الخلط بين ذروة العرض وذروة الطلب «2 - 2»

01/10/2018 0
د. أنور أبو العلا

في مقال الأحد الماضي استعرضنا التقرير الصادر من Carbon Tracker الذي يتوقع الاستغناء كُلياً عن الوقود الأحفوري «البترول، والغاز، والفحم» من دون أي تعليق منّي على محتويات التقرير.. اليوم سأناقش - بقدر مساحة هذه الزاوية - الرسالة التي يُوجهها كاتب التقرير إلى دول العالم. نحن في منطقة الخليج يهمنا من الوقود الأحفوري فقط البترول ثم الغاز، ولا يهمنا الفحم لأنه لا يوجد فحم لدينا.

لكن الواضح أيضاً أن التقرير نفسه يركز على البترول ويتجاهل كُلياً الفحم. هذه النقطة «أي تجاهل التقرير للفحم» واضحة من أسماء الدول التي يذكرها التقرير بالاسم بأنها ستتعرض للخطر، فلم يوجد فيها ولا دولة واحدة منتجة للفحم. بينما واضح أنه يركز على البترول ويوجه رسالته لدول الخليج العربية «مجلس التعاون والعراق». أما بقية الدول فهي تحصيل حاصل وتأتي في ذيل قائمة الاثنتي عشرة دولة المُعرّضة للخطر.

كاتب التقرير يُصدر حُكماً لا يستند على الواقع وإنما أشبه بالخيال، فهو يقتبس مقولة تقرير صندوق النقد التي تُشبّهُ إحلال السيارة الكهربائية محل سيارة البنزين بنفس سرعة إحلال سيارة البنزين محل الحصان خلال 15 سنة.

التقرير يقول: الطلب على الوقود الأحفوري سيبدأ بالانخفاض العام 2023 «بعد خمس سنوات» وسينتهي عصره بعد العام 2050. سيقتصر كلامي على البترول كالتالي:

استقراء التاريخ: لقد كان الطلب اليومي على البترول 87.1 مليون برميل العام 2007، وقفز إلى 98,2 مليون برميل العام 2017، أي أن متوسط معدل نمو الطلب السنوي على البترول 1.21 % في العشر السنوات الماضية.

بحكم متابعتي لسوق البترول منذ منتصف الثمانينات، وبحكم أن رسالتي للدكتوراه عن سوق البترول، ثم عملي في وزارة المالية قريب من سوق البترول أستطيع أن أقول بكل ثقة: إنه يوجد لدي من الخبرة والمعرفة بسوق البترول أكثر من الذين يقومون بدراسات عن سوق البترول من غير التجربة العملية أو الخلفية الاقتصادية الكافية.

لا يوجد سيناريو واحد لمستقبل سوق البترول، لكن من عدة سيناريوهات أتوقعها اخترت واحداً منها قد يكون أكثر السيناريوهات احتمالاً كالتالي:

سيواصل الطلب على البترول نموه بمتوسط معدل نمو سنوي 0.6 % إلى العام 2046 فيبلغ الطلب اليومي 116.80 مليون برميل، ثم سيبقى الطلب على نفس مستواه تقريباً «plateau» إلى العام 2056 لعدم قُدرة إنتاج البترول على تلبية زيادة الاستهلاك «وليس لانخفاض الطلب» ثم سيبدأ الطلب في الانخفاض سريعاً بسبب الانخفاض القسري في إنتاج البترول مع الارتفاع السريع في سعر البترول إلى ما لا نهاية.

 بالتأكيد سيأتي يوم ستحل السيارة الكهربائية مكان سيارة البترول، لكن ليس للاستغناء عن البترول بل لنُدرة البترول.

نقلا عن الرياض