مستقبل البطالة!

03/04/2018 0
حسين شبكشي

مستقبل البطالة في خطر شديد. جملة مضحكة في ظاهرها وغير مفهومة. سوق العمل عن بكرة أبيها مهددة. هناك حراك ثوري يحدث في العالم بأسره يهدد النمط التقليدي للتعليم ثم التوظيف. نهج سارت عليه الشعوب والأمم تقلد بعضها البعض حتى بات هذا النموذج المجرب والآمن للأعمال مهدداً بالاستمرار والتواصل.

طفرة التنمية، ونمو قدرات الإنسان الآلي، وتطور عناصر وأدوات الذكاء الصناعي، ونهم الشركات العالمية الكبرى خلف التوفير ورفع كفاءة الإنتاج وتحسين فعاليته؛ حولت ساحات الأعمال إلى مقبرة للوظائف الواحدة تلو الأخرى، حتى تحولت الكثير من الشهادات والتخصصات الجامعية إلى حبر على ورق ولا قيمة ولا معنى حقيقي لها.

أيضاً مهن كثيرة انقرضت وتحولت إلى أساطير الأولين. البطالة مرشحة وبقوة لأن تتضاعف معدلاتها إذا ما استمرت الاقتصاديات على نهجها التقليدي، ولذلك لا بد من إدخال الاقتصاد الخدمي الذي يعتمد فيه على العنصر البشري واللمسة الإنسانية المدربة والمؤهلة والتي لا يمكن إبدالها. نطاقات ومجالات مثل الصحة والتعليم والتدريب والترفيه والسياحة والتأهيل وغير ذلك من المجالات الشبيهة، لم يعد فيها إمكانية للتوظيف البشري بأعداد مهمة، ومجالات مثل التصنيع والصيانة والتعبئة وغيرها كلها اليوم باتت تعتمد على تقنيات ذكية وشديدة الفعالية.

شركة أديداس للملابس والمعدات والأدوات الرياضية استحدثت تقنية آلية بذكاء صناعي عالي الجودة بإمكانها أن تصنع حذاء رياضياً كاملاً من دون الاحتياج إلى تدخل بشري على الإطلاق، وهذه ستكون «ثورة» صناعية واقتصادية وأخلاقية على سبيل المثال لشركات الملابس والأحذية الرياضية التي تطالها الملاحقات القضائية من منظمات العمل الدولية وحقوق الإنسان لإقامتها ورش عمل في دول آسيا وأفريقيا من دولة إلى أخرى لإنتاج الحذاء الرياضي الأقل تكلفة، ولتحقيق أعلى الأرباح كعوائد في المقابل، وما ينطبق على الحذاء الرياضي وتقنية تصنيعه الآلية الذكية المنخفضة التكلفة العالية الفعالية حتماً ينطبق على غيره من المجالات، وبالتالي سيكون الحديث ضرورياً عن مستقبل البطالة.

حجم الكارثة التي نحن أمامها عظيم حول العالم؛ أعداد المقبلين على سوق العمل في ازدياد، وتحديات التقنية ومتطلبات التكلفة المتدنية مستمرة وهما ضدان لا يلتقيان وكل يضغط على الآخر.

التعليم مطالب بإحداث تغيير جذري في هيكلة التخصصات وبدئها من أعمار صغيرة، وهو ما نجحت فيه فنلندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا على سبيل المثال، جميعهم قاموا بإعادة هيكلة لنظام التعليم الأولي بشكل لم يعد يشبه أي شيء حوله، وأدخلوا الشركات في صياغة المناهج حتى يتواكب المخرج مع الاحتياج الحقيقي لسوق العمل.

مستقبل البطالة كما نعرفه اليوم سيشهد تغيراً ثورياً لأن علاماته وإشاراته حولنا. وظائف تنقرض أمام أعيننا، وكالة السياحة، صراف بنك، مندوب تخليص حكومي، مخلّص جمركي، وقريباً سيلحقهم آخرون.

جرس الإنذار يدق حول العالم.... البطالة المستوحشة قادمة.

 

نقلا عن الشرق الأوسط