لا بد أن يستقر في تفكير الفريق الطموح العامل في الوقت الراهن في وزارة العمل، الذي يقوده قيادي خبير أتى من أروقة القطاع الخاص، كان آخر عهده به رئيسا لغرفته التجارية والصناعية، أن خصمنا التنموي جميعا ممثلا في "البطالة".. إنه ليس بالخصم العنيد كما تظهره مؤشرات أداء سوق العمل "القطاع الخاص"، وأن أغلب قوة وعنفوان البطالة إن لم يكن كلها؛ تولد في الغالب من ثغرات عدة لو لم توجد، لما رأيت هذا الصعود لمعدلها الراهن (12.8 في المائة)، في سوق عمل محلية "القطاع الخاص" يعمل فيها أكثر من 7.7 مليون عامل وافد "وفق آخر نشرة سوق للعمل صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء".
سيكون على وزارة العمل بكوادرها الراهنة، أن تتجاوز عديدا من الأخطاء السابقة التي وقعت فيها قياداتها السابقة! لعل من أبرز تلك الأخطاء، الاعتقاد المبالغ فيه بأنها ستنجح وحيدة في معالجة البطالة، الذي على الرغم من اعتراف قيادات الوزارة طوال العقدين الماضيين بأنها فعلا ليست المسؤولة الوحيدة عن معالجة البطالة، إلا أن الممارسات والإجراءات والبرامج والسياسات الهادفة إلى التوطين، التي صدرت وأُقرت طوال العقدين الماضيين، كانت تنطلق وتتحرك على عكس ذلك الاعتراف من قبل الوزارة بواقع المشكلة!
الاستثناء الوحيد فيما تقدم ذكره؛ هو المشروع الأهم في تاريخ وزارة العمل، ممثلا في "استراتيجية التوظيف السعودية"، التي استغرق تصميمها وإعدادها نحو أربعة أعوام، بالتنسيق والتعاون المباشر مع القطاع الخاص وعدد من الأجهزة الحكومية، لتكون تلك الاستراتيجية إطارا مرجعيا لمعالجة قضايا القوى العاملة والتوظيف محليا، وفق أسس منهجية وعلمية متكاملة، ورؤية واضحة لتحقيق الأهداف المنشودة، كل ذلك خلال مدى زمني يمتد إلى 25 عاما (2020-2045)، يستغرق تنفيذ المرحلة الأولى منها عامين كاملين: تستهدف السيطرة على البطالة. ويستغرق تنفيذ المرحلة الثانية ثلاثة أعوام: تستهدف تخفيض معدل البطالة.
فيما يستغرق تنفيذ المرحلة الثالثة 20 عاما: تستهدف تحقيق ميزة تنافسية اعتمادا على الموارد المواطنة. الشاهد الأهم بالنسبة لما تقدم ذكره، أن جزءا كبيرا من السياسات اللازمة لتحقيق الأهداف للمراحل الثلاث السالفة أعلاه، ستراه يعتمد مرحلة بعد مرحلة بشكل أكبر على مساهمات الأطراف الأخرى "القطاع الخاص، الأجهزة الحكومية ذات العلاقة". ودون إطالة حول أهمية تلك الاستراتيجية للتوظيف، ارتكزت رؤية الاستراتيجية على توفير فرص عمل كافية من حيث العدد، وملائمة من حيث الأجر، تؤدي إلى توظيف كامل للموارد البشرية السعودية، وتحقق ميزة تنافسية للاقتصاد الوطني. مع الأسف؛ إن هذا الاستثناء الناجح المشار إليه أعلاه، سرعان ما غاب تماما عن أداء وزارة العمل لمهامها قبل نهاية 2010، لتدشن عوضا عنه عشرات البرامج الأخرى للتوطين، التي سرعان ما انكشف عدم جدواها، بل فشلها حتى قبل الموعد الذي تنبأت به "استراتيجية التوظيف السعودية"، وكثير من طروحات وآراء منتقدي تلك البرامج والسياسات آنذاك حتى تاريخه، والأعجب من ذلك كله، أن الاستراتيجية ذكرت بالتحديد النتائج المتوقعة لعدم العمل بها خلال تلك الفترة، وإليك هي بالتحديد، كما وردت في الفصل التاسع من الاستراتيجية (ص 172 ـــ ص 173)، ولك أن تقارنها إذا كنت متابعا عن قرب، لما عانت وتعانيه سوق العمل منذ 2013-2014 حتى تاريخه "تلك الفترة قبل نحو خمسة أعوام، التي شهدت بداية الارتفاع المتسارع للبطالة والاستقدام".
