عندما يتولى الشخص مسؤولية تتجاوز مسؤوليته الفردية يصبح ملتزما بالمسؤولية responsibility أمام من ولاه هذه المسؤولية. في البدء كانت المسؤولية تقع بين المالك وبين الإدارة المحترفة التي أوكلت إليها مهمة إدارة وتشغيل أمر ما، والنتائج تحسب من خلال العوائد التي تتحقق وفقا لتطلعات وطموحات الملاك. نشأ حينها مفهوم المسألة Accountable الذي يمنح الحق للمالك أن يسأل المسؤول عما يقوم به، ليتأكد أنه يعمل لمصلحته دون أي تعارض للمصالح. تطور مفهوم المسؤولية بعد ذلك ليشمل الحق جميع أصحاب المصالح Stakeholder groups الذين يتأثرون بعمل المسؤول، ويصبح لهم الحق في مساءلة المسؤول عن أدائه وعن الأثر الواقع عليهم نتيجة عمله. حينها أصبح لزاما أن يتطور مفهوم الشفافية Transparency ليواكب مفاهيم المساءلة والمسؤولية الذي يعني القدرة على إبصار الأشياء الموضوعة خلف شيء ما، ما يعني القدرة على رؤية المكونات ومعرفتها. وتعرف أيضا على كونها تجعل الشيء شفافا، فيمكن رؤية ما خلفه للتمكن من الحكم على مفرداته وأدواته.
وتعد الشفافية من أهم مكونات نظام الحوكمة، لما توفره من عدالة بين جميع الأطراف المستفيدة. وعليه، فقد عرفتها منظمة الشفافية الدولية بأنها المبدأ الذي يسلط الضوء على الأنظمة والخطط والإجراءات والعمليات لمعرفة لماذا وكيف وماذا وبأي مقدار. كما تتيح الشفافية معرفة أن الموظفين العموميين والمديرين وأعضاء مجالس الإدارات ورجال الأعمال يمارسون أنشطتهم بطريقة واضحة ومفهومة والتقرير عن تلك الأنشطة بما يضمن العدالة والمساواة، ما يمكن عامة المتأثرين من مساءلتهم ومحاسبتهم من خلال الأنظمة والمؤسسات الرسمية. لذا، ينظر إلى الشفافية على أنها أضمن طريق للحماية ضد الفساد، والمساعدة على رفع مستوى الثقة بالأفراد والمؤسسات، التي يتأثر بها مستقبلنا. كما عرفت بأنها حق المواطنين في الحصول على البيانات والاطلاع على المعلومات وآليات صنع واتخاذ القرارات، ووضع معايير أخلاقية تسهم في كشف الفساد "هلال، 2007".
إن اتباع منهج الشفافية أمام الرأي العام يفتح المجال أمام أصحاب المصالح للمطالبة بمساءلة الموظف العام والمسؤول عن الإجراءات التي قام بها في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة التي يسعى الجميع إلى تحقيقها. لذا، يجب على المسؤول أن يتقبل الرأي الآخر ويتعامل معه بحكمة واقتدار لتبرير ما يراه أو يواجه من عقبات في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة. من حق أطراف المصلحة أن يطلعوا على ما تواجهه منظماتهم من مخاطر ومستوى خطورتها والآليات المتبعة في التعامل مع هذه المخاطر، وهذا أحد أركان الوظيفة العامة أو تمثيل أصحاب المصالح. وتظل قدرة المسؤول في إشراكهم في عملية التعامل مع هذه المخاطر وإطلاعهم على ما يمكن عمله في سبيل المحافظة والاستمرار دون تأثير في أهداف المنظمة العامة. مع مراعاة أن التعامل مع الرأي العام والمستفيدين لا يعني التخلي عن المسؤولية وإلقاءها على الطرف الآخر بحجة عدم القدرة في مقابل الظروف القاسية التي تواجهها المنظمة، فهذا يعد تخاذلا وتراخيا في تحمل المسؤولية والبحث عن حلول للمخاطر التي تواجه المنظمة. ويجب حينها العمل على إيجاد حلول بعيدا عن إثارة الرأي العام أو استعدائه بتصريحات لا مسؤولة.
نقلا عن الاقتصادية