تؤدي الخصخصة أدوارا كبيرة في تعزيز جودة الخدمات التي تقدمها مؤسسات القطاع الخاص، وتلك نتيجة مبكرة لما أود طرحه من واقع تجارب العديد من الاقتصادات المتقدمة التي نجحت في بلورة هذا المنهج الاقتصادي كوسيلة لتطوير الأداء المؤسسي لشركات القطاع العام وجعلها ذات قيمة مضافة لمتطلبات السوق والمستفيدين النهائيين الذين ينبغي أن يحصلوا على خدمات تواكب تطلعاتهم من حيث الجودة والأسعار والإتقان.
مؤسسات القطاع العام غالبا ما تصل لمرحلة من الخمول تتطلب إنعاشا بجرعة خصخصة تضعها في مسار اللاعودة إلى تحميل خسائرها أو بطء أعمالها للدولة، حتى لا تكون عبئا على الموازنات العامة، وفي كثير من الدول تم هذا الاتجاه لأن تلك المؤسسات أصبحت في حالة شيخوخة مبكرة تتطلب معالجات تضعها في حالة حيوية، وذلك لا يحدث إلا إذا وجدت منافسة تجعلها تبحث دوما عن التطور والبقاء على قيد الحياة لأن قوانين السوق لا ترحم ضعيفا أو خاملا.
في رؤية السعودية 2030 تم وضع الخصخصة في مقدمة أدوات التحوّل لأننا في الواقع في حالة ارتباط قوي ومؤثر مع الأسواق والاقتصادات العالمية، ولكي نواكب لا بد من التوسع في هذا المنهج حتى تصبح جميع المؤسسات المستهدفة في أجواء منعشة من التنافسية والبحث عن الكفاءة الإنتاجية والخدمية، ودون ذلك فإنه يحدث تباطؤ في عمل المؤسسات والشركات، ما يلقي بظلال سالبة على مبدأ تطوير الاقتصاد الكلي.
من المهم الشروع في الاتجاه إلى الخصخصة في جميع القطاعات، حتى وإن لم يبق للقطاع العام إلا الوزارات والهيئات التنفيذية فقط التي تشرف على أعمال المراجعة والمتابعة لإدارة المؤسسات التابعة لها، للتحقق من تطبيقها لبرامج العمل وفقا لاقتصادات السوق وتحقيقا للأهداف، ورفعا لمستويات الشفافية والنزاهة في أنشطتها، فنحن بحاجة إلى تعزيز المبدأ الرأسمالي الذي تنهض به اقتصادات العالم حاليا، وهو الأكثر فعالية في دعم برامج وخطط الرؤية الوطنية.
ومع دخول شركات ومؤسسات عالمية إلى أسواقنا فإننا بحاجة إلى مؤسسات وطنية نظيرة تجد نفسها في إطار وضع تنافسي يسهم في تطوير أعمالها، وتجويد خدماتها ومنتجاتها، وذلك ينعكس إيجابا على اقتصادنا الوطني، لذلك نتطلع إلى خصخصة منهجية تضعنا على قدم المواساة مع الشركات الدولية وذلك في حد ذاته حافز قوي لنمو الاقتصاد والشركات وتمتعها بميزات تنافسية تجعلها تتطور أكثر وتحقق عوائد أكبر.
نقلا عن اليوم