تحولت الطاقة في المملكة إلى مسألة مهمة جداً، وأصبحت تحتل حيزاً لا يستهان به من اهتمام المتخصصين والعامة على حد سواء، وذلك لسببين أساسيين، الأول هو ارتفاع تكاليف الطاقة بالنسبة للمواطن السعودي من كهرباء ومحروقات عما كان من قبل، والثاني التكاليف الكبيرة لإنتاج الطاقة على الدولة وتحميلها فروقات الأسعار، ولأن السبب الأول مغطى وأمر معروف للجميع، فسوف أستعرض السبب الثاني، حيث تعتبر المملكة الدولة الأكبر في العالم في نسبة استخدام الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء مع الكويت، ويصل نصيب النفط نحو 50% وبقية النسبة 50% تأتي من الغاز، فيما تعتمد معظم بلدان العالم على سلة متوازنة، يمثل الغاز والنفط النسبة الأقل في مكوناتها بما في ذلك الدول النفطية، كما ذكرت في مقال الأمس، وأضيف إلى ذلك أن إندونيسيا مثلاً لا يمثل نصيب الوقود الأحفوري من إنتاج الطاقة سوى 35.9% (24.6% غاز+11.3% نفط)، رغم كونها دولة مصدرة للنفط، والحال ينطبق على بريطانيا الذي لا يشكل الغاز سوى 30%، فيما ينخفض نصيب النفط إلى (0%) في حين أن أمريكا وروسيا وهما الدولتان الكبيرتان في إنتاج النفط والغاز لا يتجاوز نصيب الأولى من النفط 5.9% والغاز 26.9%، فيما لا يتجاوز نصيب الثانية من النفط والغاز مجتمعين 52%.
والمفارقة هنا أن دولة نفطية مثل النرويج، والتي تمتلك أكبر صندوق سيادي في العالم جراء إنتاج النفط، يبلغ نصيب الغاز في إنتاج الطاقة 0% والنفط لا يتجاوز 1.8% فقط، وبقية النسبة 98.2% يتم تأمينها من المصادر الأخرى المتجددة.
ليس هذا فحسب، بل إن هناك دولاً أخرى في العالم احتفلت بوصول نسبة الوقود الأحفوري النفط إلى صفر مئوي لاعتمادها بالكامل وبنسبة 100% على الموارد المتجددة وآخرها الأورجواي، حتى الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري قللت من نصيب النفط وزادت من نسبة الغاز، ففي الإمارات وعمان وصل نصيب الغاز إلى ما يوازي 98% إلا أن قطاع الكهرباء في المملكة عاكس التيار، حيث زاد الاعتماد على النفط على حساب الغاز في السنوات الأخيرة، وسوف أستعرض في مقال آخر موضوع النفط والغاز كمكونين أساسيين وحصريين في إنتاج الكهرباء وتكاليف كل منهما، وكيف يمكن احتساب تسعير الغاز على أساس المليون وحدة حرارية مقارنة باستخدام النفط.
نقلا عن عكاظ