لقد توقعت الاستراتيجية بحال عدم العمل بها "جميعها حدث على أرض الواقع": (1) استمرار البطالة في الارتفاع. (2) استمرار أعداد العمالة في الازدياد. (3) استمرار هامشية العمالة السعودية في القطاع الخاص. (4) استمرار الانفصام بين التعليم والتدريب من جهة، وسوق العمل المحلية من جهة أخرى. وسبق الحديث مرارا وتكرارا طوال الأعوام الثمانية الماضية حول تلك الأخطاء الجوهرية التي لازمت برامج التوطين البديلة لتلك الاستراتيجية، والمخاطر المحتمل وقوعها في حال استمر الابتعاد عن استراتيجية التوظيف، ومع الأسف الشديد ها نحن نجني جميعا ما سبق أن حذرت منه "استراتيجية التوظيف السعودية" قبل أي طرف آخر.
قد تكون الخطوة الأولى والأهم بالنسبة للقيادة الجديدة لوزارة العمل، العودة إلى المربع الأول ممثلا في "استراتيجية التوظيف السعودية"، والعمل من جديد على إحيائها بالفعالية اللازمة، ودراسة ما إذا كانت في حاجة إلى إعادة تصميمها وفقا للمعطيات والمستجدات الراهنة دون الخروج عن الركائز الأساسية التي بُنيت عليها "الاستراتيجية"، وهي الخطوة اللازمة إذا ما علمنا أن التحديات الجسيمة على الاقتصاد والقطاع الخاص قد زادت كثيرا مقارنة بما كانت عليه قبل أكثر من ثمانية أعوام مضت، هذا عدا أن على وزارة العمل أن تواجه في الوقت الراهن النتائج العكسية، التي تولدت نتيجة الابتعاد عن تنفيذ "استراتيجية التوظيف السعودية"، في الوقت ذاته الذي تم الاعتماد طوال الأعوام الماضية على برامج توطين كانت أقل كفاءة وفعالية بكثير مما اقترحته "الاستراتيجية".
ختاما؛ أؤكد أن "استراتيجية التوظيف السعودية" أتت نتيجة دراسات بحثية عميقة جدا، ونتيجة حوارات ونقاشات طويلة جدا، ضمن مئات ورش العمل التي استغرقت نحو أربعة أعوام سبقت إقرار الاستراتيجية، جمعت وزارة العمل مع أغلبية ممثلي منشآت القطاع الخاص، إضافة إلى ممثلي الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وبعودة القيادة الراهنة لوزارة العمل إلى تلك "الاستراتيجية"، إذا ما أرادت، فلن تقف عند مجرد إعادة الاستثمار والاستفادة من جهود واسعة تم بذلها بخصوص أحد أكبر وأهم التحديات التنموية الراهنة "البطالة"، بل ستمثل أيضا توفيرا للوقت والمال والجهود، وفي الوقت ذاته إيقافا لنزيف النتائج العكسية التي ترتبت على الاعتماد غير الصحيح على برامج التوطين الراهنة! وإني لأرجو من الوزير الجديد لوزارة العمل، أن يمنح "استراتيجية التوظيف السعودية" فرصة دراستها وتقييمها من جديد، ومن ثم اتخاذ ما يراه مناسبا بناء على تلك الدراسة المستفيضة والمأمولة. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
سيكون على وزارة العمل بكوادرها الراهنة، أن تتجاوز عديدا من الأخطاء السابقة التي وقعت فيها قياداتها السابقة! لعل من أبرز تلك الأخطاء، الاعتقاد المبالغ فيه بأنها ستنجح وحيدة في معالجة البطالة، الذي على الرغم من اعتراف قيادات الوزارة طوال العقدين الماضيين بأنها فعلا ليست المسؤولة الوحيدة عن معالجة البطالة، إلا أن الممارسات والإجراءات والبرامج والسياسات الهادفة إلى التوطين، التي صدرت وأُقرت طوال العقدين الماضيين، كانت تنطلق وتتحرك على عكس ذلك الاعتراف من قبل الوزارة بواقع المشكلة!
