سوق البترول العالمي لبراميل الورق هو السوق الأكبر، وهو السوق الذي يتحدد فيه سعر البترول الآني (أي سعر المؤشر دقيقة بدقيقة طوال الوقت المتاح للتداول إلكترونياً على مدى 24 ساعة في شتى أنحاء كوكب الأرض). ومن ثمة ينتقل السعر تلقائياً – عن طريق الفورملا – من سوق براميل الورق (الذي لا يتم فيه تداول البترول حقيقة) إلى تحديد أو تكوين أسعار البترول في السوقين الحقيقيين للبترول (الفوري، والعقود طويلة الأجل).
صدّق أو لا تُصدّق أنه في الوقت الذي لا يتجاوز مجموع عدد براميل البترول المتداولة في السوقين الحقيقيين (الفوري، والعقود طويلة الأجل) 100 مليون برميل في اليوم. فإن عدد براميل الورق المتداولة في سوق الورق تتجاوز المليار برميل (أكثر من عشرة أضعاف براميل البترول الحقيقية المتداولة في السوقين الحقيقيين في نفس يوم التداول).
السؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن القارئ لهذا المقال هو: أين يمكنني أن أبيع أو أشتري برميل بترول الورق؟ يوجد سوقان رئيسان يتم فيهما تداول براميل الورق، السوق الأول هو بورصة نيويورك وهو الأقدم (نشأ العام 1983) ويتم التعامل فيه ببترول غرب تكساس، والسوق الثاني هو بورصة لندن (نشأ العام 1988) ويتم التعامل فيه ببترول برنت.
لقد بدأ سوق براميل الورق بما يسمى: (Futures) وهو أبسط أنواع التداول حيث يُتاح للمتعامل أن يشتري (أو يبيع) 1000 برميل ولا يدفع إلا ما يسمى مارجن (قد لا يتجاوز خمسة دولارات للبرميل حسب التقلبات المتوقعة لسعر البترول) فإذا كان السعر في صالحه سيسترد المارجن وأرباحه وإذا كان في غير صالحه سيخسر المارجن الذي دفعه.
لكن لا ينبغي لنا أن نعتقد أن سوق براميل الورق بلا رقيب، بل هو سوق منظم ويخضع لقوانين مُلزمة وشفافة وعقوده موحدة كل عقد 1000 (ألف) برميل. فعلى سبيل المثال المصفاة (أو حتى شركة الطيران) التي تتوقع أن يرتفع سعر البترول العام 2019 إلى 100 دولار تستطيع أن تشتري 1000 عقد (مليون برميل) بسعر مضمون للبرميل 80 دولاراً كمثال. فإذا انخفض السعر إلى 72 دولاراً فإنها ستخسر ثمانية دولارات في البرميل، وإذا ارتفع السعر إلى 86 دولاراً سيعوّضها بائع العقد ستة دولارات لكل برميل.
بكل تأكيد لا نستطيع أن نتكلم عن العدد الهائل من أنواع المعاملات في سوق الورق (على سبيل المثال: اوبشنز، وسوابز) وسأخصّص لها – إن شاء الله – عدة مقالات.
ختاماً: على حد معلوماتي لا يوجد دولة منتجة للبترول تتعامل في سوق الورق إلا المكسيك. وعلى حد معلوماتي أن المكسيك تخسر غالباً في عملية بيعها لجزء من بترولها عن طريق ما يسمى (hedging) في سوق الورق (Futures).
نقلا عن الرياض
شكرا دكتور أنور على تبسيط المعلومة النفطية في مقال سلس وسهل على الجميع. بارك الله فيك