مع اقتراب تطبيق نموذج "صانع السوق" بالسوق المالية السعودية، فإن من المتوقع أن يليه تعديل أو إلغاء لحدود نسبة التذبذب اليومي للأسهم المدرجة (10% للأسهم المدرجة بالسوق الرئيسية و 20% للأسهم المدرجة بسوق نمو). وجود صانع السوق سيساهم في ايجاد توازن مستمر بين العرض والطلب للأسهم المدرجة وانحسار الفجوة بين أسعار طلبات الشراء وعروض البيع، ومن يتابع التطور الذي تقوم به تداول من ناحية البنية التحتية لمنصة التداول والأنظمة المرتبطه بها بالإضافة إلى المراجعة الدائمة للوائح التنفيذية ذات العلاقة من قبل هيئة السوق المالية يجزم بأن أثر تعديل أو إلغاء حدود نسبة التذبذب اليومي سيكون محدوداً.
الجدير بالذكر أن للسوق المالية السعودية عدة تجارب تتعلق بتغيير نسبة التذبذب وتحديداً خلال اليوم الأول من الإدراج، حيث كانت النسبة مفتوحة حتى جاء إعلان تداول بتحديدها إلى 200% صعوداً ونزولاً وذلك بالتزامن مع إدراج شركة الصحراء للبتروكيماويات عام 2004م، تلاها إدراج موبايلي بحد أقصى للتذبذب وصل إلى 500% ثم التعاونية بحد أقصى للتذبذب وصل إلى 100%، ثم تبعه عدة إدراجات من أشهرها إدراج سهم شركة رعاية الطبية عام 2013 الذي أغلق في أول يوم تداوله عند 122 ريالا بنسبة ارتفاع 351%، في الوقت الذي سجل فيه السهم أعلى نقطة شراء قبل الإغلاق بسعر200 ريال بنسبة ارتفاع 640%، مقابل أدنى نقطة بيع بسعر70 ريال، ليقرر مجلس الهيئة بعدها بشهرين تحديد نسبة التذبذب لأسهم الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية خلال اليوم الأول من تداولها بحيث تكون 10% من سعر الإكتتاب وذلك حماية للمستثمرين.
وحيث أن الحديث في سياق نسبة التذبذب اليومي، فلا يمكن إغفال أهم قرار اتخذ في هذا الشأن والذي كان في فبراير من عام 2006 عندما أصدر مجلس هيئة السوق المالية قراره بتخفيض نسبة التذبذب اليومي للأسهم المدرجة من 10% إلى 5% في محاولة لكبح جماح التدافع على البيع والحد من زخم النزول ولكنه لم يكن مجدي واستمر النزيف وسرعان ما تم إلغاء القرار.
استمرار حدود نسبة التذبذب اليومي للأسهم المدرجة بالسوق المالية السعودية قد يشكل عائقاً للتطور الذي ستشهده السوق بالمستقبل، ومن أبرزها الإدراجات المزدوجة، حيث من المتوقع أن نشهد بالمستقبل القريب بعض الإدراجات لشركات خليجية تبحث عن توسيع قاعدة مساهميها بشريحة جديدة من المستثمرين. ولو افترضنا أن شركة مدرجة بسوق دبي المالي أُدرجت بالتوازي بالسوق المالية السعودية الرئيسية واعلنت خبراً جوهرياً إجابياً فإنها قد ترتفع بنسبة 15% بسوق دبي المالي وبنسبة 10% بالسوق المالية الرئيسية بالسعودية، وكذلك ينطبق الحال على طرح شركة أرامكو في حال تم إدراجها بتداول وسوق مالية عالمية.
بتعديل وحدات تغير السعر للأوراق المالية المدرجة الذي تم في مايو من عام 2017م، وتطبيق نموذج "صانع السوق" الذي سيعطي عمقاً وسيولة إضافية للسوق المالية السعودية، ويسد الفجوات السعرية وبالأخص بسوق نمو، هو بمثابة تجهيز لتعديل أو إلغاء حدود نسبة التذبذب السعري للأسهم المدرجة بالسوق المالية السعودية.
ختاماً،، من المهم عند تطبيق نموذج " صانع السوق" مراعاة أن نسبة المتداولين الأفراد اليومية بالسوق المالية السعودية تتجاوز ال 80% من المتداولين، وبالتالي قد يكون هناك تغير في سلوك بعض المتداولين "خصوصاً المضاربين"، أو قد يؤثر على تغير في سلوك ونمط بعض الأسهم من ناحية التذبذب اليومي. لذلك أتمنى تجربة نموذج صانع السوق لمدة عام واحد على الأقل ليتكيف المتداولين مع السلوك الجديد ويتم تقييم التجربة، ثم يتم البدء بتعديل نسبة التذبذب اليومي للأسهم المدرجة تدريجياً بشكل سنوي حتى نواكب الأسواق المالية العالمية.
خاص_الفابيتا
مقال يغطي تاريخ السوق في صناعة السوق و التذبذب المسموح به و توقع لمستقبله ..شكرا
مقال جميل وثري أستاذ ريان وينم عن الخبرة الواسعة حيث التفكير في تطبيق نموذج صانع السوق قد يبدو مقبولاً في وقتنا الراهن، وذلك كجزء من تطوير آليات السوق المالية لمواجهة الانفتاح المقبل للسوق على الاستثمار الأجنبي في الفترة المقبلة.
أخي ريان ، أعتقد أن تخفيض نسبة التذبذب إلى 5% في فبراير 2006 لم يكن لكبح جماح البيوع ، ولكنه كان الشرارة التي أشعلت انهيار فبراير الشهير . لأن القرار اتخذ مع نهاية تداول الإسبوع وكان المؤشر في قمته . ومع العودة للتداول مع بداية الإسبوع التالي وفي الجلسة المسائية لتداول يوم السبت تحديدا بدأ الإنهيار . وبقية القصة معروفة .