في الماضي كان هناك غياب للعمل الجماعي واجتهاد فردي من كل جهة في الإعلان عن إحصائياتها، ولذلك كانت الحاجة لوجود هيئة محايدة ومستقلة للإعلان عن الإحصاءات سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية وبكل شفافية، واليوم نجد نقلة نوعية كبيرة لا يمكن إنكارها منذ تحول مصلحة الإحصاءات العامة إلى هيئة عامة، ومنذ بداية عملها أصدرت العديد من التقارير والنشرات والمسوح المتنوعة اقتصاديًا واجتماعيًا وبشكل دوري، وكانت نتائج تلك الإصدارات مهمة لمعرفة التطورات والإصلاحات الاقتصادية الأخيرة تماشيًا مع رؤية المملكة 2030.
قبل فترة قريبة أصدرت الهيئة العامة للإحصاء «مسح التوظف والأجور» لعام 2017م، وتعتبر إحصاءات التوظف والأجور وساعات العمل من الإحصاءات المهمة باعتبارها إحدى الوسائل الضرورية لتقييم مستويات الأجور وظروف العمل للمشتغلين في المملكة، وستسهل من استخدام بياناتها لأغراض المقارنات المحلية والإقليمية والدولية، ولها دور كبير في دعم صناع القرار والمخططين لسوق العمل في المملكة، بالإضافة للفائدة الكبيرة التي سيستفيد منها الباحثون والمهتمون في تنمية الثروة البشرية السعودية.
تصفحت المسح لأكثر من مرة ولفت انتباهي العديد من التساؤلات عن أرقام غريبة جدا شملها المسح، وكوجهة نظر شخصية أتوقع وجود أخطاء فيه ومن المهم أن يتم توضيحها، فعلى سبيل المثال من الأرقام الملفتة في أحد الجداول كان متوسط أجر المشتغلين السعوديين في «قطاع الصناعة للمنشآت متناهية الصغر والتي لا يتجاوز عدد موظفيها 5 موظفين»، حيث أشارت النشرة إلى أن متوسط أجورهم يبلغ «24,224 ريالًا»، وهذا الرقم يعتبر مبالغًا فيه بشكل كبير خاصة مع التغيرات الاقتصادية التي مر بها سوق العمل السعودي في عام 2017م، ومن الأرقام الأخرى الملفتة في المسح كان إجمالي المشتغلين في نشاط «الفنون والترفيه والتسلية» بالمنشآت الكبيرة التي يتجاوز عدد موظفيها «250 موظفًا»، حيث أشارت النشرة إلى أنه لا يوجد أي مشتغلين سعوديين وغير سعوديين في هذا الحجم من المنشآت في نفس القطاع، بالمقابل أشارت الهيئة في أحد الجداول إلى أن متوسط أجور المشتغلين السعوديين فيه «4,780 ريالًا» وغير سعوديين «1,770 ريالًا».
مثل هذه التساؤلات ستتكرر في أي نشرة أو مسح يتم الإعلان عنه، وكوجهة نظر شخصية أراها من الجانب الإيجابي؛ كونها ستساعد الهيئة في نشر ثقافة العمل الإحصائي للمجتمع بالإضافة لإيجابيتها في تطوير النشرات والمسوح المستقبلية للهيئة، وما أتمناه أن تقوم الهيئة بجمع التساؤلات الموجهة لها بعد كل نشرة أو مسح، والعمل على توضيحها في الموقع الإلكتروني الرسمي للهيئة مما سينعكس على تحقيق أهداف المنتجات الإحصائية بشكل أكبر.
كلما كانت لدينا إحصاءات دقيقة وتفصيلية للوقت السابق والحالي فإننا سنسهل من تجاوز أو تحسين مؤشرات أداء أي مشكلة اقتصادية أو اجتماعية، وستكون الصورة أوضح للمختصين عند وضع خطط وحلول فعالة لتلك المشكلة، وكلما كانت تلك الأرقام والإحصاءات مدققة ومحدثة فهذا يعني مرونة التنبؤ بالوضع الاقتصادي في المستقبل لتحقيق تطور مستدام من خلال الإصلاحات التي سيتم تطبيقها، وأنا لا أقصد التقليل من الجهود المميزة التي تقوم عليها الهيئة، ولكن أتمنى أن تكون للهيئة جلسات مفتوحة مع المختصين في المناطق الرئيسية للمملكة مع كل مسح أو نشرة وتقرير يتم إصداره، وعدم قصر ذلك على المركزية في العاصمة «الرياض»، وبذلك سيكون للهيئة شركاء لتطوير مخرجاتهم مستقبلًا.
ختامًا: لا يسعني إلا أن أشكر القائمين على الهيئة لجهودهم المبذولة والواضحة للجميع، وأطمح منهم المزيد خاصة في عملية التواصل مع المختصين بعد الإعلان عن المنتجات والإحصاءات الحديثة على مستوى المناطق الرئيسية وعدم قصر ذلك على المركزية في العاصمة فقط.
نقلا عن اليوم
يقولون لغة الارقام لا تكذب ولذلك تعتمد كثير من الدول على المؤشرات والارقام الاحصائية لبناء خططها وتغيير إستراتيجياتها عند الضرورة وهي مهمة جداً اذا أردنا تفعيل الاستثمار الاجنبي الذي يعتمد على دقة ومصداقية هذه الاحصائيات لزيادة إستثماراته أو تخفيضها أو الهروب برأس المال اذا كان هناك تلاعب بها و للأسف بعض الاحصائيات الاخيرة تم التلاعب بأرقامها كما رأيت وتابعت بنفسي وخصوصاً اذا كان الموضوع يتعلق بالتنمية في مناطق المملكة المختلفة فهناك من يتلاعب فيها أو يظهر أرقاماً ليست واقعية لتبرير التنمية في قطاع أو المبالغ المصروفة على مناطق دون إخرى في المملكة