في نهاية التسعينات الميلادية، وُصفت الصين بأنها «شريك استراتيجي مهم» للولايات المتحدة من قبل الرئيس الأميركي حينها «بيل كلينتون». وتطور هذا الوصف في فترة الرئيس بوش الابن لتصبح علاقة «قائمة على المصالح المشتركة»، وإبان فترة «أوباما» الرئاسية، أصبحت علاقة «قائمة على الاحترام المتبادل». هذا هو وصف مختصر للعلاقات الأميركية الصينية على ألسنة الرؤساء الأميركيين أنفسهم خلال العقدين الماضيين. هذا التغير في العلاقة يبدو تدريجيا بشكل معقول، مقارنة بالتغير الحاصل مع شغل الرئيس الأميركي الحالي كرسي الرئاسة. حيث أصبحت هذه العلاقة تنافسية بحته بين أضخم اقتصادين في العالم.
مذ تولى «ترمب» مقعد الرئاسة، وضع الصين نصب عينيه، هذا من الناحية الرسمية فحسب، وإلا فإن الكثير من خطاباته أثناء حملته الانتخابية كانت تدور حول العلاقة الاقتصادية مع الصين، واستهل بعدها الرئيس الأميركي فترته الرئاسية باستقبال الرئيس الصيني وتحديد فترة 100 يوم لدراسة العلاقة الاقتصادية. ولوهلة ظن البعض أن الرئيس الأميركي لا ينوي تصعيد هذا الشأن، بل إن البعض اتهمه باستخدام الصين لزيادة شعبيته للفوز بالانتخابات، وأنه لا ينوي القيام بأي إجراء تجاه الصين. إلا أن «ترمب» عاد مرة أخرى إلى الصين بعد أقل من سنة، ليفرض رسوما على منتجات صينية قيمتها 34 مليار دولار، ليتبعها الأسبوع الماضي بمنتجات أخرى قيمتها 16 مليار دولار ليصبح المجموع 50 مليار دولار. ولم يكتف بذلك بل غرد أنه لا يستبعد أن يضيف منتجات أخرى قد تبلغ قيمتها 200 مليار دولار. منهج الرئيس الأميركي يدل على أنه لن يقف عند حد إلى أن تتم اتفاقيات ترضي الطرف الأميركي، إلا أن هذا الرضا – بحسب وجهة النظر الصينية – لا يقف عند حدود المعقول، فالتوازن التجاري بين الصين وأميركا صعب جدا على المدى القصير، ففي حين صدّرت الولايات المتحدة 130 مليار دولار للصين في العام 2017، استوردت منها 505 مليار دولار، ليصبح العجز التجاري 375 مليار دولار بين البلدين، وهو عجز يستحيل تغييره في مدة قصيرة.
من الناحية الصينية، ردت الصين على الرسوم الجمركية بمثلها تماما، والتي كان آخرها المنتجات ذات الـ16 مليار دولار، بفرض رسوم إضافية على منتجات أميركية مثل الفحم والمواد الكيماوية والأدوات الطبية. ومع أن الصين تدرك أنها ستعاني أكثر من الولايات المتحدة من تبعات تصعيد هذه الحرب. إلا أنها تبدو أكثر هدوء في هذه الأزمة، فهي ما زالت تعرض حلولا متعددة على الولايات المتحدة الأميركية، كان آخرها هو زيادة استيراد الطاقة والمنتجات الزراعية من الولايات المتحدة، إلا أن هذه الحلول تبدو بعيدة جدا عن المطالب الأميركية. كما أن الصين – بطول نفسها – تأمل أن تكون هذه السياسة مرتبطة بالرئيس الأميركي الحالي فقط، لذلك فهي تعرض على الشركات الأميركية الاستثمار في الصين في الصناعات الترفيهية والصحية وعقود المشروعات كحل قصير الأمد، على أمل أن تزول هذه الغمة بعد نهاية فترة «ترمب» الرئاسية، وحينها ستبقى هذه الشركات في الصين بأموالها واستثماراتها مددا أطول. كما أن الصين بدأت تحتاط لما يحدث في المستقبل، فقد أبلغت الصين الشركات الصينية بتقليل الاعتماد على التقنية الأميركية والاستعاضة عنها بمثيلاتها الكورية والأوروبية واليابانية، وصرح مسؤول صيني أنه لا يمكن الاعتماد على التقنية الأميركية وعلى الولايات المتحدة كشريك اقتصادي في الوقت الحالي.
