ماذا تستهدف أرامكو من صفقة الاستحواذ على «سابك»؟

29/07/2018 1
حسين بن حمد الرقيب

تدرس أرامكو الاستحواذ على حصة صندوق الاستثمارات العامة في شركة سابك البالغة 70 % وقد اختارت بنكي "جي بي مورغان" و"مورغان ستانلي" لتقديم المشورة في صفقة الاستحواذ، وأعتقد أن الصفقة سوف تتم بشكل كبير نظراً للمصلحة التي سوف تتحقق لكل أطراف الصفقة الثلاثة شركة أرامكو، صندوق الاستثمارات العامة، شركة سابك وإن تمت الصفقة سوف تكون أعلى صفقة استحواذ تتم في السوق السعودي.

لقد تغيرت استراتيجية أرامكو خلال السنوات الماضية من شركة تنقيب وإنتاج النفط والغاز إلى شركة متكاملة في الإنتاج والتكرير والصناعات البتروكيماوية والدخول في شراكات مع شركات عالمية مثل مشروع صدارة للبتروكيماويات مع شركة داو كيميكال الأميركية ومشروع التكرير ساتورب بالشراكة مع شركة توتال الفرنسية بالإضافة إلى شراكتها مع سوميتومو اليابانية في شركة بترو رابغ وهو مجمع متكامل لتكرير البترول والبتروكيماويات وكذلك امتلاكها نسبة 100 % من مصفاة "بورت آرثر" التي تعتبر "جوهرة التاج" بالنسبة لصناعة النفط الأميركية كون طاقتها الاستيعابية تصل إلى 600 ألف برميل يومياً وغيرها من المشروعات والشركات التابعة التي جعلت من أرامكو عملاقاً عالمياً في الصناعة النفطية.. ومن أجل زيادة حضورها وتوسعها في مجال الصناعة البتروكيماوية فإن صفقة الاستحواذ على شركة سابك عملاق الصناعات البتروكيماوية سوف تعزز مكانة أرامكو في هذه الصناعة والاستفادة من الخبرة التراكمية لشركة سابك التي تعمل في أكثر من خمسين بلداً حول العالم، وتمتلك موارد بحثية كبيرة، تشمل (22) مركزاً للتقنية والابتكار.

وقبل عدة أشهر وقعت أرامكو" و"سابك" مذكرة تفاهم لتطوير أكبر مجمع متكامل على مستوى العالم لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات دون الحاجة الى عمليات التكرير وهذا المشروع سوف يعزز قدرة الصناعات البتروكيماوية في المملكة على المنافسة عالمياً، أما من ناحية المردود الاقتصادي على شركة أرامكو فإن الشركة تحتاج إلى زيادة أصولها وتنويع استثماراتها وتعظيم أرباحها للوصول إلى تقييم عالٍ عند الطرح الأولي في أسواق المال العالمية والمحلية وضخ أموال الاكتتاب في شرايين الاقتصاد المحلي لزيادة التدفقات النقدية وتوجيهها إلى استثمارات أخرى وتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية وبحسب رؤية الحكومة فإن تحويل شركة أرامكو إلى شركة مساهمة عالمية سوف يجعل منها شركة ملتزمة بمعايير أكثر مرونة في الإدارة والشفافية والحوكمة وتعزيز الثقة في الاقتصاد السعودي وجذب الاستثمار الأجنبي.

من المتوقع أن تحقق شركة سابك أرباحاً صافيةً خلال العام الحالي 2018 حوالي 24 مليار ريال ولو افترضنا أن أرامكو استحوذت على كامل حصة صندوق الاستثمارات العامة البالغة 70 % فإن الأرباح المتوقع تسجيلها لصالح شركة أرامكو حوالي 17 مليار ريال، أما أرباح أرامكو من مبيعات النفط سوف تحقق هذا العام رقماً كبيراً مع ارتفاع أسعار النفط وزيادة كميات الإنتاج وكذلك خفض ضريبة الدخل حيث تشير التقديرات بأن تحقق أرامكو أرباحاً صافيةً من مبيعات النفط الخام فقط حوالي 280 مليار ريال ومع إضافة أرباح سابك والشركات الأخرى ومصافي التكرير إليها قد تصل الأرباح المجمعة للشركة الى أكثر من 320 مليار ريال وهو ما يرفع قيمة شركة أرامكو عند الطرح الأولي إلى أكثر من 6 تريليون ريال.

صندوق الاستثمارات العامة الطرف الثاني في هذه الصفقة سوف يحصل على تدفقات نقدية تقدر بحوالي 230 مليار ريال إذا تم احتساب سعر السهم في حدود 110 ريالات وهو السعر العادل للسهم حسب أساسيات الشركة وسوف تُضخ هذه الأموال في استثمارات جديدة سواء في تطوير البنية التحتية لمدينة نيوم ومشروع القدية الترفيهي أو ضخها في استثمارات لتطوير التقنية والذكاء الاصطناعي أو أي فرص استثمارية أخرى تحقق عوائد مجزية وتنوع المحفظة الاستثمارية من أجل تعزيز ربحية الصندوق بعد سنوات من الجمود كانت فيها سياسة الصندوق الاستثمارية تحفظية تعتمد كثيراً على الاستثمار في حصص مسيطرة في شركات مساهمة محلية أو الاستثمار في أدوات الدين وتحقيق عوائد متدنية ولكن مع تغير سياسة الدولة الاقتصادية فإن صندوق الاستثمارات العامة أصبح هو الذراع القوي والفعال لتحقيق هدف الحكومة في تنويع وتنمية مصادر الدخل غير النفطية وزيادتها خلال السنوات القادمة الى أن تصل إلى تريليون ريال بحلول عام 2030 والتقليل من الاعتماد على الإيرادات النفطية.

أما شركة سابك الطرف الثالث في هذه الصفقة فإنها سوف تستفيد من شركة أرامكو المصدر الرئيسي للقيم الذي تعتمد عليه في صناعتها البتروكيميائية وهذه الشراكة الاستراتيجية سوف تعزز من قدرة سابك على النمو والتوسع والمنافسة عالمياً والوصول الى أسواق جديدة بدعم من أرامكو وتبادل الخبرات وتقليل التكاليف سواء في مجال الأبحاث أو عمليات التوسع والابتكار.

صفقة الاستحواذ إذا تمت سوف يتم تمويلها من خلال ثلاثة مصادر وهي النقدية لدى الشركة والمصدر الآخر هو إصدار أدوات دين محلية ودولية والمصدر الثالث سوف يكون من خلال التمويل البنكي المباشر.





نقلا عن الرياض