وSIRI وبروتوكولات الشبكة العنكبوتية والبطاريات.
استطاعت "أبل" خاصة بعد رجوعها بقوة وتغيير اسمها من "أبل كمبيوتر" إلى "أبل"، تجميع هذه التقنيات لإنتاج I pod في 2002، الذي بلغ مجمل مبيعاته وحده في الفترة "2002 - 2014" 67.5 مليار دولار، بعد هذا المنتج الناجح بدأت سلسلة أخرى لعل أشهرها I PHONE، جاء هذا المنتج كأول تمركز للشركة نحو المستهلك. أحد المؤشرات يأتي من خلال قلة مصروفات "أبل" على الأبحاث مقارنة "بمايكروسوفت" و"جوجل" و"سامسونج"، حيث تركز "أبل" جهودها على تجميع وتطوير التقنيات الجديدة وإخراجها بالشكل المناسب والجاذب للمستهلك، لكن هذه الإبداعات تمت في أماكن أخرى. من الممتع هنا ذكر أن الشريك الثالث في "أبل" رونالد وين باع حصته إلى جوبز ووزنياك بمبلغ 800 دولار في 1977 قبل طرحها في السوق. لم تختر الحكومة الأمريكية إنتاج I POD ولا حتى شركة أبل لقيادة السوق في هذا الاتجاه، لكن هذا مختلف عن النظر بدقة في المكونات الأساسية تقنيا، أو التعاون والاستثمار وحماية الشركة في براءات الاختراعات وطنيا ودوليا.
أحيانا تكون مقتضيات المنافسة الدولية أحد أسباب تدخل الحكومة في توجيه صناعات معينة، ترى أنها مهمة للاقتصاد أو الأمن القومي، فمثلا كان هناك خوف من تفوق اليابان في صناعات الذاكرة والموصلات، ما أدى إلى تدخل وزارة الدفاع في قيادة تجمع لاستثمار مليار دولار في "مبادرة الحاسوبات الاستراتيجية" بين 1983 و 1993. لم تبدأ السياسة الأمريكية مع "أبل" أو هذه الصناعة الاستراتيجية، لكنها مستمرة اليوم مع صناعات أخرى في الثورة الصناعية الخضراء أو الطاقة المتجددة على سبيل المثال، السياسة النشطة تتطلب فرزا في الخيارات الوطنية، خاصة في ظل الضغوط المالية. تحت هذا التوجه العام في هاتين المبادرتين هناك برامج متعددة. والأهداف الأساسية هي تفعيل البيئة القادرة Eco-system وضبط الإيقاع للتقنيات الواعدة والاستثمار فيها، فهي أحيانا تأخذ بتقنيات متعددة في البداية؛ لأنه يصعب تحديد الأعلى احتمالا في النجاح، فترى وزارة الطاقة تقبل بتمويل أبحاث نظرية وتطبيقية متعددة في مراحل مختلفة؛ لأنه يصعب معرفة الطريق الأمثل تقنيا واقتصاديا من ناحية، والحاجة الضرورية إلى المنافسة من ناحية أخرى. تطوير النهج في السياسات والتجربة وتماسك المنظومة ودرجة المساءلة والتمييز بين النظري والتطبيقي والعلاقة بين الحكومة والشركات - جعل أمريكا في مركز متميز.
رغم أنها تصرف أقل من اليابان وفنلندا وكوريا وفرنسا والنرويج والسويد على R&D كنسبة من الدخل القومي، إلا أن النتائج التجارية عادة أعلى، لكن يعوض النقص من الشركات، حيث تكتمل الدائرة الخيرة؛ بسبب حجم الشركات المؤثر. لعل الجديد في الطاقة الشمسية توجه الصين الحثيث من خلال مبادرة مؤثرة، ولعل هذه التحديات أحد مصادر الاحتكاكات التجارية اليوم. في العدد الأخير سأستعرض خلاصة الكتاب واستخلاص بعض العبر.
