لا تزال أصوات طلقات النار مدوية تلك التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل جاد ومفاجئ لتعلن الحرب التجارية ضد الصين من جهة ودول الاتحاد الأوروبي عموما وألمانيا تحديدا من جهة أخرى. الاقتصاد الأمريكي الأكبر في العالم استشعر بالخطر الذي يدهم وبهدوء قاعدة صناعته وكيف أنها باتت بحاجة للحماية أمام «الإغراق» الصيني من جهة وعدم التكافؤ في الميزان الاقتصادي مع أوروبا من جهة أخرى.
وقد أقدمت أمريكا على اتخاذ قرار وضع رسومات ضريبية وجمركية على سلسلة من المنتجات والبضائع لرفع تكلفتها على المستهلك النهائي مرجحة وحامية بالتالي المنتج الأمريكي، مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية عضو مهم في منظمة التجارة العالمية التي تتحفظ على الإجراءات الحمائية من هذا النوع، إلا أن أمريكا قررت وحسمت الأمر أن حماية صناعتها هو الأمر الأهم والذي يجب أن يحظى بالأولوية المطلقة.
وإذا كان الاقتصاد الأمريكي وهو الأقوى في العالم قام باتخاذ إجراءات «استثنائية» لحماية صناعاته فمن باب أولى أن تفكر اقتصادات أخرى أقل قوة بإجراءات شبيهة. وتحديدا أتحدث عن الصناعة في السعودية، فهناك أعداد هائلة من المصانع تقف اليوم على كف «العفريت الصيني» الذي يغرق الأسواق بمختلف أنواع البضائع بأثمان رخيصة غير قابلة للمنافسة أبدا، فالطاقة الإنتاجية لهذه المصانع مهولة، والأيدي العاملة رخيصة جدا، بالإضافة لوجود تطور تقني مستمر يخفض التكلفة ويحسن كفاءة البضاعة المنتجة بشكل لافت ومؤثر وملحوظ.
الحل المطلوب هو حل تفرضه الظروف القهرية للأسواق في ظل وضع اقتصادي متغير وبطالة مقلقة، وعليه مع وجود «سابقة قانونية» بعد قرار الولايات المتحدة الأمريكية بحماية مصانعها، بات من الممكن أن يصدر قرار «حماية» يرفع التكلفة الجمركية على السلع المنافسة لما يتم تصنيعه محليا؛ لأنه إذا لم يتم فعل ذلك فنحن أمام سلسلة من الإغلاقات لعدد مهم من المصانع التي لن تتمكن من البقاء ولا البيع ولا المنافسة وبالتالي ستضطر للتصفية وتسريح الموظفين منها.
البقاء ليس بالضرورة أن يكون للأقوى كما يقول المثل المعروف ولكن في ظروف اقتصادية استثنائية يكون البقاء للأحكم الذي يتأقلم مع الظروف المتغيرة بقرارات تفيد الحالة بعينها. اليوم الصناعة الصغيرة والمتوسطة السعودية تمر بمنعطف خطير، وهي بحاجة عظيمة لحماية ولا غير الحماية، سيطل علينا «خبراء» القانون ليحذروا من هذه الخطوة وأبعادها على العلاقات مع المنظمات الدولية، والحل باستبدال آرائهم بآراء محامين أقوى قادرين على الدفاع عن موقف السعودية بالوثائق والأدلة وتقديم البراهين المساندة على الإغراق الصيني من جهة والسابقة الأمريكية المهمة والتي أوجدت حالة جديدة من الممكن الاستدلال بها والاستقواء بها والبناء عليها.
المصلحة العامة الفورية تقتضي حراكا لحماية الصناعة التي دخلت مرحلة حرجة، وبلا التدخل الحمائي سنكون أمام مشهد يثير القلق ونحن في أشد الغنى عنه. هناك حرب تجارية عالمية أطلقت، وهو صراع بين الكبار وكما يقول المثل الهندي المعروف، إذا تصارعت الفيلة مات العشب. حماية الصناعة السعودية من أخطار لا يمكن إغفالها ليس بالمسألة التنظيرية، اسألوا القائمين على صناعاتهم واصغوا لمعاناتهم وما يقلقهم هو تماما الذي أقلق الاقتصاديات الأكبر. فلنحم الصناعة السعودية.
حماية الصناعة السعودية!
نقلا عن عكاظ
حين يكون العاملين في هذه المصانع مواطنين وحين تحقق قيمة مضافة في ما تنتجه و تدفع ضرائب حقيقية وبمعنى استمرارها مفيد للوطن و المجتمع نعم يجب حمايتها.انما هي انشطة طفيلية لا يستفيد الا ملاكها وهم في الغالب اجانب ايضاً تورطت السياسيات السابقة الغبية في دعم هؤلاء بالقروض بدون فوائد طويلة الامد وبدعم الطاقة واراض شبه مجانية الخ.
الأخ/ أبومقص أشاركك الرأى تماما بأن صناعتنا الوطنية الصغيرة والمتوسطة فى أغلبها (صناعات طفيلية) المستفيد منها أفراد قلائل.