الفوائد الأسرية لارتفاع الأسعار

06/09/2018 6
طلعت بن زكي حافظ

حدثني أحد الأصدقاء عن قضاء إجازته السنوية برفقة أسرته بإحدى الدول الغربية التى يتعامل فيها سوق العمل بنظام أجر الساعة Hourly Wage وليس بأجر القطعة أو العمل المنجز، والتي يبدأ فيها أجر الساعة كحد أدنى بمبلغ 11 دولارا أميركيا أو ما يعادل قرابة 42 ريالا سعوديا للأعمال المبتدئة أو البسيطة First Entry Jobs ويصل فيها الأجر بالساعة لأنواع الأعمال المتقدمة والحساسة Advanced & Sensitive Jobs إلى 80 دولارا أميركيا أو ما يعادل 300 ريال سعودي بل وقد يزيد على ذلك.

وفي ظل ارتفاع أجور العمالة بتلك الدولة واجه صديقي مشكلة إنجاز عدد من الأعمال المنزلية اليومية الاعتيادية التي يحتاج اليها أي منزل مثل أعمال التنظيف اليومي والطهي وغسل الملابس وإلى غير ذلك من الأعمال، وبالذات وأن الحد الأدنى لأجور العمالة المنزلية لتنظيف منزل صغير متواضع ولمرة واحدة فقط قد تصل إلى 200 دولار أميركي أو ما يعادل 750 ريالاً سعودياً.

ارتفاع الأجور بتلك الدولة لم تكن الإشكالية الوحيدة التي واجهت صديقي، حيث إن طلب الحصول على أي خدمة مهما كانت يتطلب الحجز لها مسبقاً بتلك الدولة والذي قد يأخذ بدوره وقتاً طويلاً ببعض الأحيان وهذه إشكالية أخرى واجهت صديقي لم تكن في الحسبان.

لم يجد صديقي حلاً لمعضلة ارتفاع أسعار الأجور بتلك الدولة والحاجة إلى الحجز المسبق للحصول على الخدمة، سوى الاتفاق مع أفراد أسرته بالقيام بجميع أعمال المنزل بالتقاسم والتشارك وتوزيع المهام والمسؤوليات من تنظيف وطهي وغسيل ملابس وإلى غير ذلك من الأعمال فيما بينهم، وهذا ما قد تم بالفعل.

برأيي أن الفوائد الاقتصادية والمالية التي جنتها الأسرة بسبب ارتفاع الأسعار بتلك الدولة، توفيرها لأموال طائلة كانت ستنهدر وتصرف في غير محلها وفي غير موضعها مقابل القيام بإنجاز أعمال منزلية بسيطة، سيما وأن تلك الأموال قد تم توجيهها للصرف على متطلبات أخرى للرحلة لا تقل أهمية عن تنظيف المنزل ولكن لا يمكن للأسرة القيام بها بنفسها.

الفائدة الأخرى التي جنتها برأيي الأسرة من تصرفها الحكيم والتي هي الأهم إلى جانب توفيرها للأموال، تقاسمها لمسؤولية أسرية خلال السفر للخارج مما عزز من مبدأ التشارك الأسري في القيام بأعمال منزلية بسيطة وعدم الإلقاء بكامل المسؤولية على ربة المنزل، كما أن التشارك في القيام بأعمال المنزل انعكس بفوائد صحية عديدة على أفراد الأسرة، منها شعور أفرادها بالنشاط والحيوية.

أتطلع بأن تَعم ثقافة التشارك الأسري في نظافة المنازل وخدمتها في بلادنا وكما هو واقع الحال في اليابان، مما سيمكننا من توفير أموال طائلة يتم صرفها في السعودية سنوياً على العمالة المنزلية لتنظيف منازلنا وخدمتها والتي تقدر بنحو 26 مليار ريال.

نقلا عن الرياض