إلا أن ما يقلق الصين هو الهدف من هذه الحرب، هل تهدف الولايات المتحدة فعلا إلى تعديل الميزان التجاري بين البلدين؟ وإن كان هذا التعديل صعبا على المدى القصير؟ أم تهدف الولايات المتحدة لقتل طموح الصين بالارتقاء باقتصادها وتأثيرها الدولي؟ كثيرا ما يعلق الرئيس ترمب على الصين بكونها تسرق المنتجات الفكرية وحقوق الملكية الأميركية، وذلك بالاستحواذ على الشركات التقنية الأميركية، إلا أن الأرقام لا تدلل على ذلك، فمن بين 202 استثمار صيني في الولايات المتحدة بين عامي 2005 و2016، كان هناك 16 استثمارا فقط في التقنية، بما مجموعه 21 مليار دولار، وغالبية الاستثمارات المتبقية كانت في المجال العقاري. أي أن هذا التهديد ليس مثبتا بشكل مؤكد على الصين. وهذا ما يزيد الصين قلقا من مغزى هذه الحرب. وتشير دراسة بريطانية (من بنك إنجلترا) إلى أن نمو الاقتصاد الأميركي قد ينخفض بنسبة 0.5 في المائة بسبب هذه الحرب، كما تشير دراسة أخرى (من جامعة أوكسفورد) إلى أن الناتج القومي الأميركي قد ينخفض هو الآخر بنسبة واحد في المائة للسبب نفسه. ومن غير المتوقع أن الولايات المتحدة لا علم لها بهذه الأرقام، فهل هذا الانخفاض والتأثر السلبي للاقتصاد الأميركي، هو ثمن تدفعه الولايات المتحدة لوقف النمو والطموح الصيني؟
نقلا عن الشرق الأوسط
مذ تولى «ترمب» مقعد الرئاسة، وضع الصين نصب عينيه، هذا من الناحية الرسمية فحسب، وإلا فإن الكثير من خطاباته أثناء حملته الانتخابية كانت تدور حول العلاقة الاقتصادية مع الصين، واستهل بعدها الرئيس الأميركي فترته الرئاسية باستقبال الرئيس الصيني وتحديد فترة 100 يوم لدراسة العلاقة الاقتصادية. ولوهلة ظن البعض أن الرئيس الأميركي لا ينوي تصعيد هذا الشأن، بل إن البعض اتهمه باستخدام الصين لزيادة شعبيته للفوز بالانتخابات، وأنه لا ينوي القيام بأي إجراء تجاه الصين. إلا أن «ترمب» عاد مرة أخرى إلى الصين بعد أقل من سنة، ليفرض رسوما على منتجات صينية قيمتها 34 مليار دولار، ليتبعها الأسبوع الماضي بمنتجات أخرى قيمتها 16 مليار دولار ليصبح المجموع 50 مليار دولار. ولم يكتف بذلك بل غرد أنه لا يستبعد أن يضيف منتجات أخرى قد تبلغ قيمتها 200 مليار دولار. منهج الرئيس الأميركي يدل على أنه لن يقف عند حد إلى أن تتم اتفاقيات ترضي الطرف الأميركي، إلا أن هذا الرضا – بحسب وجهة النظر الصينية – لا يقف عند حدود المعقول، فالتوازن التجاري بين الصين وأميركا صعب جدا على المدى القصير، ففي حين صدّرت الولايات المتحدة 130 مليار دولار للصين في العام 2017، استوردت منها 505 مليار دولار، ليصبح العجز التجاري 375 مليار دولار بين البلدين، وهو عجز يستحيل تغييره في مدة قصيرة.