الاستثناء الوحيد فيما تقدم ذكره؛ هو المشروع الأهم في تاريخ وزارة العمل، ممثلا في "استراتيجية التوظيف السعودية"، التي استغرق تصميمها وإعدادها نحو أربعة أعوام، بالتنسيق والتعاون المباشر مع القطاع الخاص وعدد من الأجهزة الحكومية، لتكون تلك الاستراتيجية إطارا مرجعيا لمعالجة قضايا القوى العاملة والتوظيف محليا، وفق أسس منهجية وعلمية متكاملة، ورؤية واضحة لتحقيق الأهداف المنشودة، كل ذلك خلال مدى زمني يمتد إلى 25 عاما (2020-2045)، يستغرق تنفيذ المرحلة الأولى منها عامين كاملين: تستهدف السيطرة على البطالة. ويستغرق تنفيذ المرحلة الثانية ثلاثة أعوام: تستهدف تخفيض معدل البطالة.
فيما يستغرق تنفيذ المرحلة الثالثة 20 عاما: تستهدف تحقيق ميزة تنافسية اعتمادا على الموارد المواطنة. الشاهد الأهم بالنسبة لما تقدم ذكره، أن جزءا كبيرا من السياسات اللازمة لتحقيق الأهداف للمراحل الثلاث السالفة أعلاه، ستراه يعتمد مرحلة بعد مرحلة بشكل أكبر على مساهمات الأطراف الأخرى "القطاع الخاص، الأجهزة الحكومية ذات العلاقة". ودون إطالة حول أهمية تلك الاستراتيجية للتوظيف، ارتكزت رؤية الاستراتيجية على توفير فرص عمل كافية من حيث العدد، وملائمة من حيث الأجر، تؤدي إلى توظيف كامل للموارد البشرية السعودية، وتحقق ميزة تنافسية للاقتصاد الوطني. مع الأسف؛ إن هذا الاستثناء الناجح المشار إليه أعلاه، سرعان ما غاب تماما عن أداء وزارة العمل لمهامها قبل نهاية 2010، لتدشن عوضا عنه عشرات البرامج الأخرى للتوطين، التي سرعان ما انكشف عدم جدواها، بل فشلها حتى قبل الموعد الذي تنبأت به "استراتيجية التوظيف السعودية"، وكثير من طروحات وآراء منتقدي تلك البرامج والسياسات آنذاك حتى تاريخه، والأعجب من ذلك كله، أن الاستراتيجية ذكرت بالتحديد النتائج المتوقعة لعدم العمل بها خلال تلك الفترة، وإليك هي بالتحديد، كما وردت في الفصل التاسع من الاستراتيجية (ص 172 ـــ ص 173)، ولك أن تقارنها إذا كنت متابعا عن قرب، لما عانت وتعانيه سوق العمل منذ 2013-2014 حتى تاريخه "تلك الفترة قبل نحو خمسة أعوام، التي شهدت بداية الارتفاع المتسارع للبطالة والاستقدام".
