منذ أن تولى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رئاسة مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة PIF (الذراع الاستثماري) للحكومة السعودية، والصندوق يشهد تطوراً ملموساً في الأداء الاستثماري من خلال العمل على تطوير محفظة استثمارية تتألف من استثمارات محلية ودولية مميزة في عدّة قطاعات وأصناف من الأصول وعلى امتداد جغرافي واسع.
وبصدور قرار مجلس الوزراء رقم (270) المتضمن ربط الصندوق بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومنحه صلاحيات أعم، تَمكن الصندوق من الإسهام الفعّال في تنمية الاقتصاد المحلي وتوسيع محفظته في الأصول الدولية والقطاعات والأسواق العالمية من خلال تكوين شراكات استراتيجية وإطلاق مبادرات كبرى. وخلال السنوات الثلاث الماضية تَمكن الصندوق من تحقيق أهدافه بكفاءة عالية، وتعظيم عائدات استثمارية مستدامة على الاقتصاد الوطني، وبما ينسجم مع الأهداف الطموحة التي تتوخاها رؤية 2030.
ومن بين أبرز الاستثمارات المحلية للصندوق، مشروع نيوم، ومشروع البحر الأحمر، ومشروع القدية، هذا بالإضافة إلى تأسيس 9 شركات في قطاعات اقتصادية واستثمارية واعدة، من بينها الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وصندوق الصناديق، والشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري.
قد يتساءل البعض، هل الحكومة السعودية أصبحت من خلال ذراعها الاستثماري منافساً قوياً للقطاع الخاص بتوسعها الأخير في استثمارات محلية ودولية عملاقة ومحاولاتها بأن يصبح الصندوق من بين أحد أكبر الصناديق الحكومية السيادية على مستوى العالم؟
والتساؤل الآخر الذي يُلوح بالآفق، هو هل سيكون للقطاع الخاص السعودي دور اساسي ومحوري يلعبه في هذه المشروعات العملاقة أم سيكون دوره مجرد متفرجاً فقط لا غير؟
في تصوري أن الحكومة السعودية من خلال ذراعها الاستثماري (صندوق الاستثمارت العامة)، لا تهدف بأن تكون منافساً للقطاع الخاص أو حتى مزاحماً له في أعماله، ولكن في الوقت نفسه تدرك أن طبيعة مشروعات الصندوق سواء المحلية أم الدولية، نوعية وتتطلب لحجم استثمارات ورؤوس أموال ضخمة للغاية، لا سيما وأن بعضها عابر للحدود مثل مشروع نيوم، الذي يضم أراضي داخل الحدود المصرية والأردنية. كما أن البعض منها يعتمد على استخدام تقنيات حديثة ومتطورة للغاية، مثل الذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والخلايا الجذعية، والجينات، والروبوتات وغيرها من التقنيات، التي تتصف بطبيعة استثمار عالٍ المخاطر High Risk وفترة استرداد طويلة الأجل Payback Period، مثل الاستثمار في رأس المال الجريء Venture Capital، التي قد لا يكون القطاع الخاص جاهزاً في الوقت الحاضر للاستثمار فيها بشكل مباشر. ولكن هذا لا يعني بأن لن يكون له دور في تلك المشروعات التي تقع ضمن اختصاصاته الفنية وإمكاناته المالية وقدراته التنفيذية.
نقلا عن الرياض