قبل عام ونصف تقريباً احتفل الجميع بإطلاق السوق الموازية “نمو” التي كانت بشرى للشركات الصغيرة والمتوسطة للاستفادة من مزايا الإدراج في السوق المالية بمتطلبات إدراج أكثر مرونة مقارنةً بالسوق الرئيسي، وكذلك فرصة لتنويع مصادر التمويل لخطط التوسع بالمستقبل. أدرجت أسهم 7 شركات باليوم الأول وأغلقت أسهم تلك الشركات على النسبة القصوى وسط سيولة نقدية بلغت نحو 256 مليون ريال. الجدير بالذكر أن هذه السوق محصورة على فئات "المستثمرين المؤهلين" فقط ولا يستطيع المستثمر الفرد من التداول بها مباشرة حتى يكون مؤهلاً وذلك بأن يستوفي أحد الشروط التالية:
•أن يكون قد قام بصفقات في أسواق الأوراق المالية لا يقل قيمتها عن 40 مليون ريال ولا تقل عن 10 صفقات في كل ربع سنة خلال الاثنى عشر شهر الماضية.
•أو أن يتجاوز متوسط حجم محفظة أوراقه المالية 10 ملايين ريال خلال الأثنى عشر شهر الماضية.
•أو أن يكون حاصلاً على الشهادة العامة للتعامل في الأوراق المالية المعتمدة من قبل هيئة السوق المالية CME-1.
في أواخر عام 2017 تبين أن هذا السوق لم يحقق الطموح ولا التوقعات، فماذا حدث؟ تراجعت السيولة النقدية من 256 مليون باليوم الأول إلى 212 ألف ريال فقط في 25 أكتوبر من عام 2017م وهبط المؤشر من ما يقرب 6,500 نقطة إلى 3,000 نقطة أما على صعيد الشركات المدرجة بالسوق فلم نرى سوى 3 شركات إضافية خلال عام ونصف بالإضافة إلى السبع شركات التي أدرجت باليوم الأول! فلم تعد السوق مغرية للتداول ولا الإدراج لضعف السيولة.
اطلقت هيئة السوق المالية أواخر عام 2017م – في محاولةً منها لتحفيز سوق نمو – حزمة من الإجراءات حيث أقرت السماح للمستثمرين الأجانب غير المقيمين بالاستثمار المباشر في السوق الموازية (نمو) ضمن فئات المستثمرين المؤهلين، وذلك ابتداءً من يناير 2018م، أتبعته ببعض التعديلات التي تسمح للمستثمر المؤهل أن يستثمر في "نمو" في حال يملك أصولا تبلغ قيمتها خمسة ملايين وأكثر وذلك ابتداءً من أبريل 2018م، ويقصد بالأصول (أراضٍ ومنازل والملكيات الخاصة)، في حين الذي كان يعمل به في السابق أن تكون قيمة محفظة المستثمر المؤهل تبلغ عشرة ملايين وأكثر ليتمكن من الاستثمار في "نمو".
اليوم وعلى الرغم من كل ماقامت به الهيئة من تعديلات في اللوائح لتسهل الاستثمار بسوق نمو إلا أننا مازلنا لم نرى أي إدراجات جديدة ولازال المؤشر بحدود ال 3,000 نقطة والسيولة اليومية مازالت بمعدل 3 مليون ريال سعودي.
أين الخلل؟ لا سيما وأنه يوجد الكثير من الشركات المميزة بسوق نمو، أرباح بعضها تجاوزت ال 100 مليون ريال وبعضها الأخر بلغت نسبة التوزيع من القيمة الأسمية للسهم 17%، وهي أفضل من الكثير من الأسهم المدرجة بالسوق الرئيسي فأين المستثمرين المؤهلين عنها؟
إن سوق نمو سوق واعد وبعض الشركات المدرجة به أفضل من ناحية الربحية والنمو من الشركات المدرجة بالسوق الرئيسي. والإجابة على السؤال "أين الخلل" يكمن في شح السيولة في السوق، حيث أن أغلب المستثمرين يبحثون عن مستويات أعلى من السيولة اليومية للسوق التي تتيح لهم سهولة وحرية من ناحية الاستثمار، التنقل بين الأسهم، والتخارج. عليه، فإن استمرار القيود الحالية من ناحية القيود على المستثمرين والشروط المتعلقة بالطرح والإدراج لن تفيد سوق نمو ولن تحسن من سيولته. لذلك، اقترح تخفيف القيود على المستثمرين الأفراد والذين يمثلون أكثر من 80% من المتداولين بالسوق الرئيسي يومياً، والتركيز على زيادة التوعية بدلاً من حرمانهم من فرص استثمارية واعدة بسوق نمو، بينما توجد شركات مدرجة بالسوق الرئيسية متهالكة مالياً وأكثر خطورة من الشركات المدرجة بسوق نمو.
في النهاية، فإن تخفيف القيود بسوق نمو سينعكس إيجابياً على الجميع، حيث أن العديد من المستثمرين سيجدون قناة جديدة للاستثمار مما سيرفع من قيمة السيولة اليومية لسوق نمو، الذي سيحفز العديد من الشركات التي كانت مترددة، بأن تتقدم وتطرح جزء من أسهمها. كما أننى أتمنى بأن يكون هناك خارطة طريق مشتركة بين هيئة السوق المالية وتداول لجعل سوق نمو هو الأول بالشرق الأوسط من ناحية الطروحات للشركات الإقليمية.
خاص_الفابيتا
مقال شامل وجميل ...بارك الله بعلمك وقلمك
بارك الله فيك... الجميع من المختصين يتفق معك ويطالب... لكن كبرياء الهيئة يأبى ان يتنازل...
اتفق معكم تماماً .. باختصار يجب فتح السوق تماماً وتسهيل شروط الطرح والادراج لزيادة عدد الشركات المدرجة .. وكذلك فتح الاستثمار فيه وتخفيف قيود للافراد المواطنين والمقيمين