نقلا عن الاقتصادية
استطاعت "أبل" خاصة بعد رجوعها بقوة وتغيير اسمها من "أبل كمبيوتر" إلى "أبل"، تجميع هذه التقنيات لإنتاج I pod في 2002، الذي بلغ مجمل مبيعاته وحده في الفترة "2002 - 2014" 67.5 مليار دولار، بعد هذا المنتج الناجح بدأت سلسلة أخرى لعل أشهرها I PHONE، جاء هذا المنتج كأول تمركز للشركة نحو المستهلك. أحد المؤشرات يأتي من خلال قلة مصروفات "أبل" على الأبحاث مقارنة "بمايكروسوفت" و"جوجل" و"سامسونج"، حيث تركز "أبل" جهودها على تجميع وتطوير التقنيات الجديدة وإخراجها بالشكل المناسب والجاذب للمستهلك، لكن هذه الإبداعات تمت في أماكن أخرى. من الممتع هنا ذكر أن الشريك الثالث في "أبل" رونالد وين باع حصته إلى جوبز ووزنياك بمبلغ 800 دولار في 1977 قبل طرحها في السوق. لم تختر الحكومة الأمريكية إنتاج I POD ولا حتى شركة أبل لقيادة السوق في هذا الاتجاه، لكن هذا مختلف عن النظر بدقة في المكونات الأساسية تقنيا، أو التعاون والاستثمار وحماية الشركة في براءات الاختراعات وطنيا ودوليا.
أحيانا تكون مقتضيات المنافسة الدولية أحد أسباب تدخل الحكومة في توجيه صناعات معينة، ترى أنها مهمة للاقتصاد أو الأمن القومي، فمثلا كان هناك خوف من تفوق اليابان في صناعات الذاكرة والموصلات، ما أدى إلى تدخل وزارة الدفاع في قيادة تجمع لاستثمار مليار دولار في "مبادرة الحاسوبات الاستراتيجية" بين 1983 و 1993. لم تبدأ السياسة الأمريكية مع "أبل" أو هذه الصناعة الاستراتيجية، لكنها مستمرة اليوم مع صناعات أخرى في الثورة الصناعية الخضراء أو الطاقة المتجددة على سبيل المثال، السياسة النشطة تتطلب فرزا في الخيارات الوطنية، خاصة في ظل الضغوط المالية. تحت هذا التوجه العام في هاتين المبادرتين هناك برامج متعددة. والأهداف الأساسية هي تفعيل البيئة القادرة Eco-system وضبط الإيقاع للتقنيات الواعدة والاستثمار فيها، فهي أحيانا تأخذ بتقنيات متعددة في البداية؛ لأنه يصعب تحديد الأعلى احتمالا في النجاح، فترى وزارة الطاقة تقبل بتمويل أبحاث نظرية وتطبيقية متعددة في مراحل مختلفة؛ لأنه يصعب معرفة الطريق الأمثل تقنيا واقتصاديا من ناحية، والحاجة الضرورية إلى المنافسة من ناحية أخرى. تطوير النهج في السياسات والتجربة وتماسك المنظومة ودرجة المساءلة والتمييز بين النظري والتطبيقي والعلاقة بين الحكومة والشركات - جعل أمريكا في مركز متميز.
رغم أنها تصرف أقل من اليابان وفنلندا وكوريا وفرنسا والنرويج والسويد على R&D كنسبة من الدخل القومي، إلا أن النتائج التجارية عادة أعلى، لكن يعوض النقص من الشركات، حيث تكتمل الدائرة الخيرة؛ بسبب حجم الشركات المؤثر. لعل الجديد في الطاقة الشمسية توجه الصين الحثيث من خلال مبادرة مؤثرة، ولعل هذه التحديات أحد مصادر الاحتكاكات التجارية اليوم. في العدد الأخير سأستعرض خلاصة الكتاب واستخلاص بعض العبر.
نقلا عن الاقتصادية