يتعرض علم الاقتصاد لكثير من اللوم في تشخيص وتقديم سياسات ناجعة للتعامل مع التحديات العامة. بعض اللوم مستحق، ولكن في نظري، أن التحدي مضاعف حين يصل الموضوع إلى ميدان التنمية الاقتصادية Developmental Economics وخاصة في الدول النفطية التي استطاعت تحقيق مستوى دخل جيد للأغلبية دون حراك ديناميكي في سوق العمل. يأخذ هذا التحدي خصوصية أكثر حين يكون نحو 85 في المائة من المواطنين يعملون في القطاع العام، بينما نحو 85 في المائة من العاملين في القطاع الخاص من الوافدين. جاءت "الرؤية" وبرامج التحول الوطني لإحداث نقلة نوعية تنموياً واقتصادياً.
يتقاطع التحدي التنموي والاقتصادي في إدارة سوق العمل. لذلك، إحداث نقلة نوعية تنموية اقتصادية يمر من خلال إعادة ترتيب سوق العمل. التحدي في سوق العمل كبير، فهو أقرب إلى مشكلة من عدة أبعاد متحركة في الوقت نفسه، ولذلك لن تتم معالجته من خلال قرارات جزئية مهما بدت مقنعة وكثير منها يصب في الاتجاه الصحيح ولكن ينقصها الوعاء المؤسساتي: توجه حثيث ومتواصل نحو المنافسة بين المواطنين. من الأبعاد المهمة التعليم ومنها الهجرة الاقتصادية للمملكة وسياسة الرفاهية، وهناك أبعاد على مستوى آخر مثل الأجور ونسب المشاركة، وخاصة للإناث، وساعات العمل والتحويلات المالية.
لن تستطيع قرارات جزئية تفكيك هذه الأبعاد لأنها سرعان ما تحتك ببعض من ناحية وتربك السياسات الاقتصادية الكلية والجزئية من ناحية أخرى. أحد متطلبات التنمية يأتي في رفع نطاق سعة الأجهزة العامة والخاصة في المملكة من ناحية ورفع الكفاءة المهارية لدى الأغلبية من المواطنين وتدرج منتظم في الأدوار والحصص من المكافآت المالية. مبدئيا قد يكون من المستحسن أن تستمر فاتورة الأجور عالية للمحافظة على مستوى الطلب العام في الاقتصاد، ولكن توزيعها سيكون مختلفاً طبقاً لاستحقاقات المنافسة. الجرعة التنافسية كفيلة بإعادة الاصطفاف البشري والعمالي تكنوقراطياً ومهارياً.
الخطوات العملية الأولى تتطلب تقليص نسبة المقبولين في الجامعات والبعثات إلى أقل من نصف خريجي الثانوية العامة؛ ما سيوفر أعداداً أكبر للتعليم الفني، وبالتالي ترتفع الكفاءة والمنافسة في التعليم الفني. ارتفاع مستوى المنافسة يقود إلى فرز أفضل وارتقاء في الجودة وتهيئة أعلى للمواهب والإبداع وإعداد طبقة تكنوقراطية وسطى قديرة تستطيع إعطاء الوزراء فرصة أوسع للتعامل مع السياسات العامة. تمكين العنصر البشري يرفع مستوى الإنتاجية ويجعلها في مواءمة مع النمو الاقتصادي الطبيعي الأقل حساسية مع التذبذب في أسعار النفط والمصروفات العامة. حين يكون البُعد المؤسساتي هو البوصلة ستنخفض تكاليف البرامج العمالية الكبيرة والكثيرة، إذ ستجد أجور القطاع الخاص نقطة توازن جديدة. ولكن حتى البُعد المؤسساتي لن يكفي دون حماية للمواطن العامل من المنافسة الخارجية. التنافس داخلياً سيمكننا من المنافسة خارجياً.
نقلا عن الاقتصادية
يتقاطع التحدي التنموي والاقتصادي في إدارة سوق العمل. لذلك، إحداث نقلة نوعية تنموية اقتصادية يمر من خلال إعادة ترتيب سوق العمل. التحدي في سوق العمل كبير، فهو أقرب إلى مشكلة من عدة أبعاد متحركة في الوقت نفسه، ولذلك لن تتم معالجته من خلال قرارات جزئية مهما بدت مقنعة وكثير منها يصب في الاتجاه الصحيح ولكن ينقصها الوعاء المؤسساتي: توجه حثيث ومتواصل نحو المنافسة بين المواطنين. من الأبعاد المهمة التعليم ومنها الهجرة الاقتصادية للمملكة وسياسة الرفاهية، وهناك أبعاد على مستوى آخر مثل الأجور ونسب المشاركة، وخاصة للإناث، وساعات العمل والتحويلات المالية.
لن تستطيع قرارات جزئية تفكيك هذه الأبعاد لأنها سرعان ما تحتك ببعض من ناحية وتربك السياسات الاقتصادية الكلية والجزئية من ناحية أخرى. أحد متطلبات التنمية يأتي في رفع نطاق سعة الأجهزة العامة والخاصة في المملكة من ناحية ورفع الكفاءة المهارية لدى الأغلبية من المواطنين وتدرج منتظم في الأدوار والحصص من المكافآت المالية. مبدئيا قد يكون من المستحسن أن تستمر فاتورة الأجور عالية للمحافظة على مستوى الطلب العام في الاقتصاد، ولكن توزيعها سيكون مختلفاً طبقاً لاستحقاقات المنافسة. الجرعة التنافسية كفيلة بإعادة الاصطفاف البشري والعمالي تكنوقراطياً ومهارياً.
الخطوات العملية الأولى تتطلب تقليص نسبة المقبولين في الجامعات والبعثات إلى أقل من نصف خريجي الثانوية العامة؛ ما سيوفر أعداداً أكبر للتعليم الفني، وبالتالي ترتفع الكفاءة والمنافسة في التعليم الفني. ارتفاع مستوى المنافسة يقود إلى فرز أفضل وارتقاء في الجودة وتهيئة أعلى للمواهب والإبداع وإعداد طبقة تكنوقراطية وسطى قديرة تستطيع إعطاء الوزراء فرصة أوسع للتعامل مع السياسات العامة. تمكين العنصر البشري يرفع مستوى الإنتاجية ويجعلها في مواءمة مع النمو الاقتصادي الطبيعي الأقل حساسية مع التذبذب في أسعار النفط والمصروفات العامة. حين يكون البُعد المؤسساتي هو البوصلة ستنخفض تكاليف البرامج العمالية الكبيرة والكثيرة، إذ ستجد أجور القطاع الخاص نقطة توازن جديدة. ولكن حتى البُعد المؤسساتي لن يكفي دون حماية للمواطن العامل من المنافسة الخارجية. التنافس داخلياً سيمكننا من المنافسة خارجياً.
نقلا عن الاقتصادية