تقريباً من كل أربعة براميل بترول يتم تداولها في السوق العالمي للبترول يوجد برميل واحد منها يتم تداوله في السوق الفوري (موضوع زاوية اليوم)، والثلاثة براميل الأخرى يتم تداولها في سوق العقود طويلة الأجل (موضوع زاوية الأحد الماضي).
السوق الفوري للبترول هو سوق اللحظة (أو سلّم البترول واستلم فلوسك: OTC). غالباً تكون الصفقة مباشرة بين البائع والمشتري – أو عن طريق سمسار – حيث يتم بيع شحنة معينة موجودة حينها في ميناء البائع وجاهزة للشحن فوراً إلى ميناء المشتري.
جرت العادة في السوق الفوري أن يتم الاتفاق على السعر لكل شحنة على حدة حسب نوع البترول وخصائصه وحسب ظروف العرض والطلب وقت البيع، وكذلك يتم الاسترشاد بسعر سوق براميل الورق (موضوع مقال الأسبوع المقبل إن شاء الله). ورغم أنه في معظم الأحيان لا يتم الإعلان عن السعر المتفق عليه بين البائع والمشتري. لكن الوكالات المختصة بنشر أسعار البترول (بلاتس، وأرقوس: كمثال) تنشر يومياً لحظة بلحظة أسعار البترول الفورية (لا سيما أسعار برنت) التي تُعتبر كمؤشر تستخدمه مُعظم شركات الدول المنتجة (المصدرة) للبترول لتسعير بترولهم الذي يبيعونه في سوق العقود طويلة الأجل.
بعض شركات البترول الوطنية (أرامكو ليست منهم) رغم أنهم يبيعون بترولهم في سوق العقود طويلة الأجل، إلا أنهم يسمحون للمالكين لعقودهم أن يبيعون بترولهم في السوق الفوري أو يبيعونه للطرف الثالث، وهذا قد يكون مؤشراً على أن بيع البترول بالعقود طويلة الأجل رغم أنه عامل استقرار واطمئنان لشركات البترول الوطنية لأنه يضمن لهم بيع بترولهم في المستقبل المنظور، إلا أنه ليس هو الأفضل من ناحية التسعير لأنه قد يفقدهم هامشاً صغيراً من السعر لصالح المشترين الذين يربحون من إعادة البيع للطرف الثالث.
قد نستنتج من انتشار مزاولة عملية إعادة بيع بترول العقود في السوق الفوري أن سعر العقود هو غالباً في صالح المشترين.. بينما سعر السوق الفوري غالباً هو في صالح البائعين. لكن كي تتفادى الشركات الوطنية خسارة الفرق بين السعرين (السعر الفوري وسعر العقود) فإنها تلجأ عادة إلى اشتراط أن يتضمن العقد أن تعلن في بداية كل شهر عن الفورملا الجديدة (آلية زائد أو ناقص سعر المؤشر) التي على أساسها سيتم تسعير بترولها للشهر المقبل.
قبل أن أختم لعله من المناسب أن أقول إن أرامكو لا تبيع بترولها في السوق الفوري. كذلك لا تسمح أرامكو للجهات التي تشتري بترولها أن تبيعه خاماً للطرف الثالث، وهذا الإجراء ليس جديداً بل هو موروث منذ أن كانت أرامكو تبيع بترولها – بين منتصف السبعينات والثمانينات – بسعر تفضيلي لزبائنها المخصوصين بشرط أن لا يبيعوه للطرف الثالث.
نقلا عن الرياض