لقد توقعت الاستراتيجية بحال عدم العمل بها "جميعها حدث على أرض الواقع": (1) استمرار البطالة في الارتفاع. (2) استمرار أعداد العمالة في الازدياد. (3) استمرار هامشية العمالة السعودية في القطاع الخاص. (4) استمرار الانفصام بين التعليم والتدريب من جهة، وسوق العمل المحلية من جهة أخرى. وسبق الحديث مرارا وتكرارا طوال الأعوام الثمانية الماضية حول تلك الأخطاء الجوهرية التي لازمت برامج التوطين البديلة لتلك الاستراتيجية، والمخاطر المحتمل وقوعها في حال استمر الابتعاد عن استراتيجية التوظيف، ومع الأسف الشديد ها نحن نجني جميعا ما سبق أن حذرت منه "استراتيجية التوظيف السعودية" قبل أي طرف آخر.
قد تكون الخطوة الأولى والأهم بالنسبة للقيادة الجديدة لوزارة العمل، العودة إلى المربع الأول ممثلا في "استراتيجية التوظيف السعودية"، والعمل من جديد على إحيائها بالفعالية اللازمة، ودراسة ما إذا كانت في حاجة إلى إعادة تصميمها وفقا للمعطيات والمستجدات الراهنة دون الخروج عن الركائز الأساسية التي بُنيت عليها "الاستراتيجية"، وهي الخطوة اللازمة إذا ما علمنا أن التحديات الجسيمة على الاقتصاد والقطاع الخاص قد زادت كثيرا مقارنة بما كانت عليه قبل أكثر من ثمانية أعوام مضت، هذا عدا أن على وزارة العمل أن تواجه في الوقت الراهن النتائج العكسية، التي تولدت نتيجة الابتعاد عن تنفيذ "استراتيجية التوظيف السعودية"، في الوقت ذاته الذي تم الاعتماد طوال الأعوام الماضية على برامج توطين كانت أقل كفاءة وفعالية بكثير مما اقترحته "الاستراتيجية".
ختاما؛ أؤكد أن "استراتيجية التوظيف السعودية" أتت نتيجة دراسات بحثية عميقة جدا، ونتيجة حوارات ونقاشات طويلة جدا، ضمن مئات ورش العمل التي استغرقت نحو أربعة أعوام سبقت إقرار الاستراتيجية، جمعت وزارة العمل مع أغلبية ممثلي منشآت القطاع الخاص، إضافة إلى ممثلي الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وبعودة القيادة الراهنة لوزارة العمل إلى تلك "الاستراتيجية"، إذا ما أرادت، فلن تقف عند مجرد إعادة الاستثمار والاستفادة من جهود واسعة تم بذلها بخصوص أحد أكبر وأهم التحديات التنموية الراهنة "البطالة"، بل ستمثل أيضا توفيرا للوقت والمال والجهود، وفي الوقت ذاته إيقافا لنزيف النتائج العكسية التي ترتبت على الاعتماد غير الصحيح على برامج التوطين الراهنة! وإني لأرجو من الوزير الجديد لوزارة العمل، أن يمنح "استراتيجية التوظيف السعودية" فرصة دراستها وتقييمها من جديد، ومن ثم اتخاذ ما يراه مناسبا بناء على تلك الدراسة المستفيضة والمأمولة. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
نتمنى من وزير العمل ان يلم بمشكلة البطالة المتفاقمة عند الشباب ويعالج عزوف ارباب العمل عن توظيف أبناء الوطن
مشكلة عندما تقرأ لكاتب اقتصادي لا يوجد في مقالته سوى رقمان فقط ! كتابنا الافاضل نحتركم ونقدركم لكن نريد مزيدا من الاراء المبنية على دراسات او تحليل لبيانات احصائية موثقة لا مقالات انشائية.
المتواجد لدينا بطالة وظائف لا بطالة عمل هى بطالة إنتقائية نتيجة عزوف الشباب السعودى عن العمل المهنى والحرفى. بالمناسبة ال 7.7 مليون وافد اللذىن أشرت إليهم 90% منهم عمال حرفيين ومهنيين.لماذا لا نواجه الحقائق ونسمى الأشياء بأسمائها لنسأل أنفسنا أين ذهب خريجوا معاهد التدريب المهنى التى أنشأتها الدولة وأغدقت عليها بسخاء لأكثر من 40 عام هل راى أحدكم أى منهم !!!! ؟