أنفقت السيدة زبيدة أموالها وباعت كامل مجوهراتها لتوفر لحجاج بيت الله الحرام الماء في طريق الحج وفي المشاعر، وقد كان كثير من الحجاج آنذاك يهلكون من العطش، وقد تمّ تنفيذ تلك العين الشهيرة بدقة عجيبة ومهارة هندسية متقدمة، إذ حُوِّل إليها عدة (مسايل - سيول) ومُدَّ معها قنوات حجرية تصل كل المشاعر المقدسة في مكة المكرمة، وتسقي الحجاج في مهالك الصحراء.
وقد أنشأ مُوحِّد المملكة والمؤسس العبقري الملك عبدالعزيز آل سعود -طيّب الله ثراه- إدارة خاصة تُشرف بشكل كامل على (عين زبيدة) العام 1346هـ، فضلاً عن توفير المؤسس الماء والطعام لحجاج بيت الله الحرام، وقام أنجاله الكرام من ملوك آل سعود بخدمة الحرمين الشريفين وراحة الحجاج والمعتمرين بشكل لم يُسبق في التاريخ، من توفير الأمن الأمان والماء والطعام والراحة وسهولة الوصول وتيسير أداء المناسك، كما أوقفوا مشروعات ضخمة لهذا العمل الخيري العظيم، حتى صار الحج في هذا العهد الزاهر مُيسّرا بشكل لم يسبق له مثيل..
وزبيدة هي ابنة الملك الصارم المنصور، وزوجة الملك الحازم الرشيد (الذي حاول الفرس تشويه سمعته زوراً وبهتاناً، فالتاريخ يُثبت أنه كان يحج عاماً ويغزو عاماً، والحج والجهاد يتمان جهاراً نهاراً بشهادة الألوف، أما مزاعم الفرس عمّا يدور في قصور الرشيد فهي من خرافات ألف ليلة..
الشاهد أن الأوقاف الإسلامية العظيمة خدمت الناس قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، وحفظها المجتمع الإسلامي على مرّ العصور، فعثمان بن عفان رضي الله عنه من (مؤسسي جبل عمر) وقد كتبت عن ذلك مطولاً في الرياض (وقف الخليفة عثمان بن عفان في شركة جبل عمر! http://www.alriyadh.com/303326) وقبله أوقف الرسول صلى له عليه وسلم المسجد النبوي ومسجد قباء والبستانين السبعة، وأوقف عمر رضي الله عنه أرضه بخيبر وهي خير ماله آنذاك، وكذلك فعل أصحابه والتابعون ومن جاء بعدهم من أثرياء المسلمين حتى الفقراء كان لهم نصيب من الوقف ولو على (سراج المسجد) كما ورد في وصايا أهل نجد زمن الفقر..
إن للوقف الإسلامي آثاراً بالغة في نفع الناس، ودعم الاقتصاد، ومساندة الدولة وإعانتها على الخير..
ومما يُؤسف له أن كثيرين في الزمن الأخير جنحوا إلى أن يكون ريع أوقافهم مجرد (ضحايا) وهي الآن قليلة الفائدة جداً في عيد الأضحى الذي تتوافر اللحوم فيه بشكل هائل..
رحم الله السيدة زبيدة فقد ذهبت وبقيت عينها شاهدة على ما فعلت من خير، وفي الحديث الشريف (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
نقلا عن الرياض
مقال في وقته من كاتب موسوعي متمكن
سقيا الماء من أفضل القربات وفروع للعمال والطيور في الصيف .. رحم الله زبيدة بقي وقفها قرونا يسقي الحجاج والمعتمرين والمسافرين ووقتها كان الماء نادر جدا
تصحيح - وفروا الماء للعمال خاصة عمال النظافة ومن يشتغلون في الشمس ، فيه اجر عظيم
ماذكرته عن الرشيد يستحق الإطالة لأنه خليفة مظلوم، أما عين زبيدة فهي مفخرة للأوقات الإسلامية الله يزيد الأوقاف التي تنفع الضعوف ولا يذهب ريعها للأولاد الأثرياء أصلاً