اختتم النفط أداءه الأسبوعي مرتفعاً في الأسبوع العشرين من السنة ويعتبر سادس أسبوع من الارتفاعات المتواصلة. يواصل النفط بذلك رحلته التصاعدية منذ يناير 2017 مدعوماً بتوقعات سعرية إيجابية ونمو جيد للطلب العالمي خلال المستقبل القريب والمتوسط إلا أن ثمة تحركات جوهرية جعلت من الأسبوع العشرين يشهد العديد من الإشارات المهمة.
لعل أهم الإشارات من ناحية الاقتصاد الكلي هو أداء الدولار الأميركي الذي ظل متصاعداً خلال ثلاثة أسابيع مضت مع نمو إيجابي للاقتصاد العالمي ككل خلال الأشهر الماضية. لكن يظل الدولار الأميركي منخفضاً نسبياً حتى مع ارتفاعه الأسبوعي مقارنة بنفس الموسم من العام الماضي 2017. النفط والذي يتحرك بعلاقة عكسية في غالب المرات مع الدولار الأميركي قاوم تحركات الدولار ولكن كان له أثر في التذبذبات المصاحبة لتداولات السوق. الأسواق الناشئة تشكل أكبر كتلة من زبائن النفط الخام بوجود الصين والهند من ضمنها. أي ارتفاع في قيمة الدولار قد يشكل خطراً في مخزونات العملات الخارجية لهذه الدول وهو ما قد ينذر بقدرة استمرار الدول الناشئة بشراء كميات النفط بنفس الزخم الحالي.
أساسيات أسواق النفط تظل قوية بفعل تقارب العرض والطلب مع تقلص شديد أو اختفاء لما كان يسمى بتخمة المعروض سابقاً. أما هيكلية الأسعار النفطية والتي غلب عليها وضعية الباكورديشن فقد ظلت محل تغيرات موسعة خلال الأسبوع. ومما يتضح أيضاً هو أن هذه التغيرات واكبت تغيرات مصاحبة في أسواق المال ككل مما يعني أن الصناديق الاستثمارية وصناديق التحوط الكبيرة كانت تأخذ مواقع جديدة إما للتأثير أو للاستفادة من التوقعات المستقبلية لأسعار النفط. هذه التوقعات جاءت في معظمها مدعومة بمعنويات السوق في ظل التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وغرب أفريقيا وأميركا اللاتينية. يظل خام برنت في وضعية الباكورديشن إلا أن خام غرب تكساس تحول إلى وضع الكونتانغو وهو ما يفسر استمرار التخمة لخام غرب تكساس. المضاربون قاموا بتقليص مواقعهم في سوق الآجل للأسبوع الثالث على التوالي وهو ما أبرز هذا التغير الهيكلي في الأسعار. من هنا يبدو أن استراتيجيات المضاربين أصبحت تبحث عن حصة أكبر لتحديد الأسعار وهو ما لم يكن ممكناً خلال الأشهر الماضية بفعل التذبذبات المحدودة للأسعار.
التوسع السعري لصالح برنت على خام غرب تكساس يؤيد ارتفاعاً نسبياً في المستقبل القريب ولكن التغيرات الهيكلية التي قد تحدث لخام برنت كفيل بتغيير المسار الصاعد. أما بالنظر للخامات القياسية الأخرى مثل الأورال الروسي و بوني لايت الأفريقي فإن تقاربها أكثر مع خام برنت يظل محكوماً بظروف الإمداد.
نقلا عن الرياض