من الناحية الصينية، ردت الصين على الرسوم الجمركية بمثلها تماما، والتي كان آخرها المنتجات ذات الـ16 مليار دولار، بفرض رسوم إضافية على منتجات أميركية مثل الفحم والمواد الكيماوية والأدوات الطبية. ومع أن الصين تدرك أنها ستعاني أكثر من الولايات المتحدة من تبعات تصعيد هذه الحرب. إلا أنها تبدو أكثر هدوء في هذه الأزمة، فهي ما زالت تعرض حلولا متعددة على الولايات المتحدة الأميركية، كان آخرها هو زيادة استيراد الطاقة والمنتجات الزراعية من الولايات المتحدة، إلا أن هذه الحلول تبدو بعيدة جدا عن المطالب الأميركية. كما أن الصين – بطول نفسها – تأمل أن تكون هذه السياسة مرتبطة بالرئيس الأميركي الحالي فقط، لذلك فهي تعرض على الشركات الأميركية الاستثمار في الصين في الصناعات الترفيهية والصحية وعقود المشروعات كحل قصير الأمد، على أمل أن تزول هذه الغمة بعد نهاية فترة «ترمب» الرئاسية، وحينها ستبقى هذه الشركات في الصين بأموالها واستثماراتها مددا أطول. كما أن الصين بدأت تحتاط لما يحدث في المستقبل، فقد أبلغت الصين الشركات الصينية بتقليل الاعتماد على التقنية الأميركية والاستعاضة عنها بمثيلاتها الكورية والأوروبية واليابانية، وصرح مسؤول صيني أنه لا يمكن الاعتماد على التقنية الأميركية وعلى الولايات المتحدة كشريك اقتصادي في الوقت الحالي.
إلا أن ما يقلق الصين هو الهدف من هذه الحرب، هل تهدف الولايات المتحدة فعلا إلى تعديل الميزان التجاري بين البلدين؟ وإن كان هذا التعديل صعبا على المدى القصير؟ أم تهدف الولايات المتحدة لقتل طموح الصين بالارتقاء باقتصادها وتأثيرها الدولي؟ كثيرا ما يعلق الرئيس ترمب على الصين بكونها تسرق المنتجات الفكرية وحقوق الملكية الأميركية، وذلك بالاستحواذ على الشركات التقنية الأميركية، إلا أن الأرقام لا تدلل على ذلك، فمن بين 202 استثمار صيني في الولايات المتحدة بين عامي 2005 و2016، كان هناك 16 استثمارا فقط في التقنية، بما مجموعه 21 مليار دولار، وغالبية الاستثمارات المتبقية كانت في المجال العقاري. أي أن هذا التهديد ليس مثبتا بشكل مؤكد على الصين. وهذا ما يزيد الصين قلقا من مغزى هذه الحرب. وتشير دراسة بريطانية (من بنك إنجلترا) إلى أن نمو الاقتصاد الأميركي قد ينخفض بنسبة 0.5 في المائة بسبب هذه الحرب، كما تشير دراسة أخرى (من جامعة أوكسفورد) إلى أن الناتج القومي الأميركي قد ينخفض هو الآخر بنسبة واحد في المائة للسبب نفسه. ومن غير المتوقع أن الولايات المتحدة لا علم لها بهذه الأرقام، فهل هذا الانخفاض والتأثر السلبي للاقتصاد الأميركي، هو ثمن تدفعه الولايات المتحدة لوقف النمو والطموح الصيني؟
نقلا عن الشرق الأوسط
باختصار ترامب يطبق ماوعد بها في حملتة الانتخابية ..وهو يجيد لعبة العصا والجزرة بحذافيرها